أركان الوقف


أركان الوقف

اركان الوقف


نصت المادة 3 من مدونة الأوقاف أنه: "أركان الوقف أربعة وهي: الواقف، والموقوف عليه، والمال الموقوف، والصيغة". وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نخصص الأول لطرفا العقد: الواقف والموقوف عليه، على أن نتناول في المطلب الثاني محل العقد، أي الموقوف، والصيغة.

المطلب الأول: طرفا الوقف  

طرفا الوقف هما :الواقف (الفقرة الأولى) و الموقوف عليه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الواقف

الواقف أو المحبس هو الذي يملك الشيء الموقوف، و يعطي منفعته للمحبس عليه لينتفع بها،  وطبقا للمادة 4 من مدونة الأوقاف فالواقف قد يكون شخصا ذاتيا، كما يمكن أن يكون شخصا اعتباريا ما لم يكن غرضه غير مشروع.

ومع أن إرادة الواقف محترمة في الوقف إلا أنها مقيدة بعدة أحكام التي تفترض في الواقف جملة من الشروط حتى ينعقد تصرفه ويكون نافذا في حق الغير.

وبالرجوع إلى المادة 5 من المدونة وباستقراء المادتين 6 و10 يتضح أن هناك نوعين من الشروط، شروط الصحة (أولا) وشروط النفاذ (ثانيا).

أولا: شروط الصحة

تتمثل هذه الشروط في أهلية التبرع، وملكية المال الموقوف ملكية تامة وشرطا تقتضيه القواعد العامة يتمثل في سلامة إرادة الواقف من عيوب الرضاء.


1: أهلية التبرع

مفاد هذا الشرط أن المشرع يشترط في الواقف أن يكون كامل الأهلية، ومن ثمة ينبغي أن يكون راشدا ولا يكون قد طرأ على أهليتة من العوارض ما يفضي إلى انعدمها كالجنون أو نقصانها كالسفه والعته.

إلا أنه إذا تعلق الأمر بـ "الوصية بالوقف"، فإنه لا مجال لاشتراط خلو الواقف فيها من عارضي السفه والعته تحديدا، حيث نصت المادة 279 من مدونة الأسرة: "تصح الوصية من المجنون حال إفاقته ومن السفيه والمعتوه".

وتجدر الإشارة أنه يجوز للواقف أن يبرم عقد الواقف عن طريق الوكالة إلا أنه ما دام الوقف من التبرعات فإنه يحتاج إلى توكيل خاص وهذا ما نصت عليه المادة 7 من المدونة أنه: "يجوز التوكيل في إنشاء الوقف على أن يكون بوكالة خاصة".

2: ملكية المال الموقوف ملكية تامة

مفاد هذا الشرط أن الواقف يشترط فيه أن يكون مالكا للشيء المراد وقفه ملكية تامة، إذ تجتمع فيها عناصر، الاستعمال والاستغلال والتصرف أي أن الواقف يملك الرقية والمنفعة. وفي هذه الحالة له أن يستعمل وأن يستغل وأن يتصرف في ملكه بمختلف أنواع التصرف بما في ذلك التصرفات التبرعية كالوقف.

والتساؤل الذي يطرح في هذا الصدد، هل يجوز وقف المال المشاع؟ 

بالرجوع إلى الفصل 973 من ق ل ع نجده ينص أنه "لكل مالك على الشياع حصة شائعة في ملكية الشيء المشاع وفي غلته، وله أن يبيع هذه الحصة... وأن يتصرف فيها بأي وجه آخر، سواء أكان تصرفه هذا المقابل أو تبرعا". مما يفيد معه جواز وقف المال المشاع. لكن هذا قد يبدو عاديا إذا كان يقبل المال المشاع القسمة، بينما الأمر على خلاف ذلك في حالة تعذر قسمتة بحكم طبيعته، وهنا وأمام فراغ النص نرجع إلى الفقه المالكي بمقتضى الإحالة الواردة في المادة 169. لنجد أنه لا يجوز للمالك أن يحبس نصيبه إلا إذا حصل على إذن من شريكه بذلك فإن حبس نصيبه من غير استئذان شريكه أو بالرغم من رفضه، فإن من الفقهاء من يرى أن هذا الحبس باطل لما فيه من الإضرار بالشريك، ومنهم من يرى أنه حبس صحيح ويخير الشريك حينئذ بين ثلاثة حلول:

  • إما أن يبقى شريكا على الشياع مع الأوقاف.

  • وإما أن يطلب بيع الجزء الموقوف وحده ويجعل ثمنه في وقف آخر.

  • وإما أن يخرج من الشركة عن طريق بيع ذلك المال المشاع كله وتوزيع ثمنه، ويجعل ثمن النصيب الموقوف في وقف آخر مماثل للجهة التي حبس عليها ذلك النصيب.

ومن الآثار التي تترتب أيضا على شرط الملكية ما نصت عليه المادة 8 من المدونة: "وقف النائب الشرعي مال محجوره باطل"، وهذا طبيعي لأنه طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في مدونة الأسرة، أي تصرف يكون ضارا بناقص أو عديم الأهلية يقع تحت طائلة البطلان.

كما تعرضت المادة 9 لوقف الفضولي، إذ يقع مبدئيا باطلا، إلا إذا أجازه مالك المال الموقوف، شريطة استيفاء جميع أركان الوقف وشروطه.

3: سلامة إرادة الواقف من عيوب الرضاء

تتوقف صحة عقد الوقف طبقا للأحكام العامة لنظرية العقد على خلو إرادة الواقف من عيوب الرضاء، من غلط أو إكراه أو تدليس، أما الغبن فلا يتصور إلا في المعاوضات، وهذه العيوب تجعل عقد الوقف قابلا للإبطال وليس باطلا.

وحيث إن الواقف هو من يمكنه ادعاء الغلط أو الإكراه أو التدليس فإن عبء إثبات ذلك يقع عليه.

ثانيا: شروط النفاد

كما سبقت الإشارة إلى ذلك، نصت على هذه الشروط المادتين 6 و10 من مدونة الأوقاف وتتمثل في عدم إحاطة الديون بمال الواقف (1) وألا يكون الواقف مريضا مرض الموت (2).

 2- وقف من أحاطت الديون بماله

تنص المادة 10 من المدونة أنه: "إذا استغرق الدين جميع مال الواقف وقت التحبيس أو قبل حوز المال الموقوف بطل الوقف ما لم يجزه الدائنون" وتفسير ذلك أن المشرع يعتبر بأن أموال المدين ضمان عام لدائنيه (طبقا للفصل 1241 من ق ل ع) لذا تمنع جميع تبرعاته من وقف وهبة وغيرهما وذلك حتى لا يضر بدائنيه.

ويكون الدين قد أحاط بمال المدين إذا زادت عليه أو ساوته، يجب طبقا للمادة أعلاه حتى يقع الوقف باطلا أن يقع الإعسار وقت التحبيس أو قبل حوز الموقوف وإلا كان الوقف صحيحا، كما يقع صحيحا أيضا إذا أجازه الدائنون طبقا لنفس المادة.

2: ألا يكون الواقف مريضا مرض الموت

طبقا للمادة 6 من المدونة، فإنه بالنسبة لوقف المريض مرض الموت يقع لازما، ويعطى حكم الوصية، مما ينبغي معه التمييز بين ما إذا كان الوقف على الغير حيث يقع صحيحا في حدود ثلث التركة، وبين ما إذا كان الوقف على وارث لا يصح إلا إذا أجازه الورثة. وتجدر الإشارة أيضا أنه ما زاد على الثلث يتوقف على إمضاء الورثة فإذا أجازوه مضى أيضا وإذا ردوه بطل التحبيس في ذلك الزائد على الثلث و أصبح ميراثا

الفقرة  الثانية: الموقوف عليه

الموقوف عليه حسب المادة 11 من مدونة الأوقاف، هو كل ما جاز صرف منفعة المال الموقوف لفائدته، أي المستفيد من منافع الوقف سواء كان جهة بر وإحسان ومعناه إطلاق فوائد العين الموقوفة للجهة المعينة سواء كانت جهة عامة كالفقراء والمساكين أو خاصة كالأولاد مثلا، وقد تكون الجهة مختلطة بين هاته وتلك ويكون الوقف حينها مشتركا، وهو ما وقف ابتداءا على جهة عامة وعلى شخص بذاته أو عليه وعلى عقبه.

ويشترط في الموقوف عليه ليكون الوقف صحيحا مجموعة من الشروط:

1ـ أن يكون موجودا أو قابلا للوجود

هذا الشرط مصرح به في المادة 13 من مدونة الأوقاف حيث نصت على أنه "يمكن أن يكون الموقوف عليه موجودا وقت إنشاء الوقف أو سيوجد مستقبلا"، فالأصل أن الوقف يكون على الأشخاص الموجودين فعلا، لا من ينتظر وجودهم، على اعتبار أن من شروطه الحوز حسب ما جاءت به المادة 24 من نفس المدونة.

ولا حوز لمعدوم كما لا يخفى، غير أن ثمة استثناء يرد عليه، إذ يمكن الوقف على معدوم كالحمل المرتقب والجنين ومن سيولد، وهذا عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للوقف من ضرورة أن يكون بالغا سن الرشد لصحة وقفه، فإنه يمكن الوقف على الصغير والكبير دون تميز بينهما، وهو ما أشار إليه ابن عاصم في التحفة.

وللكبار والصغار يعقد وللجنين ولمن سيولد.

غير أن الوقف والحالة هذه يظل موقوفا، شأنه في ذلك شأن الهبة والوصية والميراث، إلى أن يستهل من في البطن أو من سيوجد، صارخا أو عاطسا أو غير ذلك مما يدل على حياته، أما قبل ذلك فإن الوقف يكون غير لازم، بحيث يجوز للواقف الرجوع عنه والتصرف فيه وفق ما يحلو له، سندنا في ذلك ما نصت عليه المادة 37 من المدونة إذ جاء فيها: "لا يجوز للواقف الرجوع في الوقف... بعد انعقاده إلا في الحالتين التاليتين:

1ـ إذا تعلق الوقف بموقوف عليه سيوجد مستقبلا، وفوته الواقف قبل وجوده".

ويبدوأن المشرع قد اعتمد في هذا المقتضى على وجهة نظر الإمام مالك من أن للواقف على من سيولد بيع الوقف قبل ولادة الموقوف، سواء حصل يأس من الولد أم لا، على اعتبار أن الوقف وإن كان يصح هنا إلا أنه يكون غير لازم بمجرد عقده، حيث يوقف لزومه كغلته إلى أن يوجد الموقوف عليه فيلزم فيعطاها.

وحسب منطوق المادة 13 من مدونة الأوقاف، فإنه في حالها إذا لم يرجع للواقف في الوقف، ثم تبين أن الموقوف عليه يستحيل وجوده مستقبلا، فإن للواقف في هذه الحالة أن يحدد جهة أخرى لصرف منفعة المال الموقوف فإذا تعذر ذلك، بأن مات الواقف قبل تحديد الجهة الموقوف عليها، فإن الوقف يعود حسب رأي الأستاذ محمد المهدي إلى الأوقاف العامة، قياسا على الحالة التي يموت فيها الواقف ولم يعين الجهة الموقوف عليها.

2ـ أن يكون معنيا أو قابلا للتعيين:

هذا الشرط كالأول منطقي لأنه هو الذي يوفر الفاعلية للوقف، عند تنفيذه، بمعرفة الموقوف عليه، فمبدئيا لا يبقل من الواقف إبهام الجهة الموقوف عليها، كأن يقول وقفت مالي على رجل أو امرأة، أو يقول وقفت مالي ويسكت، على اعتبار أن الأصل في الموقوف عليه أن يكون معنيا، والتعيين في هذا الباب كما يكون بالذات يمكن أن يكون بالوصف المانع الجهالة.

وتعيين الموقوف عليه كما يكون بالذات يمكن أن يكون بالوصف المانع لجهالة، فبالنسبة لتعيين بالذات يكون بتحديد هوية الموقوف عليه، أما التعيين بالوصف ... بضبط الصفات التي تجعل الموقوف عليه معلوما.

وتجدر الإشارة إلى أنه إذا خصص الواقف وقفه على الذكور دون الإناث أو العكس، أو على بعض أولاده دون البعض الآخر فإن مدونة الأوقاف في هذه الحالة جعلت الوقف صحيحا على أولاد الواقف جميعا ولو اشترط الوقف على الأولاد دون البنات، فإن الشرط باطل والوقف صحيح لهم جميعا، وذلك حسب المادة  14 من المدونة.

ويجوز أن يكون الموقوف عليه مسلما أو كافرا كبيرا أو صغيرا، غنيا أو فقيرا ولا يشترط في الموقوف عليه أن يكون من أبناء الواقف، فقد لا تربطه قرابة به، إذ أن مدونة الأوقاف لم تشترط هذه الصفات في الموقوف عليه مما يستفاد ضمنيا أن الأصل في الأشياء الإباحة.

واستثناء مما سبق، ورغم اعتبار الموقوف عليه ركنا من أركان الوقف إلا أنه إذا سقط ولم تتم تسميته فيها، فإن الوقف في هذه الحالة لا يبطل، وجاز للواقف أن يعينه طيلة حياته، وعلى هذا فالقابلية للتعيين تفهم من بقاء الواقف حيا، فإذا لم تعد هناك إشكالية للتعيين بأن مات الواقف، فهنا يعود الوقف إلى الأوقاف العامة، حسب ما تنطق به الفقرة 2 من المادة 12 من مدونة الأوقاف.

3ـ أن لا يكون الموقوف عليه هو نفسه الواقف

هذا الشرط منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 14 من مدونة الأوقاف، حيث جاء فيها: "يعتبر باطلا وقف الشخص على نفسه..."، لأن وقفه على نفسه يقتضي بقاء المال الموقوف بين يديه، وهذا مناف للحوز كشرط صحة.

بالإضافة إلى تعذر تمليك الإنسان ملكه لنفسه، لأن الملك حاصل له، وتحصيل الحاصل عبث ومحال.

المطلب الثاني : المحل والصيغة في عقد الوقف

بالإضافة إلى ركني الواقف والموقوف عليه يستلزم لإنشاء الوقف توفر ركنين آخرين ويتعلق الأمر بالمال الموقوف (الفقرة الأولى) والصيغة (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى : المال الموقوف 

الموقوف هو العين التي ينصب عليها إنشاء الوقف من قبل الواقف سواء كانت ثابتة أو منقولة فيشترط في المال الموقوف أن يكون متقوما وهو ماكان في حوزة الواقف وجاز الانتفاع به شرعا، أي ماتم التبرع به على جه التحبيس، ويشترط فيه جملة من الشروط  بعضها يتعلق به من حيث مايجوز وقفه (أولا) وبعضها تتعلق به من حيث ذاته (ثانيا)

أولا : الشروط المتعلقة بالموقوف من حيث ما يجوز وقفه :

حسب المادة 16 من مدونة الأوقاف "يجوز وقف العقار والمنقول وسائر الحقوق الأخرى": 

1 -  العقار : العقار حسب منطوق المادة 5 من مدونة الحقوق العينية إما عقار بالطبيعة وإما عقار بالتخصيص، فالعقار بطبيعته هو "كل شي مستقر في حيزه ثابت فيه لايمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته، ومن أمثلته الأراضي مزروعة كانت أو غير مزروعة والمباني وغيرها.

غير أنه حسب المادة 42 من مدونة الأوقاف: "إذا تعلق الوقف بأرض، فإنه يشمل الأرض وكل البناءات والمنشآت و الأغراس الموجودة فوقها ، مالم يوجد شرط أو عرف يقضي بخلاف ذلك"

أما العقار بالتخصيص وحسب المادة 7 من مدونة الحقوق العينية : " المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار واستغلاله  أو يلحقه به بصفة دائمة " ومثاله المحراث والجرار ونحوهما.

2- المنقول هو كل شيء ماعدا العقار، أي كل شيء يمكن نقله من حيز إلى آخر دون تلف أو تغيير في هيئته، ومثاله النقود والطعام والحيوان  وغيرها كثير. 

3-  الحقوق المالية، إن إشارة المشرع في المادة 16  من مدونة الأوقاف إلى سائر الحقوق المالية، يعني أن الأمر يتعلق بالحقوق الشخصية في حدود مايجوز تحبسيه كمبلغ الدين مثلا، والحقوق العينية في حدود مايكون داخلا في ملكية الواقف ملكية تامة ترقى به إلى مستوى إمكانية التفويت، كحق السطحية وحق الزينة...

أما الحقوق العينية التبعية مستبعدة هنا على أن الرهن كحق عيني تبعي لايقبل التفويت مبدئيا من قبل الدائن المرتهن مالم يؤدن له صراحة حسب مفهوم الفصل 1207 من ق ل ع

ثانيا  شروط الموقوف 

بالرجوع إلى مدونة الأوقاف نجد أن  المادة 15  تنص على أنه "يجب في المال الموقوف تحت طائلة البطلان :

  1. أن يكون ذا قيمة ومنتفعا به شرعا

  2. أن يكون مملوكا للواقف ملكا صحيحا، غير أنه بالرجوع إلى القواعد الواردة في ق ل ع يمكن إضافة شرطين آخرين وهما :

  3. أن يكون المال الموقوف موجودا أو ممكن الوجود

  4. أن يكون معلوما أي معينا، قابلا للتعين

 ويمكن تفصيل هده الشروط على الشكل التالي :

1 - أن يكون مالا ذا قيمة ومنتفعا به شرعا

ومعنى هذا الشرط أن يكون المال الموقوف متقوما ومباحا، والأموال المباحة التي تصلح أن تكون محلا للوقف هي الأشياء والحقوق والأفعال الداخلة في دائرة التعامل، أي تلك التي لايحرم القانون صراحة التعامل بشأنها حسب مقتضيات الفصل 57 من ق ل ع

2 - أن يكون مملوكا للواقف ملكا صحيحا

والملك الصحيح هو الملك الخالي من النزاع، وذلك بأن يكون المال الموقوف في ملكية الواقف ملكية تامة حيث تكون الملكية خالصة لصاحبها لا تشوبها شائبة 

3 - أن يكون موجودا أو ممكن الوجود

ومعنى ذلك أن الأصل في الموقوف أن يكون موجودا وجودا حقيقيا سواء كان وجودا فعليا أو وجودا حكميا، فبالنسبة للأول يثبت بالمعاينة والاطلاع، أما الثاني فيثبت بالوثائق والمستندات، غير أنه استثناء من ذلك، لا يشترط في المال الموقوف أن يكون موجودا وقت التحبيس، إذ يكفيه أن يكون ممكن الوجود كالعقارات التي تشيد في وقت لاحق

  4 -أن يكون معينا أو قابلا للتعيين

استنادا إلى المقتضيات العامة الواردة في ق ل ع لاسيما الفصل 58 منه، فإنه يشترط لصحة الوقف أن يكون محله معلوما علما نافيا للجهالة ومانعا للنزاع بشأنه غير أنه يجوز أن يكون المال الموقوف قابلا للتعين

الفقرة الثانية : صيغة الوقف 

يقصد بصيغة الوقف الصورة الدالة على إرادة الواقف في إنشاء وقفه، وبالنظر إلى صيغة الوقف من زاوية وصفها القانوني فهي إيجاب يقوم به الواقف لأنه تصرف انفرادي  حسب المادة 17 من مدونة الأوقاف.(أ) فما مضمون القبول المقترن به (ب)

  1. الإيجاب

وينبني على اعتبار الوقف من التصرفات التي تنشأ بإرادة منفردة، فإن الصيغة باعتبارها مايصدر من تعبير دال على إنشاء الوقف تتمثل في جانب الإيجاب وحده وحسب الفقرة الأولى من المادة 17 من المدونة إما بالقول، كما لو تلفظ الواقف بما يدل على الوقف وإما بالكتابة كما لو حرر مكتوبا يعبر فيه عن إرادته بالوقف كما قد يتم بالإيجاب بالإشارة المفهومة أو بالفعل الدال على الوقف 

وإدا كان الفقهاء اختلفوا في تحديد مايدخل في الصريح ومايدخل في الكنائي فإن المدهب المالكي التي تحيل عليه المدونة في المادة 169 لايعتبر من الألفاظ الصريحة إلا حبست ووقفت أما ماعداها من لفظ الصدقة، فلا يتعقد به الوقف إلا إدا اقترن به قيد كقول المتصدق لاتباع ولاتوهب

أما الإشارة المفهومة ومثال "ماجاء في نوازل الونشريسي أن سئل ابن لبابة عن المرأة المريضة التي اشتد مرضها فقيل لها تجعل شجرك لهدا المسجد بحضرة ورثتها فأشارت برأسها أي نعم، فأجاب إدا فهم الشهود أنها قد فهمت منهم وفهموا عنها إشارتها تجويز لها وصح عندهم فهو جائز و إن أشكل عليه لم يجز"

أما الفعل كبناء مسجد والتخلية بين الناس ÷ فإدا بنى مسجدا وأطن فيه للناس فدلك كالتصريح بأنه وقف

  1.  القبول

حسب المادة 18 من المدونة فالقبول لايعتبر شرطا للاستحقاق الوقف إلا إذا كان الموقوف عليه شخصا معينا، لذلك فإن القبول من حيث المبدأ لايشترط ، لأن الموقوف عليه قد لايكون موجودا وقد لايتصور منه القبول كالمسجد,

وإذا كان الأصل في القبول أن يصدر عن الموقوف عليه بنفسه إذا كان متمتعا بالأهلية فإنه يجوز صدوره عن وكيله فإن رفض عاد الوقف إلى الأوقاف العامة،

لكن إذا كان الموقوف عليه فاقدا للأهلية كالمجنون والصبي غير المميز تعين على نائبه الشرعي أن يقبل عنه فإن لم يكن له نائب عين له القاضي من يقبل عنه، إما إذا كان ناقص الأهلية فحينئد يمكنه التعبير بنفسه عن القبول كما يمكن ذلك لنائبه الشرعي حسب ماجاءت به المادة 19 من مدونة الأوقاف


الجزء الثاني

في المقال التالي سنتعرف على الشروط الشكلية للوقف

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال