تشكل الأملاك العمومية اليوم أهم الوسائل التي تعتمد عليها الجماعات العمومية لإنجاز المرافق العامة أو لإرساء أسس الاقتصاد الوطني، وهذه الأملاك تنقسم إلى أملاك عامة وأخرى خاصة للدولة أوتابعة للجماعات الترابية ، وأملاك ذات طبيعة تاريخية أو دينية كأراضي الحبوس و أراضي الجموع و أراضي الجيش
المنازعات المتعلقة بالملك العمومي |
تتميز الأملاك العمومية بخاصية فريدة تتمثل في كونها موضوعة رهن تصرف العموم وهذه الخاصية جعلت المشرع المغربي يضع نظاما خاصا لهذا القطاع وهكذا نص ظهير1 يوليوز 1914 في ديباجته على ما يلي: "نظرا لكون بعض الأملاك لا يمكن تملكها من طرف الخواص لأنها موضوعة رهن تصرف العموم، ولأن إدارتها موكلة للدولة، ونظرا لأن هذه الأملاك التي تكون الملك العمومي غير قابلة للتفويت، فإنه يتعين تحديد طبيعتها ووضعيتها القانونية".
وهكذا يلاحظ أن ظهير 1914 ركز على خاصيتين مرتبطتين ببعضهما:
• كون الملك العمومي موضوع أساسا رهن تصرف العموم.
• كون هذا الملك غير قابل للتفويت.
وأمام هذا التنوع في النظام العقاري المغربي لأملاك الدولة فإن طبيعة هذا الملك نظرا للدور الكبير الذي أصبحت تلعبه في تحريك عجلة الإقتصاد والمساهمة في قاطرة التنمية ،كونه أضحى محلا خصبا للمعاملات العقارية التي تجعله يساهم في خدمة وتحقيق الهدف المنشود منه، لكل هذه الإعتبارات كان من البديهي أن يترتب عن ذلك مجموعة من النزاعات التي أصبحت تشكل وبحق عرقلة في تحقيق ما كان يصبوا إليه المشرع .
وعلى هذا الأساس كان لزاما على المشرع المغربي أن يتدخل بجدية أكبرمن أجل تجاوز الثغرات التي تعتري القانون المنظم لهذا الملك وذلك من أجل تبسيط المساطرالممكن اتباعها لحل كل المنازعات التي من شأنها أن تقف عائقا أمام الملك العمومي كرافد أساسي في مساق الإستثمار.
وأمام كثرة النزاعات التي أصبح يطرحها الملك العمومي جعلت من الدور القضائي حلقة مهمة وأساسية من أجل فضها.ناهيك عن دور الأجهزة التي عهد إليها المشرع المغربي مسألة تدبير الملك العمومي .
وترجع أهمية معالجة موضوع منازعات الملك العمومي إلى قلة الدراسات التي اهتمت بتناول مختلف جوانبه نظرا لتشعب طبيعة هذا الملك التي تجعل الباحث في حيرة من أمره وهو بصدد محاولة ابراز هذه المنازعات .
وبناء على هذا يمكننا طرح الإشكال التالي:
ما هي أهم المنازعات التي يطرحها هذا النوع من الأراضي؟ وما هي مختلف الأجهزة المنوط إليها أمر التدخل في هذه المنازعات؟ وهل كان للقضاء دور فعال وناجع في ذلك؟
وكمحاولة منا للإحاطة بهذا الموضوع ارتأينا معالجته من من خلال تقسيمه إلى مطلبين :
المطلب الأول:أجهزة تدبيرمنازعات الملك العمومي
المطلب الثاني:تطبيقات المنازعات المتعلقة بالملك العمومي ودور القضاء فيها
المطلب الأول: أجهزة تدبير منازعات الملك العمومي
سنحاول من خلال هذا المطلب معالجة تمثيل الادارة أمام القضاء في المنازعات المرتبطة بالملك العمومي(فقرة الأولى)،كما أن للقضاء دور في تدبير المنازعات المتعلقة بالملك العمومي (فقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التمثيل الإداري للمنازعات المرتبطة بالملك العمومي
تتحقق صفة مدير أملاك الدولة كمؤهل لتمثيل نظام الأملاك المخزنية أمام القضاء وذلك بالرجوع للفصل
الأاول من ظهير 6 غشت 1915 المغير والمتمم بظهير 3 أبريل 1917 الذي جاء فيه " لا يجوز التدخل في المرافعات المتعلقة بتقييد أملاك الدولة الخاصة إلا لرئيس إدارة الاملاك العمومية أونائبه كما عنه لا يسوغ إلا لمن ذكر فقط المرافعة أمام سائر المحاكم الفرنسية أو الإسلامية لأجل المحافظة على أملاك الدولة المشار إليها إلا فيما يتعلق بالغابات التي هي ملك للدولة الشريفة فتخول الإختصاصات المذكورة لرئيس إدارة الغابات أو نائبه
أما القضايا التي رفعها أمام المحاكم الفرنسية أو الإسلامية مندوبو مراقبة الدين المخزني قبل فاتح أبريل سنة1917 فيتابعها ابتداء من هذا التاريخ رئيس إدارة الأملاك العمومية ، إذا كانت راجعة لعقارات مخزنية كائنة بالمراسي أو ضمن دائرة حولها على بعد عشر كيلومترات "
يعتبر هذا النص استثناء من المبدأ العام الذي يعتبرأن رئيس الحكومة هو الممثل القانوني للدولة أمام المحاكم وفق ما جاء في الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص :" ترفع الدعوى ضد :
الدولة ، في شخص الوزير الأول وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الإقتضاء
الخزينة ، في شخص الخازن العام
الجماعات المحلية ، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم ، وفي شخص رئيس المجلس القروية بالنسبة للجماعات
المؤسسات العمومية ، في شخص ممثلها القانوني
مدير الضرائب ، في شخص مدير الضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها ".
فمدير مصلحة الأملاك المخزنية منذ سنة 1915 هو الممثل القانوني للدولة أمام ألقضاء ، وقد أكدت له هذه الصلاحية مختلف القرارات الصادرة عن محكمة النقض سواء قبل صدور قانون المسطرة المدنية الحالي أو بعده رغم كون الفصل 515 لم يشر إلى هذا التمثيل صراحة فالأمر إذن يتعلق بنص خاص لا علاقة له بالفصل 515 من ق م م ، والمعروف أن النص الخاص أولى بتطبيقه على العام إن وجد و مقيد لعموميته.
وتجدر الإشارة أنه إذا كان مدير أملاك الدولة قد ضمن تشريعيا تمثيله نظام الاملاك المخزنية أمام المحاكم فهل يحق ذلك لرؤساء المصالح الخارجية المنتمين لمديرية أملاك الدولة سواء كانو مندوبين أو مدراء جهويين ؟
بالرجوع للفقرة الثانية من الفصل 34 من ق م م التي جاء فيها " غير أن الإدارات العمومية تكون ممثلة بصفة قانونية أمام القضاء بواسطة أحد الموظفين المنتدبين لهذه الغاية" وأيضا الفقرتين الرابعة والخامسة من 354 من ق م م اللتين نصتا على أنه " تعفى الدولة من مساعدة المحامي طالبة كانت أو مطلوبة ضدها وذلك خلافا لمقتضيات الفقرة 1 و 2 أعلاه.
يوقع في هذه الحالة على مقالاتها ومذكراتها الوزير المعني بالأمر أو موظف منتدب لهذا الغرض ويمكن أن يكون هذا الإنتداب عاما يشمل نوعا من القضايا."
ومنه يمكن لرؤساء مصالح مديرية الاملاك المخزنية تمثيلها في مختلف مساطر التقاضي المرتبطة بها وجميع المحاكم إلا أن القضاء تعامل مع هذا المقتضى بمستويين :
المستوى الاول : اتجاه العمل القضائي المقر بتمثيلية رؤساء المصالح الخارجية لمديرية أملاك الدولة أمام القضاء دون أي تفويض لأن نيابتهم عن مدير أملاك الدولة بالأقاليم والجهات تابثة تبعا لقرار التعيين طبعا ، وعليه فإنهم ينوبون عنه أمام المحاكم ولقد سار في هذا التوجه العديد من الأحكام والقرارات منها على سبيل المثال : قرار محكمة النقض عدد 8119 جاء فيه" حيث أثار المطلوب في النقض عدم صفة الموقع على عريضة النقض الذي لا يتوفر على تخويله حق التوقيع من طرف الوزير المعني بالأمر مما يجعل الطلب غير مقبول ، لكن خلافا لما يدعيه الطاعن فإن العريضة موقعة من طرف نائب رئيس الأملاك المخزنية بإقليم العيون نيابة عن مدير الأملاك المخزنية الذي يمثل الدولة – الملك الخاص- وبذلك يكون الطلب مقبولا شكلا في الموضوع".
المستوى الثاني : توجه العمل القضائي نحو اشتراط التفويض المكتوب لتمثيلية رؤساء المصالح الخارجية لمديرية أملاك الدولة أمام القضاء ،بحيث لا يمكن الإعتداد بصفة رئيس مندوب الدولة في تمثيل نظام الاملاك المخزنية أمام القضاء إذا لم يدل هذا الأخير بتفويض مكتوب يؤكد انتدابه من لدن مدير أملاك الدولة بالرباط للتدخل نيابة عنه في جميع مساطر التقاضي أمام المحاكم وتعتمد هذه القرارات في توجهها على مقتضيات الفصلين 515و 354 من ق م م كما جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1808 " بناءا على الفصل 354 من ق م م و بمقتضاه فإن مقالات النقض والمذكرات المقدمة إلى محكمة النقض لفائدة الدولة يوقع عليها الوزير المعني بالأمر أو المفوض المنتدب لهذا الغرض.
وحيث إن الدولة-الملك الخاص- قدمت بتاريخ 07/11/2003 مقالا للطعن بالنقض ضد القرار رقم 4646/1 الصادر عن محكمة استئناف الدارالبيضاء بتاريخ 17/07/2003 في الملف عدد 2002/1/2808
وحيث إن مقال النقض المذكور موقع من طرف رئيس دائرة الاملاك المخزنية بالدار البيضاء بالنيابة عن مدير الأملاك المخزنية دون إثبات التفويض المقرر بمقتضى الفصل 354 ق م م المذكور ، مما يتعين معه عدم قبول للطلب ".
وتجدر الإشارة أن الفصل 354 يتحدث عن موظف منتدب وليس عن تفويض مكتوب لمفوض منتدب ، أما الفصل 515 فهو يتحدث عن توجيه الدعوى ضد الوزير الأول – رئيس الحكومة حاليا- إذا تعلق الأمر بجميع مؤسسات الدولة وقد تم تبيان الكيفية التشريعية التي بمقتضاها تم اسثناء مديرية الأملاك المخزنية من نص الفصل المذكور .
ويترتب عن انتصاب مديرية أملاك الدولة طرفا في الدعوى تدخل النيابة العامة في قضايا الأملاك المخزنية وإعفاء الإدارة المكلفة بتدبير الأملاك المخزنية من الإستعانة بمحام.
فيما يخص تدخل النيابة العامة في قضايا الأملاك المخزنية باعتبار هذه الأخيرة من مؤسسات و مصالح الدولة حيث جاء في الفصل9 كما تم تغييره وتتميمه من قانون المسطرة المدنية على أنه "يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة الداوى الآتية:
القضايا لمتعلقة بالنظام العام والدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية وممتلكات الأحباس والأراضي الجماعية.."
ولقد أقر العمل القضائي أن عدم إحالة الملف على النيابة العامة إبتدائيا إبطال الحكم الصادر وإرجاع الملف إلى المحكمة الإبتدائية من جديدي قصد البث فيه وقد دل على ذلك قرار لمحكمة الإستئناف بالراشيدية جاء فيه :" وحيث أن إحالة الملف على النيابة العامة أثناء إجراء المسطرة أمام محكمة الدرجة الثانية لا يغني عن إحالته على المحكمة الإبتدائية ".
وتعفى مديرية الأملاك المخزنية كغيرها من إدارات الدولة من الإستعانة بمحام إلا إذا ارتأت تلقائيا الإلتجاء إلى خدماته وهكذا جاء في المادة 31 من القانون النظم لمهنة المحاماة ما يلي :" لا يسوغ أن يمثل الأشخاص الذاتيون والمعنيون زالمؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات ،ويؤازروا أمام القضاء إلا بواسطة محام ما عدا إذا تعلق الأمر بالدولة والإدارات العمومية تكون نيابة المحامي أمرا اختياريا ".
الفقرة الثانية: طبيعة عقود تدبير الأملاك المخزنية
تعتمد مديرية أملاك الدولة على آليات تعاقدية متعددة تمكنها من القيام بمهامها كما هي منصوص عليها في المادة 13 من المرسوم رقم 2.27.995 المتمثلة أساسا في :
تكوين ملك الدولة الخاص
اقتناء العقارات بالتراضي
بيع المساكن والأراضي
بيع المعدات غير الصالحة للإستعمال
ولا تخضع هذه العقود لنظام قانوني موحد فقد يكون عقد الإدارة عقدا من عقود القانون الخاص عندما تتصرف الإدارة كالأفراد العاديين دون إعتبار لما لها من سيادة أو سلطان ، وقد يكون العقد من عقود القانون العام عندما تتمتع فيه الإدارة بقواعد وامتيازات السلطة العامة ، بحيث أن العقود التي تبرمها الإدارة لا تعتبر عقودا إدارية إلا اتسمت بطابع السلطة العامة وتضمنت شروط اسثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، بالإضافة إلى ضرورة اتصالها بنشاط المرفق العام ، وأن يكون أحد طرفي العقد شخصا معنويا عاما وأن تخضع لقواعد القانون الإداري ولإختصاص القضاء الإداري فيما يطرح من نزاعات بشأنها .
إلا أن العمل القضائي اعتبر العقود التي تبرمها مديرية أملاك الدولة عقودا تندرج في إطار قواعد القانون الخاص حيث جاء في حكم للمحكمة الإداية بالرباط"إن مطالبة "إن مطالبة إدارة الأملاك المخزنية بإتمام عملية البيع لا يتوفر على شروط التعاقد في إطار القانون العام ذلك أنه وإن كان أحد أطرافه شخصا من أشخاص القانون العام فإنه لا يتفر على مقتضيات غير مألوفة كما لا يتعلق بتسيير مرفق عام ، على اعتبار أن مثل هذه العقود المتعلقة ببيع الملك الخاص للدولة تتبع فيها وسائل القانون الخاص وتخرج بالتالي من زمرة العقود الإدارية التي تختص المحكمة الإدارية بالنظر في المنازعات المثارة بصددها" وجاء في حكم آخر للمحكمة الإدارية بوجدة ""بالنظر إلى الطبيعة المدنية للعقود التي تبرمها مع مديرية أملاك الدولة ، فإن إختصاص البث فيه ينعقد للمحاكن العادية صاحبة الولاية العامة في تطبيق القانون الخاص.
ويترتب لفائدة مديرية أملاك الدولة المخزنية نتيجة تعاقدها مع الخواص مجموعة من الأداءات المالية مما يستلزم عليهم دفعها بالشكل اللازم إلا أنه في حالة عدم تسديد الأداءات فإن الإدارة تستخلص مداخيلها المالية لدى الخواص بكل السبل الممكنة والمتاحة ، وأثيرت مجموعة من المنازعات أمام القضاء بصدد ديون أملاك المخزنية سواء تلك المرتبطة بمشروعية هذه الديون أو المتعلقة لتحديد طبيعتها ، ففيما يخص هذه الأخيرة جاء في قرار لمحكمة التقض عدد 451 " حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 15.97 المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية ،حددت الديون التي تكون قابلة للإستخلاص عن طريق الأوامر بالتحصيل والتي ليس من ضمنها الديون المتنازع فيها كما في نازلة الحال ذلك أن الدولة-الملك الخاص- وإن كانت تملك فصل المقالع المتواجدة على عقاراتها المذكورة أعلاه وعلى فرض أن المستأنف عليها تستغل تلك المقالع بدون سند على وجه الإحتلال ، فإنه لا يحق لها أن تمارس مسطرة الأمر بالتحصيل لإستخلاص ما حددته تلقائيا من تعويض باعتباره دين منازع فيه بما يجعل الأمر بالتحصيا مطعون فيه بدون أساس ويكون الحكم مستأنف عندما قضى بإلغائه مصادفا للصواب و يتعين تأييده .
أما فيما يخص المنازعات المرتبطة بمشروعية الديون جاء في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة "لكن حيث إن بغض النظر عن طبيعة العقد المبرم بين الطرفين فإنه مادامت إدارة الأملاك المخزنية قد لجأت إلى مسطرة إشعار الغير الحائز وقامت بإصدار أمر بالتحصيل لإستخلاص مبلغ ...درهم من حساب المدعي المفتوح لدى القرض العقاري والسياحي وهو المبلغ الناجم عن الفرق ما بين قيمته الحقيقية للقطعة الأرضية المبيعة التي تبلغ 100 درهم للمتر المربع وثمن التفويت الذي تم على أساس 60 درهم للمتر المربع ، فإنها أي الإدارة المدعى عليها تكون قد استعملت وسيلة من وسائل القانون العام
وحيث إنه في هذه الحالة لا تتكون على قدم المساواة مع الاطراف ، ما دامت قد لجأت إلى وسائل التحصيل الكبرى لتنفيذ بنود العقود الرابطة بينهما وبين الخواص ، ويكون القضاء الإداري بالتالي هو المختص في مراقبته سلامة الإجراءات المتبعة من طرف الإدارة عند تطبيقها لمدونة تحصيل الديون العمومية ".
المطلب الثاني: تطبيقات المنازعات المتعلقة بالملك العمومي ودور القضاء فيها
سنحاول من خلال هذا المطلب الإقتصار على بعض نماذج المنازعات المتعلقة بالملك العمومي وذللك من خلال الوقوف على المنازعات المرتبطة بإحتلال الملك العمومي والملك الغابوي(الفقرة الاولى)،ثم نعالج بعد ذلك دور القضاء الإداري فيها(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : تطبيقات المنازعات المرتبطة بالملك العمومي
أولا: المنازعات المرتبطة بإحتلال الملك العمومي
يمكن للشخص الاداري التابع له الملك العمومي، إذا ما وجد أمام احتلال للملك العمومي بدون سند شرعي أن يتبع طرقا قضائية كما هو الامر بالملكية العادية من أجل و ضع حد لهذه الوضعية، و تتمثل هذه الطرق في الدعوى الاستعجالية و في دعوى الموضوع.
الدعوى الاستعجالية
يتطلب رفع الدعوى الاستعجالية لإخلاء الأماكن شروطا حددها الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية و المتمثلة في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ سند قابل للتنفيذ أو بتنفيذ حكم.
و يطلب من القاضي الاستعجال أن يتأكد من وجود ظروف الاستعجال الذي يتجلى في منازعة الوضعية القانونية للمحتل، و الا يحوم الشك حول السبب الذي تستند إليه الادارة لطلب طرد المحتل بدون موجب من الملك العمومي، و ليس لقاضي المستعجلات أن ينظر في جوهر الحق، و المراد بجوهر الحق أو أصل الحق أو موضوع الحق السبب القانوني الذي يحدد حقوق و التزامات كل من الطرفين قبل الاخر، فلا يجوز له أن يتناول هذه الحقوق و الالتزامات بالتفسير أو بالتأويل، كما انه ليس له أن يغير من المركز القانوني لأحد الطرفين أو ان يقيم السندات و الحجج المدلى بها لينتهي الى القول ببطلانها أو بصحتها، إلا أنه يجب عليه أن يتحقق من وجود حالة الاستعجال و أن يبررها .
إن مسطرة القضاء المستعجل تكون ناجعة وذات جدوى في وضع حد لاحتلال الملك العمومي بدون سند شرعي، وتتطلب أن تنتج الوضعية القانونية لهذا الاحتلال عن استمرار المحتل في الأماكن بعد أن يصبح السند المعتمد عليه غير شرعي أو استقر فوق جزء من الملك العمومي مقر به أو معروفة حدوده
و يشترط أيضا أن لا يطالب الدفاع بالإفراغ بنزاعات جدية حول أساس الحق الذي تعتمد عليه الادارة لتعزيز مطالبها و إلا تحول الاختصاص الى قاضي الموضوع، إذ أن القاضي في هذه الحالة يتخد إجراء يمس جوهر القضية.
أما إذا كانت الادارة تنازع في وجود محتل للملك العمومي، ونازع هذا الأخير في الوضعية القانونية لعنصر الملك العمومي الذي يحتله، بحيث يطلب من القاضي أن يبث في دخول هذا العنصر في عداد الملك العمومي، فإن النزاع يحول الى نزاع جدي وتفقد طبيعتها الاستعجالية، وفي هذا الحالة يتحول الاختصاص إلى قاضي الموضوع.
دعوى الموضوع
يمكن للقاضي الموضوع أن يأمر بناء على طلب من الادارة طرد المحتل بدون موجب في إطار دعاوى الحيازة.
كما أنه يمكن لمحتلي الملك العمومي الذين يوجدون في وضعية قانونية أن يرفعوا دعوى الحيازة ضد غيرهم الذين يفتقرون الى سند شرعي يخول لهم هذا الحق.
و لا يكتفي قاضي الموضوع بالأمر بإخلاء الأماكن، وإنما يأمر بإعادة الأماكن الى حالتها الأولى، و القواعد القانونية التي تطبق في حالة النظر في موضوع الدعوى هي القواعد العامة التي تطبق على النزاعات التي تهم الملكية الفردية.
إلا أن المشكل الذي يطرح هو الجهة القضائية التي تحظى بالنظر في النزاعات التي تهم الملك العمومي، هل المحاكم العادية أم المحاكم الادارية المنظمة بمقتضى قانون 41-90.
بالنظر الى خصوصية القواعد القانونية التي تحكم الملك العمومي، وبالنظر الى تخصيصه سواء للاستعمال العمومي أو لاستعمال المرافق العمومية فإن القواعد القانونية التي تحكمه تحيد عن القواعد القانونية المشتركة و من ثم يستوجب أن يعهد في مراقبة تطبيق هذه القواعد الى جهة قضائية متميزة، أي المحاكم الادارية.
إذا كانت حماية الملك العمومي من مخاطر تصرفات الأفراد تعود الى القضاء بشقيه العادي و الاستعجالي
ثانيا:المنازعات المرتبطة بالملك الغابوي
إن الملك الغابوي شأنه شأن بقية أملاك الدولة يلعب دورا حيويا في شتى المجالات، سواء الاجتماعية منها أو البيئية
او حتى الاقتصادية، هذه الناحية الأخيرة هي التي سنركز عليها لأن الأملاك الغابوية للدولة أضحت محلا
للعديد من العقود و التصرفات المبرمة ما بين الدولة و الخواص ، و بالتالي لما كان الأمر كذلك فبديهي أن تنشأ نزاعات متعلقة بالملك الغابوي.
و بالتالي سواء كانت هذه النزاعات ناشئة عن العقود المبرمة بين إدارة المياه و الغابات(أولا) أو فقط عن مجرد و
اعتداء على الملك الغابوي (ثانيا)، خصوصا إذا علمنا أن الملك الغابوي يعد مجالا خصبا لتضارب العلاقات و
تجاذب المصالح، و بالتالي فإنه يطرح التساؤل عن أهم المظاهر الحمائية التي كرسها ظهير 10 أكتوبر 1917
لتطويق الملك الغابوي و حمايته ؟ كما يطرح تسؤل آخر حول ما هية المساطر المعمول بها في البت في هكذا منازعات؟
أ:دور الجهات الإدارية في حماية الملك الغابوي
إن الملك الغابوي باعتباره من الأملاك الخاصة للدولة، تستطيع هذه الأخيرة ممثلة في إدارة المياه و الغابات أن
تبرم بشأنه عقودا مع الخواص أو أن تصدر قرارات إدارية منفردة تتعلق بإدارة و تدبير هذا النوع من الأراضي، و
بالتالي سيتم تخصيص فقرة أولى للحديث عن المنازاعات المتعلقة بالقرارات الإدارية الصادرة عن إدارة المياه و
الغابات، على ان تخصص فقرة ثانية للمنازعات المتعلقة بالعقود المبرمة و التي يكون محلها ملكا غابويا.
1 : المنازعات في القرارات الإدارية الصادرة عن المياه و الغابات
يمكن لإدارة المياه و الغابات على غرار باقي الجهات الإدارية التي خولها القانون ذلك، يمكنها إصدار قرارات إدارية بمناسبة تسيير شؤون الملك الغابوي الذي عو في عهدتها.
فهو إذن عمل انفرادي يصدر عن الإدارة الوصية على الملك الغابوي، بهدف إما إنشاء أو تعديل مركز قانوني أو
إلغاؤه ، حيث يتصل هذا القرار اتصلا مباشرا بالملك الغابوي، كأن تصدر إدارة المياه و الغابات قرارا إداريا
يقضي برفض أو منح ترخيص لاستغلال غابة معينة من طرف شخص معين، و يعتبر قرارا إداريا كذلك تلك
الحالة التي الإذن الصادر عن وزير الفلاحة بالإحتلال المؤقت للملك الغابوي ، و ذلك بمانسبة ممارستهما
للصلاحيات المخولة لهما بموجب الفصلين 1 و 2 من ظهير 1917 الذي جاء صريحا و أسند مهمة إدارة الملك الغابوي لوزير الفلاحة بينما قصر مهمة إدارة المياه و الغابات في المراقبة فقط.
و بالرجوع أيضا للقانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية يستنتج بأن القرار الإداري ما هو إلا وسيلة بيد الإدارة
تستعملها بمناسبة تدبيرها للمرفق العام، و بالتالي ليس هناك نقاش حول أحقية الإدارة المكلفة بالمياه و الغابات أو
وزير الفلاحة في إصدار مثل هذه القرارات من أجل تدبير المجال الغابوي، لكن بالرجوع لنفس القانون أعلاه يمكن
للخواص الذين يهمهم الأمر الطعن في هذا القرار متى كان غير مشروعا أو كان هناك تعسف في استعمال السلطة،
و ذلك عن طريق وسيلة تسمى دعوى الإلغاء يتم رفعها أمام القضاء الإداري المختص بالنظر في مثل هذه
الدعاوى، وهو اختصاص يجد سنده القانوني في الفصل 8 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.
إلا أن دعوى الإلغاء هذه تحتاج لقبولها توفر شروط شكلية و شروط موضوعية، الشروط الشكلية هي تلك
المتعارف عليها في القواعد العامة لقبول الدعوى، و الشروط الموضوعية تتمثل أساسا في تلك العيوب التي تشوب
القرار الإداري و تجعله غير مشروع، فمثلا عندما يصدر وزير الفلاحة قرارا يقضي باستبعاد مرشح معين
للحصول رخصة التعاقد من أجل الاحتلال المؤقت لملك غابوي أو تنفيذ أشغال عمومية فيه ، و كان هذا القرار
متعسفا فيه أمكن الطعن فيه بدعوى الإلغاء أمام المحكمة الإدارية و تأسيس الدعوى على سبب الاخلال بمبدأ المنافسة بين المرشحين.
و تجدر الإشارة أن القرارات الصادرة عن الجهات المدبرة للملك الغابوي لا يمكن إلغاؤها متى أنشأت حقوقا
مكتسبة لفائدة الأغيار و كانت طبعا قرارات مشروعة، و ذلك حفاظا على مبدأ استقرار المعاملات، لكن متى كانت
غير مشروعة فيجوز إلغاؤها من طرف المحكمة الإدارية ، و بالتالي ينتهي مفعول القرار الإداري بالنسبة للمستقبل مع ترك آثاره في الماضي.
2: المنازعات في العقود الإدارية الغابوية
يمكن لوزير الفلاحة و لإدارة المياه و الغابات باعتبارهما الوصيتان على القطاع أن يبرما عقودا مع الخواص تهم
استغلال الملك الغابوي أو الإنتفاع به ، أو حتى ابرام عقود تنصب على بيع المحصولات الغابوية... لكن هذه العقود
ليست على نوع واحد، و غنما هي قد تكون عقودا عادية تحكمها قواعد القانون الخاص، و قد تكون عقودا إدارية
تدخل ضمن أحكام و قواعد القانون العام ، وهذا الوصف الذي يمكن أن يعطى لها يجد أساسه في التعبير الصريح
الصادرة الصادر عن إدارة المياه و الغابات نفسها أو من مجرد بنود العقد.
و يعد العقد الإداري عقدا متميزا ، إذ يخضع لنظام قانوني مغاير تمتاما لما هو معمول به في إطار النظرية
للالتزامات و العقود، ذلك أن هذه العقود تعد من الوسلئل و الميكانيزمات التي تعتمدها الدولة لتنفيذ الميزانية العامة
و ميزانيات الجماعات الترابية و كذا المؤسسات العامة.
و قد عرفه الفقه الإداري بكونه تلك الاتفاقات التي تبرمها الإدارة بهدف تسيير أو تنظيم مرفق معين مع إظهار نيتها
في إخضاعها لأحكام القانون و تضمينها شروطا غير مألوفة في القانون الخاص، و من العقود الإدارية التي
يمكن أن تبرمها غدارة المياه و الغابات هناك عقد السمسرة الغابوية، هذا الأخير يدخل ضمن أنواع العقود غير
المسماة، الهدف منه تنظيم استغلال المجال الغابوي و يتخذ عقد السمسرة شكلين إما شكل السمسرة العلنية المنشورة
التي يشارك فيها كافة المقاولين، هذا النوع نص عليه ظهير 10 أكتوبر 1917، و هناك الشكل الثاني و هو
السمسرة السرية التي ترسل غلى مقاولين محددين، و من بين العقود الإدارية المنعقدة في المجال الغابوي كذلك
هناك العقود الكرائية، إلا أن ما يهمنا نحن هو تلك الامتيازات الممنوحة لإدارة المياه و الغابات أو حتى وزير
الفلاحة جراء هذه العقود، إذ خولهما المشرع سلطات واسعة ، و هي سلطات واسعة كل ما يمكن أن يقال عليها
أنها ضربت المبدأ الشهير المعمول به في إطار النظرية العامة للالتزامات و العقود الذي يقضي بأن العقد شريعة
المتعاقدين، ضربته عرض الحائط، ولم يعد بالإمكان القول بالتوازن العقدي في العقد الإداري، و هو ربما أمر
مستساغ و يمكن تبريره بكون أن هذه العقود متصلة اتصالا وثيقا بالمنفعة العامة و ليس مجرد منفعة تعود على
طرفي العقد، لذلك كان لزاما أن تستأثر إدارة المياه و الغابات بالسلطات التالية في العقد الإداري، والتي يمكن أن
تستعملها ضد المتعاقد معها:
ـ سلطة الرقابة و التوجيه: إذ يمكن لإدارة المياه و الغابات أن تراقب تنفيذ العقد و مدى احترام الشروط المتفق
عليها، وهذه السلطة تجد أساسها في الفقرة السادسة من الفصل الثاني من ظهير 1917، حين عهد المشرع لإدارة
المياه و الغابات بمهمة المراقبة، و تجدر الإشارة إلى أن سلطة الرقابة و التوجيه هذه هي مخولة في العقد الإداري
بقوة القانون ودون الحاجة إلى التنصيص عليها ضمن بنود العقد، لكن الاشكال المعهود هو عدم استعمال هذه
السلطة داخل حدود القانون و إنما تدخ المتعاقد الطرف الضعيف في شبح تعسف الإدارة في استعمال السلطة.
ـ سلطة تعديل العقد: و هذا كذلك من بين أهم المميزات التي تطبع العقد الإداري، و تنأى به عن العقد العادي
بحيث تنفرد إدارة المياه و الغابات بسلطة تعديل بنود العقد رغما عن إرادة الطرف المتعاقد معها، وذلك من أجل ملائمة احتياجات الملك الغابوي.
ـ سلطة توقيع الجزاءات: هذه التقنية يمكن لإدارة المياه و الغابات استعمالها متى تماطل الطرف الآخر في تنفيذ
التزامه ، مثلا في العقود الكرائية المتعلقة بالملك الغابوي، إذا عمد المكتري الأصلي إلى إحلال غيره لينفذ
الالتزامات مكانه و ذلك دون رضى الإدارة، يحق لهذه الأخيرة و دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء أن توقع
جزاءات ، هذه الجزاءات يمكن أن تتخذ أشكال عدة منها:
ـ جزاءات مالية: و هي عبارة عن مبالغ مالية محددة سلفا في العقد كجزاء يوقع على المتعاقد مع الإدارة عند
إخلاله بإحدى التزاماته.
ـ جزاءات إكراهية: و هي وسائل تتوفر عليها الإدارة المكلفة بالملك الغابوي، و بموجبها تجبر المتعاقد معه
على الوفاء بالتزامه من أجل ضمان حسن سير الملك الغابوي، مثل اسناد تنفيذ الشخص آخر بصفة مؤقتة لحساب و
تحت مسؤولية المتعاقد الأصلي.
ـ جزاء فسخ العقد: و هو من بين أخطر الجزاءات التي تقررها إدارة المياه و الغابات في حق المتعاقد معها، و
ذلك كلما ثبث إخلاله بالتزامه بشكل جسيم و متكرر، و يمكن للجهة الوصية على الملك الغابوي أن تفسخ العقد
المبرم من تلقاء نفسها دون اللجوء لاستصدار حكم قضائي.
هذا و لا ينبغي أن تفوتنا الفرصة دون أن نشير إلى حقوق الطرف الآخر المتعاقد مع إدارة المياه و الغابات أو
وزير الفلاحة، بحيث أقر القانون القانون لهذا الطرف الثاني في العقد عدة حقوق أهمها، حق الحفاظ على التوازن
المالي للعقد، إذ لا ينبغي أن يتحمل الشخص كل الأعباء التي تنتج عن تغير الظروف التي كانت وقت التعاقد، لذلك
يجب على الجهة التي أبرمت العقد أن تتدخل لإعادة التوازن المالي للعقد.
ب: الحماية القضائية للملك الغابوي
بالرغم من أن ظهير 10 أكتوبر 1917 قد خول للإدارة سلطات واسعة في تسيير الملك الغابوي و تدبيره ، فإنه
مع ذلك لا يمكننا أن ننكر دور القضاء في حماية هذا الرصيد العقاري ، إذ يلعب القضاء الإداري خاصة و القضاء
العادي بشكل عام يلعب دورا فعالا لإن سواء على مستوى تدخله في المنازعات المرتبطة بالقرارات و العقود
الإدارية المبرمة بين الإدارة و الخواص ، أو على مستوى تدخله لردع المخالفات الصادرة في المجال الغابوي و
ذلك في إطار تدخله في قضايا المسؤولية المدنية أو شبه الجنحية
دور القضاء في المنازعات المرتبطة بالقرارات و العقود الإدارية
من المعلوم أن جميع المنازعات المتعلقة بالملك الغابوي ينعقد الاختصاص فيها للقاضي الإداري بما في ذلك
القرارات الصادرة عن غدارة المياه و الغابات أو حتى العقود التي تبرمها هذه الجهة مع الخواص، و هذا
الاختصاص الذي خوله المشرع للقضاء الإداري يجد سنده في الفصلين 8 و 9 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.
فما هي بالتالي أوجه تدخل القضاء الإداري في المنازعات المتعلقة بالقرارات التي تصدرها إدارة المياه و الغابات
(أولا) ثم أوجه تدخله في المنازعات الناتجة جراء إبرام العقود الإدارية مع الخواص (ثانيا).
تدخل القضاء الإدار ي في منازعات القرارت الإدارية
القرار الإداري هو عمل انفرادي أو تنظيمي صادر عن الإدارة ينشئ وضعية قانونية متى كانت ممكنة و كان
الباعث منها ابتغاء المصلحة العامة، وبالتالي فالقرارات الإدارية الصادر في المجال الغابوي يمكن أن يصدرها
وزير الفلاحة مباشرة، مثل قرار التحديد الإداري للملك الغابوي و هنا يكون القرار تنظيميا، و يمكن أن سصدر عن
إدارة المياه و الغابات في شكل قرارات فردية، كالقرار المنظم لحقوق الانتفاع من الملك الغابوي، و بالتالي أيا
كانت الجهة التي أصدرته فإنه يحق للقاضي الإداري التدخل في أي منازعة نشأت عنه، و هكذا متى صدر القرار
غير محترم للشكليات و الإجراءات المنصوص عليها قانونا أو كان قرارا متعسفا فيه من حيث استعمال السلطة و
مس بحقوق أفراد معينين فإنه يحق لهؤلاء أن يطعنوا أمام المحكمة الإدارية في هذا القرار عن طريق تقنية دعوى
الإلغاء ، على أنه يكون بالإمكان الطعن في القرار ككل او الطعن في جزء منه فقط في حالة قابليته للتجزئة.
و ينبغي الإشارة إلى أن حكم المحكمة الإدارية الذي يقضي بإلغاء القرار الإداري يعدم هذا القرار بالنسبة للمستقبل
فقط مع ترك الآثار التي ترتبت عنه في الماضي، و هكذا أمكن القول أنه لا يمكن تحصين أي قرار إداري من
رقابة القضاء و ذلك تكريسا للفصل 118 من الدستور المغربي ( كا قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان
تنظيميا او فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة الإدارية المختصة).
هناك قرارات أخرى فردية تصدر عن إدارة المياه والغابات كالقرارات التي تنظم حق الانتفاع، فقد صدر مثلا قرار
لمديرية المياه و الغابات يقضي بأن حق الانتفاع من الملك الغابوي هو حق عرفي تاريخي لمنتوج الغابة يستهلك
فورا في حدود الحاجيات المتطلبة للعائلات كما يجب أن لا يتجاوز طاقة الغابة، و بالتالي فكل القرارات التي
تصدر عن إدارة المياه و الغابات يمكن الطعن فيها أمام القضاء الإداري متى كان هناك سبب مبرر.
تدخل القضاء في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية
تمت الإشارة مسبقا بأن العقد الإداري يخول الإدارة صلاحيات و سلطات لا مثيل لها، و بالتالي عدم العمل بالقواعد
العامة الواردة في القانون الخاص، لكن من اجل التلطيف من حدة جبروت الإدارة في مواجهتها للخواص النتعاقدين
معها خول المشرع للقاضي الإداري التدخل كلما دعت الضرورة في مجال المنازعات العقدية ، فما هي مظاهر تدخل القضاء في هذا المضمار؟
يمكن لإدارة المياه و الغابات في إطار مهمتها أن تبرم عقود تنفيذ الأشغال ذات الصبغة الغابوية مع شخص من
الخواص، و عقد تنفيذ الأشغال العامة هو من العقود الإدارية كما ورد في القرار الوزاري الصادر عن الوزير
الأول بتاريخ 12 يوليوز 1999 المتعلق بتطبيق المادة 72 من المرسوم 30 دجنبر 1998 بمثابة قانون لإبرام
الصفقات العمومية، و بالتالي فإن اي نزاع ينشا عن هذا لاعقد فهو من اختصاص القاضي الإداري و لا يمكن أن
يفصل فيه القاضي العادي رغم ان القانون المحدث للمحاكم الإدارية لم ينص صراحة على حصر الاختصاص في المنازعات الإدارية على القضاء الإداري.
و على عكس الصلاحيات الضيقة المخولة للقاضي الإداري في مجال القرارات الإدارية، فغنه مقابل ذلك يتمتع
بسلطة واسعة على العقد الإداري المبرم في المجال الغابوي، سواء تعلق النزاع بمرحلة تكوين العقد او حتى مرحلة
تصفية الحقوق و الالتزامات الناشئة عنه، و بالتالي يمكن للقاضي الإداري حسب الحالات أن يقضي ببطلان العقد
أو بطلان بعض التصرفات أو حتى القول بفسخ العقد و التعويض الذي يلزم به إدارة المياه و الغابات باعتبارها
المسؤولة عن الأضرار التي لحقت بالطرف الآخر بمناسبة إبرام هذا العقد الإداري.
و بالرجوع للفصلين 79 و 80 من ق ل ع نجد الأول يعالج مبدأ مسؤولية الدولة الناتجة عن تسيير إدارتها و عن
الأخطاء المصلحية لموظفيها، و بالتالي وجب أن تتوفر في المخالفة كافة الأركان الواجبة لانعقاد المسؤولية
التقصيرية من خطأ و ضرر و علاقة سببية بينهما، و تكون إدارة المياه و الغابات هي الشخص المؤهل الذي تكون
له الصفة و المصلحة لرفع مثل هذه الدعاوى، و ذلك في إطارة ممارستها لمهامها المخولة لها بموجب ظهير
1917 المتعلق بالملك الغابوي.
هذا إن ارتكب شخص مخالفة أضرت بالملك الغابوي، لكن ماذا عن إدارة المياه و الغابات، فكيف يمكن الحديث عن مسؤوليتها أمام الخواص باعتبارها المسؤولة عن الأملاك الغابوية؟
كإجابة على التساؤل أعلاه فإنه من المعلوم أن السكان المجاورين للغابات يتعرضون في غالب الأحيان لأضرار
متنوعة، كإتف محصولاتهم الزراعية من طرف الحيوانات البرية التي تعيش داخل الغابة، ففي مثل هذه الأحوال
تنعقد مسؤولية إدارة الغابات استنادا لمسؤولية الدولة عن الأخطاء المصلحية التي يرتكبها مستخدموها، و يرجع
الاختصاص للمحاكم الإدارية في مثل هذه النزاعات، و تجدر الإشارة إلى ان هذا الاختصاص كان لفائدة المحاكم
العادية لكن مع صدور قانون 41.90 أصبح من اختصاص القضاء الإداري و ذلك بموجب المادة 8 من القانون المذكور.
و قد كرس الإجتهاد القضائي هذا المبدأ، إذ قضت محكمة الاستئناف بالرباط في نازلة تسببت فيه الخنازير البرية
بخسائر جسيمة لحقت بالسكان المجاورين للغابة في وت صدر فيه قرار عن إدارة المياه و الغابات يقضي بمنع
الصيد البري، و بالتالي قضت اعتبرت المحكمة الواقعة بمثابة امتداد لارتفاق طبيعي، ينتج عن غياب الخطأ من
طرف المضرورين المجاورين للغاية، و بالتالي قضت المحكمة المذكورة بأن الجهة المكلفة بتسيير الملك الغابوي
و حراسته تكون هي المسؤولة عن الأضرار التي يسببها الحيوان البري.
الفقرة الثانية: توجهات القضاء الإداري في منازعات الأملاك العمومية
نظرا لأهمية الملك العمومي فقط أعطى المشرع المغربي للقضاء الإداري سلطات واسعة واختصاصات عديدة من أجل حماية قضايا الملك الملك العمومي بصفة عامة وقضايا استغلاله على وجه الخصوص وذلك من خلال العديد من الإجتهادات القضائية التي ساهم القضاء الإداري في فض النزاعات التي تثار بمناسبة ممارسة الإدارات العمومية لسلطاتها في منح التراخيص باستغلال الملك العمومي أو رفض منح هذه التراخيص أو وضع حد لها سواء تلك النزاعات التي تكون بين الإدارات العمومية فيما بينها أو بين الإدارة وأحد أشخاص القانون الخاص بغية الحفاظ عليه حتى يمكن أن يؤدي إلى الغرض الذي خصص من أجله من جهة ومن جهة أخرى حماية الأوضاع القانونية.
ونورد في هذا الصدد مجموعة من الأحكام التي ساهم القاضي الإداري فيها في حماية الملك العمومي منها حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكم رقم 236 الصادر بتاريخ 14 أبريل 2011 حيث أن شغل الملك العمومي الجماعي يكتسب طابعا شخصيا غير قابل للتفويت ولا الإنتقال إلا بإرادة الجهة المانحة للترخيص،وأن ثبوت تولية الطاعن للمحل موضوع الاستغلال المؤقت للغير دون إثبات العلاقة المباشرة مع الإدارة والإكتفاء بعقد شراء حق الزينة لتبرير ذلك الاستغلال يجعل قار الإدارة بنزع حق الاستغلال منه ومنحه لمستغل اخر قرارا مشروعا،وبالرجوع إلى وقائع النازلة حيث تقدم المدعي بمقال يرمي الحكم بإلغاء القرار الصادر عن السيد رئيس المجلس البلدي لعين حرودة والقاضي بنزع حق استغلال البقعة الأرضية من الطاعن وكذا القرار الصادر عن نفس الجهة القاضي بإسناد نفس السالفة الذكر إلى المطلوب في الطعن ،وذلك استنادا إلى الوسائل لمبينة بالمقال.
حيث يستفاد من المقال والوثائق المدلى بها أن الطاعن يستفيد من حق الزينة لمنزل وقد ال اليه هذا الحق بمقتضى البيع المصحح بتاريخ 2006/06/27 وبعد ذلك تسلم من رئيس جماعة شهادة تفيد استغلاله مؤقتا للملك السالف الذكر.ير أنه فوجئ بتاريخ 2009/08/02
بكون أحد الأشخاص يقتحم هذا المنزل في غيبته استنادا إلى قرار صادر صادر عن رئيس المجلس البلدي يسند إليه حق استغلال البقعة الأرضية السالفة الذكر منه(أي من الطاعن).
وبما أن هذين القرارين قد جاء مشوبين بعيوب المشروعية فقد التمس الحكم بإلغائهما.
وحيث أجاب السيد رئيس المجلس البلدي المطلوب في الطعن بواسطة نائبه بواسطة نائبه ملاحظا أن ما ينهاه الطالب على قرار نزع حق الإستغلال منه لا يرتكز لى أساس سليم على اعتبار أنه لم يتخذ هذا القرار إلا بعد أن ثبت للمجلس قيام الطاعن بكراء المحال موضوع الإستغلال المؤقت للغير...
إن الظهير المتعلق بالإحتلال المؤقت للملك العمومي أكد علئ عدم قابلية هذه الأملاك للتفويت وأن الرخص المتعلقة بحق الإستغلال تعطئ بصفة مؤقتة ويمكن إبطالها في كل وقت حسب ما تقتضيه المنفعة العامة.
وحيث أنه أمام استبعاد كل الوسائل المثارة في الطعن يبقى القرار المطعون فيه مشروعا ولا يشوبه أي عيب من عيوب المشروعية مما يتعين معه الحكم برفض الطعن بالإلغاء المقدم بشأنه.
ولذلك جاء في منطوق هذا الحكم بقبول الطلب شكلا وفي الموضوع برفضه.
وإذا كان الظهير الشريف المتعلق بالإحتلال المؤقت للملك العمومي والذي يكون تحت يد بعض المؤسسات العمومية أو الشبه العمومية، إلا أن البعض قد يحاولن تحويل المؤقت إلى دائم بالحيازة المطلق ليتم عرض النزاع على القضاء الاداري.
وكمثال على ذلك نورد حكم المحكمة الإدارية بالرباط حيث أن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية في منح الترخيص باستغلال ملك عمومي بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة،ولا يمكن الطعن في تقديرها إلا من خلال مظاهر الإنحراف في استعمال السلطة.
وبالرجوع لوقائع النازلة نجد أن المدعي يهدف إلى إلغاء القرار الصادر عن رئيس المجلس الجماعي بمدينة القنيطرة والقاضي بمنح الطعن عن استغلال الملك العمومي عبارة عن الرصيف في توسيع مقهاه،مع ترتيب الاثار القانونية على ذلك.
وحيث تمسك الطاعن بخرق مبدأ المساواة بحكم أن جميع المقاهي المتواجدة بالشارع المذكور تستفيد من رخص استغلال الرصيف، بالإضافة إلى قرار الترخيص بفتح المقهى
نص على إمكانية الترخيص له باستغلال الرصيف،وكان يؤدي واجبات على ذلك الإستغلال إلى غاية شهر دجنبر 2005.
وحيث أن مجال الترخيص باستغلال الملك العمومي يعتبر من بين المجالات التي تتمتع فيها الإدارة بسلطة تقديرية واسعة،بحيث تملك صلاحية كبيرة في منح الترخيص أو رفضه حسب ما تقتضيه طبيعة وظروف المصلحة العامة التي يرجع إليها أمر تقديرها،ولا يمكن الطعن في أمر ذلك التقدير من مظاهر الإنحراف التي يمكن أن تشوب سطتها من خلال استهداف قرار الإستجابة أو الرفض تحقيق مصلحة خاصة غير المصلحة العامة المرتبطة بتقدير المرفق العام.
وفي نازلة الحال فإن المجلس الجماعي أوضح بأن رفض الترخيص للطاعن باستغلال الرصيف المحادي لمقهاه إنما كان يستهدف تحقيق مصلحة الجماعة لسكان العمارة
المتواجد بها هذا الأخير والذين أبدوا تعرضعم على إحداث المقهى في أساسه وخاصة استغلال الرصف.
بناء على ما تقدم قضت المحكمة الإدارية بقبول الطلب شكلا وموضوعيا برفضه .
وفي إطار الرقابة التي يمارسها القضاء على مقررات وأعمال السلطات الإدارية حماية منه للمراكز القانونية والحقوق المكتسبة قانونا قضت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم لها..."حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار الضمني الصادر عن وزير التجهيز برفض التشطيب غلى اسم زوج الطاعنة من لرخص استغلال الملك العام البحري وبتحويلها بمفردها لتصبح المسؤولة عن أداء الإتاوة المطبقة حاليا مع ترتيب الأثار القانونية"
حيث عرضت المدعية بكونها مأذون لها مع زوجها باحتلال جزء من الملك العام البحري (القطعة رقم شاطئ كيفيل عمالة الصخيرات تمارة) مساحتها 5/2 متر مربع متكونة من سفلي وشرفة، وأن المادة الخامسة من دفتر التحملات تؤكد أن الإذن له طابع شخصي ولا يخضع للنظام القانوني للإرث وإنما لقاعدة الإستمرار في الإستغلال الفعلي،وإنها تشغل تلك القطعة وأن زوجها التحق بالرفيق الأعلى وتقدمت بعد ذلك بطلب إلى السيد الوزير قصد التشطيب على اسم زوجها من الرخصة لتبقى هي المستفيدة الوحيدة مع تحمل الإتاوة المطبقة لوحدها كاملة،غير أن السيد الوزير رفض الجواب على الملتمس مما يعتبر معه قرار ضمني بالرفض حيث أسست المدعية طلبها على ثلاث وسائل على عيب انعدام السبب وانعدام التعليل ومخالفة القانون.
وحيث وبثبوت انعدام السبب ومخالفة القانون،يكون القرار الضمني المطعون فيه متسما بالتجاوز في استعمال السلطة ويتعين الحكم بإلغائه مع ترتيب الاثار القانونية على ذلك.
وأمام استفحال ظاهرة استغلال الملك العمومي بحيث ذلك بتشجيع من المسؤولين بالمجلس البلدي الذين يقومون بمنح تراخيص لاستغلال الأملاك العمومية خارج القانون ودون مراعاة لجمالية المدينة ودون مراعاة أيضا لسلامة وأمن المواطنين في التنقل بكل حرية وسهولة على أرصفة الشوارع.
وقد زاد تقاعس السلطات المحلية ومعها الشرطة الإدارية من تفاقم هذه الظاهرة مما جعل الملك العمومي عرضة للنهب.
وأمام هذا الوضع كان لابد من توفير حماية للملك العمومي من طرف القاضي الإداري وفي هذا الصدد نورد الحكم رقم 132 الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2008/01/02 في الملف عدد 290/07 ت.ش بين المكتب الوطني للسكك الحديدية ومجلس المدينة سطات حيث جاء فيه"حيث يرمي الطلب إلى الحكم على الجماعة الحضرية لمدينة سطات بإفراغ الملك العام المستغل من طرفها،والمتمثل في البقع الأرضية موضوع الرسم العقاري عدد 3164 المتواجدة في محطة القطار بسطات هي أو من يقوم مقامها أو بإذنها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 1000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، وتمكين المكتب المدعي من الملك العام المذكور،وفق الشروط المنصوص عليها في الإلتزام المشمول وحيث أنه بالرجوع إلى وثائق الملف تبين للمحكمة كون المكتب المدعي أبرم اتفاقية مع بلدية سطات بتاريخ 19 يناير 1971 وأعقبها بملاحق تقتضي الترخيص لهذه الأخيرة باستغلال مؤقت للبقعة الأرضية وفق شروط.
وحيث بادر المدعي إلى توجيه إنذار للمدعى عليها بواسطة مفوض قضائي لاسترجاع الملك العمومي له.
وحث دفعت الجماعة المدعى عليها بعدم إثبات واقعة الاحتلال وبعدم تعليل قرار سحب الرخصة.
وحيث ثبت للمحكمة من خلال وثائق الملف خلاف ما تم الدفع به،ذلك أن واقعة الاحتلال ثابتة يقينيا ربطا بالاتفاقية المبرمة بين الطرفين والمتعلقة بالاستغلال المؤقت للملك العمومي موضوع الطلب،فيكون الدفع المثار بهذا الخصوص بغير أساس.
ومن الأحكام التي عمل القضاء الإداري من خلالها على حماية الملك العمومي والحفاظ على مصالح الأفراد وحمايتهم من جور واستغلال الإدارة لسلطتها ولشططها في استعمال السلطة صدر حكم للمحكمة الإدارية بالبيضاء بين شركة مديورات لوجستيك في شخص ممثلها القانوني وبين عامل مقاطعات عين السبع الحي المحمدي بالدار اللبيضاء.
وتتلخص وقائع النازلة في ما يلي:
"حيث إن مؤدى الطلب هو الحكم بإلغاء قرار عامل عمالة ماطعات عين السبع المحمدي المؤرخ بتاريخ 7 دجنبر 2007 تحت عدد 5949 القاضي بإخلاء الملك العمومي البلدي وإلغاء تسخير القوة العمومية بسبب ابشطط في استعمال السلطة وذلك لعدم وجود حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به.
حيثت تقدمت المدعية بمقال تعرض فيه أنها تستغل بقعة أرضية الكائنة بالدار البيضاء كمستودع للشاحنات مع صيانتها،بالملك العمومي الجماعي حسب الرخصة الممنوحة من المصالح المختصة التابعة لوزارة الداخلية،وأنها تؤدي الضرائب بصفة منتظمة كما تشهد على ذلك الشهادة الصادرة عن إدارة الضرائب.
غير أنها فوجئت بمطالبتها من طرف العامل بتقديم الرخصة الإستغلالية إلى مصالح العمالة التابعة لدائرة لنفوذه مع الإخلاء الكلي للملك العمومي وأنها فوجئت بهذا القرار المباغث وغير المبرر والمجانب للصواب،والذي يتسم بالشطط في استعمال السلطة،
حيث أن الشرطة الإدارية التجأت إلى أسلوب التهديد والوعيد انحرافا بذلك عن السلطة ومفهومها الجديد.
وبعد توصل العارضة بالإنذار بادرت إلى التظلم الإداري،بعد محاولة إفراغ المدعية ونقل جميع معداتها ولوازمها بواسطة القوة العمومية والسلطة المحلية دون التوفر على حكم قضائي حائز لقوة الشئ المقضي به.
حيث إن المدعية تتوفر على رخصة استغلال الملك العمومي من طرف الجماعة الحضرية لعين السبع.
حيث أنة بمقتضى المادة 20 من القانون 90/41،فإن كل قرار إداري صادر من جهة غير مختصة أو لعيب في شكله أو الإنحراف في استعمال السلطة،أو لانعدام التعليل يشكل تجاوزا في استعمال السلطة يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة الإدارية المختصة.
وحيث إن عيب عدم الإختصاص هو العيب الوحيد الذي يعتبر متعلقا بالنظام العام وللقاضي إذا تبين له صدور القرار من غير صاحب الإختصاص أن يتصدى لذلك من تلقاء نفسه ولو لم يثره الطاعن كسبب للإلغاء
حيث أنه بموجب المادة 47 من القانون 00-78 النتعلق بالميثاق الجماعي،فإنه من اختصاص رئيس المجلس اتخاذ التدابير المتعلقة بالملك العمومي الجماعي، ومنحرخص الإحتلال المؤقت للملك العمومي بإقامة يناء فضلا عن تدبير الأملاك الجماعية والمحافظة عليها.
وحيث يتبين من وثائق الملف أن الطاعنة قد استفادت من رخصة الإحتلال المؤقت للملك الجماعي،صادرة عن رئيس المجلس الجماعي بالدار البيضاء مقابل أداء إتاوة محددة،وذلك بموجب القرار الصادر بتاريخ 9 أكتوبر 2003،وأنه بتاريخ 7 دجنبر 2007 أصدر عامل عمالة مقاطعات عين السبع المحمدي قرار يقضي بتقديم الرخصة إلى مصالح العمالة والإخلاء الكلي للملك العمومي وحيث إن القرار الصادر عن جهة غير مختصة طالما أن الطاعنة قد رخص لها بموجب قرار صادر عن رئيس المجلس الجماعي للدار البيضاء،وهو ما يشكل خرقا لقواعد الإختصاص.
وحيث إن صدور القرار عن رئيس المجلس الجماعي بتاريخ لاحق عن قرار العامل المطعون فيه يقضي بنفس ما قضى به القرار المذكور فإنه بغض النظر عن مشروعيته من عدمها لا يمكن تصحيح القرار المعيب بعدم الاختصاص.
وحيث يتعين تأسيسا على ما ذكر التصريح بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر عن عمالة مقاطعات عين السبع المحمدي بسبب تجاوز السلطة.
"ولهذه الأسباب قضت المحكمة الإدارية بقبول الطلب شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري الصادر عن عامل مقاطعات عين السبع المحمدي"
خاتمة :
صفوة القول أن دراسة هذا الموضوع من جانب أول مكنتنا من الوقوف على مكامن القوة والضعف لإطار القانوني والتنظيمي المنظم للملك العمومي لذلك فإن الإستنتاج الأساس الذي خرجنا به هو أن الإطار القانوني المذكور تعتريه من الإختلات والنقائص من بينها تقادم النصوص إذ أغلبها وضع في فترة الحماية الفرنسية على المغرب إضافة إلى عدم مسايرته للمستجدات ومتطلبات الإستثمار فوق الملك العمومي... الشي الذي يشكل عقبة وجه استغلاله من جهة ،ومن جهة أخرى يطرح مجموعة من النزعات على المستوى الإداري والقضائي .
ولتفادي الإشكاليات المطروحة سواء من قبل المنظومة القانونية أو التنظيمية للملك العمومي وسلبيات الممارسة الإدارية في هذا الصدد فإنه ان الأوان لان يتدخل المشرع المغربي من أجل رد الإعتبار للملك العمومي وإزالة كل المعيقات التي تعوق استغلاله بالشكل المطلوب وذلك من خلال الأخد بعين الإعتبار المقترحات التالية:
استغلال الأملاك العمومية بالطريقة المثلى وضمان حماية كافية لها التي يمكن أن تعيد لهذه الأملاك ذلك الدور الشمولي المنشود
إعادة النظر في الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم شغل الملك العام
إضفاء الحماية الازمة على الأملاك العمومية للحيولة دون تعريضها للإعتداءات التي تحول دون تطويرها وتنميتها
تفعيل دور القضاء الإداري لمعالجة قضايا الملك العام بصفة عامة من خلال تكوين قضاة متخصصين في مجال الأملاك العامة.
الفهرس
مقدمة..................................................................................................1
المطلب الأول: أجهزة تدبير منازعات الملك العموي......................................................3
الفقرة الأولى: التمثيل الإداري للمنازعات المرتبطة بالملك العمومي........................................3
الفقرة الثانية :طبيعة عقود تدبير الأملاك المخزنية.......................................................6
المطلب الثاني: تطبيقات المنازعات المتعلقة بالملك العمومي ودور القضاء فيها...........................9
الفقرة الأولى :تطبيقات المنازعات المرتبطة بالملك العمومي..............................................9
الفقرة الثانية: توجهات القضاء الإداري في منازعات الأملاك العمومية........................... .......16
خاتمة ...............................................................................................23
الفهرس............................................................................................24