من إعداد الطالبات: من اقتراح الأستاذ:
رجاء الصغير د. يوسف التبر
إكرام حكيم
هدى الصبان
السنة الجامعية: 2017- 2018
المقدمة :
إن التطور والتقدم الاقتصادي والتكنولوجي أدى إلى تنوع الأخطار التي يتعرض لها الإنسان سواء في شخصه أو في ماله فهو يحتاج و يسعى دوما إلى أن يعيش حياة مستقرة يتوفر فيها الأمان والاطمئنان،حياة متطورة في شتى المجالات ومن أجل تحقيق ذلك
كان على الإنسان أمام الدمار الهائل الذي تخلفه الوقائع الكارثية و التي غالبا ما يعجز عن دفعها أو التنبؤ بها من ناحية ،وحرصه من ناحية أخرى على الحفاظ على أمواله، التفكير في وسيلة تخفف من آثارها إذا ما احتاط لها مسبقا، من خلال اللجوء إلى التأمين كوسيلة ناجعة تكفل له الأمان لمواجهة أخطار الوقائع الكارثية التي تعترض أملاكه.
إذ أن العملية التأمينية تسعى إلى قيام المؤمن بتحمل الأخطار التي يتعرض لها المؤمن له في ممتلكاته مقابل تقاضي قسط أو اشتراك محدد عن هذه التغطية ، وفي سبيل هذا الغرض سعى المشرع المغربي إلى تنظيم التأمين على الوقائع الكارثية لأول مرة بموجب القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية والمتمم والمغير للقسم الثاني من مدونة التأمينات، والذي يتمثل في التعويض الذي يمنحه صندوق التضامن للأشخاص الذين لا يتوفرون على أي تغطية أو يستفيدون من تغطية تمنحهم تعويضا أقل من التعويض الذي كان صندوق التضامن سيمنحهم إياه ولو لم يكونوا يتوفرون على أي تغطية ،والمتمثل ايضا في الزام شركة التأمين بتضمين عقودها المنصوص عليها في المادة 64.1 ضمانا ضد عواقب الوقائع الكارثية.
ومن هنا تراءت لنا اشكالية مفادها، إلى أي حد نجح المشرع من خلال القانون رقم 110.14 في تجسيد فكرة الزامية التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية؟
وللاجابة عن هذه الاشكالية قسمنا هذا العرض إلى مبحثين :
المبحث الأول : نظام تغطية العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية.
المبحث الثاني : التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية .
المبحث الأول: نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية
إن نظام تغطية الوقائع الكارثية هو نظام جاء به المشرع من أجل تغطية عواقب هذه الوقائع و ذلك قصد تعويض ضحاياها الذين لا يتوفرون على أي تغطية للمخاطر أو يتوفرون على تغطية غير كافية ،ونظرا لأهميته فإننا سنتناول في هذا المبحث الأحكام العامة لنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية (المطلب الأول)، ثم لجنة تتبع الوقائع الكارثية (المطلب الثاني).
المطلب الأول:الأحكام العامة لنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية
يهدف نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية إلى تعويض ضحاياها عن الأضرار والخسائر التي أصابتهم جراء هذه الواقعة،إلا أن المشرع لم يجعل هذه التغطية مطلقة حيث أن هناك بعد الأضرار والخسائر تستثنى من نطاق تطبيق هذا النظام،وبذلك سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين،تعريف الكارثة الموجبة للضمان (الفقرة الأولى)، ثم الاستثناء من ضمان الوقائع الكارثية(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف الكارثة الموجبة للضمان
لتحديد مدلول الكارثة الموجبة لضمان يجدر بنا أولا التطرق إلى تعريف التأمين بوجه عام، سواء من الناحية الفقهية أو التشريعية.
فمن الناحية التشريعية نجد المشرع المغربي لم يعرف التأمين،في حين أنه عرف عقد التأمين في المادة الأولى من القانون رقم 17.99 عقد التأمين على أنه : " اتفاق بين المؤمن و المكتتب من أجل تغطية خطر ما. و يحدد هذا الاتفاق التزاماتهما المتبادلة ".
أما من الناحية الفقهية فالتعريف الذي حظي بقبول غالبية الفقه هو الذي أتى به الفقيه الفرنسي "هيمار" الذي عرف التأمين بأنه:"عملية يحصل بواسطتها أحد الطرفين وهو المؤمن له، نظير قسط يدفعه، على تعهد لصالحه أو لصالح الغير، بأن يدفع له الطرف الأخر الذي هو المؤمن له، في حالة تحقق خطر معين، أداء محددا عن طريق تجميع مجموعة من المخاطر، وإجراء المقاصة بينهما وفقا لقوانين الإحصاء".
أما فيما يتعلق بتعريف الكارثة الموجبة للضمان فبالرجوع إلى القانون 14،110 نجده عرف الواقعة الكارثية في المادة 3 من القانون 14،110 على أنه:" يعتبر واقعة كارثية كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب، يرجع السبب الحاسم فيه إلى فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان".
ويشكل عامل القوة غير العادية لعامل طبيعي واقعة كارثية إذا توفر على االمواصفات التالية :
-شرط الفجائية أو عدم إمكانية التوقع ،وفي حالة امكانية توقع الحادث يشترط أن لا تمكن التدابير الاعتيادية المتخدة من تفادي هذا الحادث أو تعذر اتخاد هذه التدابير ،
- أن تشكل آثاره المدمرة خطورة شديدة بالنسبة للعموم.
ويعتبر الفعل العنيف للإنسان واقعة كارثية إذا كان:
- يشكل فعلا إرهابيا، أو نتيجة مباشرة لوقوع فتن أو اضطرابات شعبية عندما تشكل آثارها خطورة شديدة بالنسبة للعموم .
وتجدر الإشارة على أنه تحدد العوامل الطبيعية التي تشكل واقعة كارثية من قبل الإدارة باقتراح من هيئة مراقبة التأمينات و الاحتياط الاجتماعي وذلك حسب مقتضيات المادة 4 من قانون 110.14.
ومن خلال ما سبق يمكن تعريف عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية ، بأنه عقد يمكن بواسطته لشخص يسمى المؤمن أن يلتزم مع المؤمن له بأن يقوم بتعويضه عن الخسارة المحتملة يرجع السبب فيها إما إلى فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي تتوفر فيه شرط الفجائية أو عدم إمكانية التوقع وأن تشكل آثاره المدمرة خطورة شديدة بالنسبة للعموم،أو إلى الفعل العنيف للإنسان إذا كان فعلا ارهابيا أو نتيجة مباشرة لوقوع فتن واضطرابات شعبية عندما تشكل آثارها خطورة شديدة بالنسبة للعموم.
وإذا كان المشرع المغربي عرف لنا الواقعة الكارثية،فإن المشرع الجزائري عرف لنا فقط الكارثة الطبيعية في المادة 2 من الأمر 12.03 بنصه على مـايلي :الكوارث الطبيعية هي الأضرار المباشرة التي تلحق بالأملاك جراء وقوع حادث طبيعي ذي شدة غير عادية مثل الزلزال أو الفيضانات أو العواصف أو أي كارثة أخرى".
كما نجد المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم 268-04 لهذا القانون قد ذكرت الكوارث الطبيعية التي تدخل في إطار إلزامية التأمين وذلك على سبيل الحصر،فأي حادث طبيعي أخر لا يخضع لأحكام التأمين من الكوارث الطبيعية،وهي الزلازل الفيضانات،سواحل البحر، تحركات قطع الأرض،العواصف والرياح الشديدة،حيث نصت على ما يلي:"تغطي إلزامية التأمين على آثار الكوارث الطبيعية،الحوادث الطبيعية الآتية:
الزلازل،
الفياضانات وسوائل الوحل،العواصف والرياح الشديدة،تحركات قطع الأرض".
الفقرة الثانية: الاضرار المستثناة من تطبيق هذا النظام
تنص المادة 5 من القانون رقم 110.14 على أنه:" تستثنى من نطاق تطبيق النظام، الأضرار أو الخسائر المترتبة عن :
-استعمال المواد أو الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو الجرثومية أو الإشعاعية أو النووية،
-الحرب الأهلية أو الحرب الخارجية أو أعمال العدوان المشابهة وذلك سواء أكانت الحرب معلنة أم لا،
- جريمة إلكترونية."
ومن خلال هذه المادة يتضح لنا أن المشرع المغربي قد استثنى من التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية، مجموعة من الأضرار أو الخسائر الناجمة عن استعمال المواد أو الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو الجرثومية أو الإشعاعية أو النووية، و استثنى كذلك الأضرار الناجمة عن حرب الأهلية أو الحرب الخارجية أو العدوان المشابهة وذلك سواء أكانت الحرب معلنة أم لا، و الأضرار الناتجة عن الجريمة الإلكترونية . ويلاحظ على أن المشرع المغربي دائما ما يستثني الأخطار الناتجة عن الحرب من التأمين، حيث نجده نص على هذا الاستثناء في الفقرة الأولى من المادة 45 من مدونة التأمينات، و في اعتقادنا يرجع سبب استثناء هذه الأضرار إلى الخسائر المادية الفادحة التي يمكن أن تتسبب فيها هذه الكوارث إذا وقعت .
وكذلك نجده استثنى الجريمة الكترونية من هذا الضمان،على عكس المشرع الفرنسي الذي يقوم بتغطية الأضرار الناتجة عن جريمة الكترونية بمقتضى القانون الصادر في 30 يوليوز 2003.
المطلب الثاني: لجنة تتبع الوقائع الكارثية
تحدث لجنة تتبع الوقائع الكارثية من أجل تتبع تنفيذ نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية، وتبعا لذلك فإننا سنتطرق في هذا المطلب إلى تكوين اللجنة (الفقرة الأولى)، ثم مهامها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تكوين اللجنة
تنص المادة 11 من القانون رقم 110.14 على أنه:
" تتألف لجنة التتبع من:
1-ممثلين عن الإدارة،
2-أعضاء يتم اختيارهم نظرا لكفاءتهم في الميادين المتعلقة بالوقائع الكارثية أو بتقييم الأضرار الناجمة عنها أو هما معا .
يعين رئيس لجنة التتبع من بين الأعضاء الممثلين للإدارة.
يمكن لرئيس اللجنة أن يدعو، بصفة استشارية ، لأشغال اللجنة كل شخص يرى فائدة في مشاركته.
يعين أعضاء لجنة التتبع المشار إليهم في البند(2) أعلاه لمدة (4) سنوات قابلة للتجديد.
تحدد بنص تنظيمي كيفيات تعيين أعضاء لجنة التتبع وإحالة الأمر إليها و تسييرها، بما فيها تلك المتعلقة بلجنة الخبرة المنصوص عليها في المادة 13 أدناه."
من خلال المادة أعلاه يتضح على أن لجنة تتبع الوقائع الكارثية تكوينها و تعينها يحدد بنص تنظيمي، حيث تتألف اللجنة من ممثلين عن الإدارة يعين واحد منهم رئيسا للجنة، و أعضاء يتم اختيارهم نظرا لكفاءتهم في الميادين المتعلقة بالوقائع الكارثية أو بتقييم الأضرار الناجمة عنها أو هما معا و ذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد .
الفقرة الثانية: مهام اللجنة
حسب مقتضيات المادة 9 من القانون رقم 110.14 فإنه يعهد للجنة تتبع الوقائع الكارثية:
+ جمع كل المعومات لدى الإدارات أو مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو أي هيئة أخرى عامة أو خاصة و العمل على إنجاز كل دراسة تتعلق بظروف وحجم و آثار واقعة معروضة على أنظارها،
+ إبداء الرأي للحكومة بشأن الطابع الكارثي للواقعة المعروضة على أنظارها،
+ مساعدة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية،
+ تقديم اقتراحات إلى الإدارة بشأن جميع التدابير الهادفة إلى تحسين النظام.
ويمكن للجنة التتبع أن تستعين بلجنة الخبرة بشأن تحديد الطابع الكارثي للواقعة، حيث تتولى لجنة الخبرة بإعطاء تقييما إجماليا أوليا حول الأضرار اللاحقة بالبنايات من جراء واقعة معروضة على هذه اللجنة. وكذلك إبداء رأيها بشأن حالة المساكن التي تضررت جراء واقعة كارثية، وتقييم الضرر اللاحق بكل مسكن أصبح غير صالح للسكن، وكلفة إعادة البناء من جديد، جزئيا أو كليا و كذلك تقييم القيمة الإيجارية لكل مسكن أصبح غير صالح للسكن و ذلك طبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 110.14.
وتبقى الإشارة إلى أنه تستفيد لجنة التتبع لأجل القيام بمهامها من حق الولوج إلى أماكن الوقعة المعروضة على أنظارها وكذا من مساعدة السلطات المحلية و الوطنية، و يمكن لها الحصول على كل المعلومات و البيانات التي تراها ضرورية للقيام بمهامها. و يحدد بنص تنظيمي التعويضات الممنوحة لأعضاء لجنة التتبع، و يتحمل صندوق التضامن مصاريف تسيير لجنة التتبع و لجنة الخبرة.
المبحث الثاني:التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية
تعتبر الوقائع الكارثية بمختلف أشكالها تهديدا حقيقيا لممتلكات الأشخاص،فمهما حاول الإنسان مجابهة مخاطرها،تبقى باسطة لسلطانها الذي يتخذ مظهر غير متوقع وذي أضرار كبيرة،وهنا يبرز دور التأمين ضد عواقب الوقائع الكارثية والذي أتى به المشرع في ظل القانون 110.14،ونظرا للخصوصية التي يتمتع بها هذا النوع من التأمينات فإننا سنخصص هذا المبحث للحديث عن طبيعته (المطلب الأول)،وعن التزامات طرفي هذا العقد (المطلب الثاني)
المطلب الأول:طبيعة عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية
أصبح التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية واقع عملي،ومن أفضل الوسائل التي تمكن الإنسان أن يلجأ إليها لا لتجنب الوقائع الكارثية بل للتخفيف من آثارها،ولعل الأهمية البارزة لهذا النوع من التأمين،تفرض علينا تحديد طبيعة هذا النوع من التأمين من حيث الزامية التطبيق (الفقرة الأولى)،ومن حيث الأضرار المشمولة بالتعويض (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:طبيعة عقد التأمين من حيث إلزامية التطبيق
نصت المادة 64-1 من قانون 110.14 على أنه :"بالرغم من الأحكام المخالفة المنصوص عليها في المادتين 45 و56 من هذا القانون،يجب أن تشمل عقود التأمين التالية ضمانا ضد عواقب الوقائع الكارثية..."،فمن خلال هذه المادة يتضح لنا أن التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية هو تأمين إجباري،حيث أن المشرع ألزم شركة التأمين بتضمين عقودها النموذجية عرضا يشمل تغطية عواقب الوقائع الكارثية،وبذلك فإن عقود التأمين المنصوص عليها في البند 1 و3 من المادة 64-1 تعتبر متضمنة لضمان العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية رغم كل الشروط المخالفة.
وبالتالي فإن شركة التأمين هي المعنية بهذه الإجبارية،إذ لو كان هدف المشرع المغربي هو إجبار الأشخاص على تأمين العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية لكان نص على ذلك صراحة،كما فعل في ظل القانون 59.13.
وإذا كان المشرع المغربي نص على اجبارية التأمين ضد عواقب الوقائع الكارثية،أي اجبارية التأمين على الكارثة الطبيعية والفعل العنيف للإنسان، فإن المشرع الجزائري هو الآخر نص على هذه الاجبارية إلا أنه حصرها فقط في تأمين العقار ضد الكوارث الطبيعية،حيث أنه ألزم وبشكل صريح كل شخص طبيعي كان أو معنوي مالك لملك عقاري مبني في الجزائر،أو يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا اكتتاب عقد تأمين على الأضرار الناجمة جراء وقوع الكارثة،حيث نص في المادة الأولى من الأمر 12.03 بأنه :"يتعين على كل مالك لملك عقاري مبني يقع في الجزائر،شخصا طبيعيا كان أو معنويا ما عدا الدولة،أن يكتتب عقد تأمين على الأضرار يضمن هذا الملك من آثار الكوارث الطبيعية...".
ومن خلال هذه المادة يتضح لنا أن المشرع الجزائري فرض هذا التأمين على المؤمن لهم المالكين للعقار،عكس المشرع المغربي الذي جعل شركة التأمين هي المعنية بهذه الإجبارية.
ومن خلال هذه المادة أيضا،يتضح لنا أن المشرع الجزائري نص على إلزامية التأمين ضد الكوارث الطبيعية المنصبة على العقارات المبنية،عكس المشرع المغربي الذي جعل هذا التأمين يشمل العقارات بصفة عامة وذلك طبقا لما ورد في البند الأول من المادة 64-1.
وبالرغم من كل ما سبق،فإن ما تجب الإشارة إليه وانطلاقا من الفقرة الثانية من المادة 71 من القانون 110.14،فإن اجبارية التأمين تمتد لتشمل وبشكل ضمني حتى الأشخاص الذين يرغبون في إبرام عقود التأمين المنصوص عليها في البند 1 و 3 من المادة 64-1،أو الذين يقومون بتجديد عقودهم ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التطبيق.
الفقرة الثانية :طبيعة عقد التأمين من حيث الأضرار المشمولة بالتعويض
يدخل التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية ضمن التأمينات التي ترد على الأموال وليس على الأشخاص،فهو يدخل في إطار التأمين على الأضرار بنوعيه –التأمين على الأشياء والتأمين من المسؤولية -،وذلك حسب ما تم التنصيص في كل من البند 1 و 3 من المادة 64-1 من القانون 110.14،حيث جاء فيها:" يجب أن تشمل عقود التأمين التالية ضمانا ضد عواقب الوقائع الكارثية :
1-عقود التأمين التي تغطي الأضرار الاحقة بالأموال؛
2-....
3-عقود التأمين التي تغطي المسؤولية المدنية التي يمكن أن تثار بسبب الأضرار البدنية اللاحقة بالأغيار غير مأموري المؤمن له،الموجودين بالأماكن المنصوص عليها في العقود المذكورة...".
وذلك على اعتبار أن التأمين من الأضرار يهدف إلى تغطية المخاطر التي تهدد المؤمن له في ذمته المالية،حيث أن المخاطر التي تصيب العقار والتي تشملها التغطية في هذا النوع من التأمين تمس دائما الذمة المالية للمؤمن له.
وإذا كان المشرع المغربي نص على ان تأمين العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية هو تأمين من الأضرار بشقيه،فإن المشرع الجزائري صار على نفس النهج إلا أنه حصره فقط في التأمين على الأشياء،وذلك تبعا إلى المحل الذي يقع عليه الخطر،دون التأمين من المسؤولية.
وإذا كان التأمين من الأشياء يهدف إلى تعويض المؤمن له عما قد يصيبه من ضرر في أمواله كلا أو بعضا،أي عما قد يصيب العقار من أضرار طبقا لما ورد في المادة 64-2 حيث جاء فيها:" يغطي الضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية،الممنوح في إطار عقود التأمين المنصوص عليها في البند 1 من المادة 64-1،أعلاه الأضرار اللاحقة بالأموال المؤمن عليها والناتجة مباشرة عن واقعة كارثية ".
فإن التأمين من المسؤولية هو الذي يهدف إلى تأمين المؤمن له من الأضرار التي تلحقه نتيجة لمطالبة الغير له بالتعويض،حيث نصت المادة 64-4 على أنه :"يغطي الضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية،الممنوح في إطار عقود التأمين المنصوص عليها في البند 3 من المادة 64-1 أعلاه،الأضرار البدنية التي يتعرض لها الأشخاص غير مأموري المؤمن له الموجودين في الأماكن المنصوص عليها في عقد التأمين،وكذا الأضرار اللاحقة بذوي حقوقهم بسبب وفاتهم،عندما تنتج هذه الأضرار مباشرة عن واقعة كارثية".
يتضح لنا من خلال هذه المادة أن المشرع أعطى للمؤمن له إمكانية التأمين من المسؤولية،وذلك بهدف تغطية الأضرار التي قد تصيب ذمته المالية نتيجة لمطالبة الغير له بالتعويض عن الضرر الفعلي الحاصل له،والذي يكون نتيجة لتهدم العقار المؤمن عليه بفعل زلزال أو عمل إرهابي...
والمشرع المغربي اشترط في الغير الذي يرغب في المطالبة بالتعويض أن يكون الضرر قد أصابه في بدنه،وأن يكون من غير مأموري المؤمن له،وبأن يكون موجودا بالأماكن المنصوص عليها في عقد التأمين.
وفي الأخير تجب الإشارة،إلى أن إقرار المشرع المغربي بمسؤولية المؤمن له عن الأضرار اللاحقة بالغير والتي تكون نتيجة لوقوع كارثة طبيعية على العقار أو للفعل العنيف للإنسان ،فهو يعتبر استثناء من القاعدة العامة المنصوص عليها في كل من الفصل 88 و الفصل 95 من قانون التزامات والعقود المغربي.
المطلب الثاني : التزامات طرفي عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية
إن التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية من العقود الملزمة للجانبين ، كما أنه من عقود المعاوضة ، لذلك فإنه يؤدي إلى توزيع الالتزامات المترتبة عنه بين طرفيه ، إذ يقع على عاتق كل من المؤمن و المؤمن له التزامات معينة يجب الوفاء بها في مواجهة الطرف الأخر.
لذلك فإن دراسة الآثار المترتبة على عقد التأمين من الوقائع الكارثية تقتضي التعرض لالتزامات كل من المؤمن له (الفقرة الأولى) و المؤمن (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : التزامات المؤمن له
إن المؤمن له بعد الاتجاه إلى المؤمن قصد اكتتاب عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية، يجب عليه أن يدلي بجميع البيانات المتعلقة بالخطر المراد تغطيته ، حيث يلزم المؤمن له بأن يحيط المؤمن بكل البيانات المتعلقة بتحديد الخطر مادام من شأنها أن تؤثر في جسامة الخطر أو في تحديد آثاره أو أوصافه .
كذلك يجب على المؤمن له الإخطار عن وقوع الكارثة المؤمن منها، و هذا ما أكده المشرع من خلال المادة 64 من القانون 110ـ 14حيث جاء فيها : "يتعين على المؤمن له إشعار المؤمن بحدوث كل واقعة من شأنها أن تؤدي إلى إثارة ضمان المؤمن ، و ذلك بمجرد علمه بها و على أبعد تقدير خلال 20 يوم الموالية لحدوثها ، لا يمكن تقليص هذا الأجل باتفاق مخالف ، ويمكن تمديده من قبل الإدارة باقتراح من الهيئة .
يمكن للمؤمن له إشعار المؤمن بحدوث الواقعة المذكورة بعد انصرام الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأولى أعلاه ، وذلك في حالة الاستحالة المطلقة للقيام بذلك أو في حالة وجود سبب مشروع أو وقوع حادث فجائي أو قوة قاهرة" .
و يتضح من خلال هذه المادة أن المؤمن له ملزم بإخطار المؤمن بكل واقعة من شأنها أن تؤدي إلى إثارة ضمان المؤمن و ذلك بمجرد علمه بها و على أبعد تقدير داخل أجل 20 يوما الموالية لحدوثها ، و لا يمكن تقليص هذا الأجل من طرف المؤمن أو المؤمن له حيث لا يجوز الاتفاق على ما يخالف ذلك ، إلا أنه يمكن تمديده من قبل الإدارة باقتراح من الهيئة .
غير انه يمكن للمؤمن له إشعار المؤمن و لو بعد انصرام الأجل المذكور شريطة أن تكون هناك استحالة مطلقة منعته من القيام بذلك أو في حالة و جود سبب مشروع أو وقوع حادث فجائي أو قوة قاهرة .
و ما يلاحظ من هذه المادة أن المشرع لم ينص على الكيفية التي يتم بها هذا الإخطار و بالتالي يمكن الرجوع بشأن ذلك إلى القواعد العامة المنصوص عليها في مدونة التأمينات و بالضبط في المادة 24 منها التي حددت طريقة هذا الإخطار في رسالة مضمونة .
بالإضافة إلى هذين الالتزامين نجد أن عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية يرتب على عاتق المؤمن له التزاما بأداء القسط أو الاشتراك الذي يعتبر المقابل المالي الذي يتعهد المؤمن له بدفعه للمؤمن بغرض الحصول على تغطية الخطر المؤمن منه ، فالقسط هو السبب في ضمان المؤمن له للخطر وقد يسمى اشتراكا إذا كنا بصدد شركة تعاضدية للتأمين .
و خلافا للقواعد العامة للتأمين من الأضرار التي يتم تقدير القسط فيها على أساس درجة الخطر و ذلك وفقا لمبدأ تناسب القسط مع الخطر ، فإنه في إطار التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية، تحدد الأقساط او الاشتراكات بنص تنظيمي باقتراح من الهيئة وذلك طبقا للمادة248 ـ2 من القانون 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات المتمم بالمادة 70 من القانون 110.14 حيث جاء فيها "بالرغم من كل الأحكام التشريعية و التنظيمية المخالفة تحدد بنص تنظيمي ، باقتراح من الهيئة ، الأقساط أو الاشتراكات المتعلقة بالضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية المنصوص عليها في المادة 64ـ1 أعلاه و كذا العمولة برسم عرض عمليات التأمين المتعلقة بهذا الضمان ".
و خلافا لهذا فإن المشرع الجزائري أعطى الحق للمؤمن في تحديد قسط التأمين و ذلك على أساس المنطقة الجغرافية أي حسب درجة تأثر كل منطقة بالكوارث الطبيعية ، إذ كلما كانت درجة الاحتمال منخفضة انخفض معها مبلغ القسط ، و كلما كانت مرتفعة ارتفع معها مبلغ القسط ، بالإضافة إلى القيمة الحقيقة للعقار ، مع الأخذ بعين الاعتبار مكان وجود العقار و نوعية البناء و تاريخ إنشاءه.
الفقرة الثانية : التزامات المؤمن .
إذا كان صندوق التضامن هو من يعوض ضحايا الوقائع الكارثية الذين لا يتوفرون على أي تغطية أو يستفيدون من تغطية تمنحهم تعويض أقل من التعويض الذي كان صندوق التضامن سيمنحه لهم لو لم يكونوا يتوفرون على أي تغطية ،فإنه في إطار التأمين الإجباري على العقار ضد عواقب الكارثية يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين ، إذ يعد التزاما أساسيا يلقى على عاتقه ،ولهذا فإن المشرع خصه بأحكام خاصة ، حيث أنه بعد إشعار المؤمن له المؤمن بوقوع الخطر داخل أجل 20 يوم من تاريخ وقوعه يتحقق التزام المؤمن بدفع مبلغ التعويض .
ومما تجب الإشارة إليه هنا أن المشرع في القانون رقم 110.14 لم يقيد شركة التأمين بدفع مبلغ التعويض في أجل معين .
وطريقة تقييم الأضرار يمكن أن تتم عن طريق خبرة منجزة من طرف لجنة الخبرة بناءا على طلب المؤمن وذلك لتقييم الأضرار اللاحقة بالضحايا المؤمنين برسم عقود للتأمين التي تشمل ضمانا ضد عواقب الوقائع الكارثية ، وتتحمل مقاولات التأمين و إعادة التأمين المعنية مصاريف و أتعاب الخبرة وذلك طبقا لأحكام المادة 14 من القانون 110.14 ، وتحدد بنص تنظيمي باقتراح من الهيئة كيفية تفعيل هذا الضمان .
وحسب المادة 8.64 من نفس القانون فإن التعويض عن الضرر المستحق للضحية أو لذوي حقوقها بسبب وفاتها برسم الضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية الممنوح في إطار عقود التأمين التي تغطي المسؤولية المدنية التي يمكن أن تثار بسبب الأضرار البدنية اللاحقة بالأغيار الموجودين بالعقار يتم وفقا لأحكام ظهير 2 أكتوبر 1984 ، ولا يؤخذ بعين الاعتبار قسط مسؤولية الضحية في تقدير التعويض .
وإذا كان هذا الضمان مغطى بعدة عقود التأمين ،فإن كل عقد منهم ينتج آثاره وفقا للشروط المحددة فيه ، ودون أن يتجاوز التعويض الإجمالي الممنوح للضحية أو لذوي حقوقها مبلغ التعويض المحدد طبقا لأحكام ظهير 1984 ، ويمكن لهم الحصول على التعويض من أي مؤمن يقع اختيارهم عليه عندما يكون هناك عدة مؤمنين .
غير أن الإدارة تحدد أسقفا إجمالية للتعويض حيث أنه لا يمكن أن يقل برسم كل واقعة عن:
ملياري درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى عامل طبيعي .
300 مليون درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى الفعل العنيف للإنسان .
ولا يمكن أن يقل السقف الإجمالي للتعويض برسم كل سنة عن :
4 ملايير درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى عامل طبيعي
600 مليون درهم درهم إذا تعلق الأمر بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى الفعل العنيف للإنسان .
ويمكن أن تخفض التعويضات المستحقة في الوقائع الكارثية التي تصيب العقار وتحدد الإدارة باقتراح من الهيئة شروط وكيفيات هذا التخفيض ، وكذا منح تسبيق عن التعويض . وذلك حسب المادة 7.64 من القانون رقم 110.14 .
وفي الأخير تجب الإشارة إلى أن مقاولات التأمين وإعادة التأمين التي وقعت اتفاقية مع الدولة وصندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية تستفيد من ضمان تغطية الدولة في حالة عدم توفر تغطية لدى معيدي التأمين الأجانب ، أو في حالة عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم .
وتحدد هذه الاتفاقية شروط وكيفية تفعيل هذا الضمان .
خاتمة
من خلال تطرقنا في هذا العرض والمتعلق بالتأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية و بعد سعينا للإجابة على إشكالية البحث ، تبين لنا جليا أن هذا النوع من التأمين يشوبه نوع من القصور وعدم الكفاية نظرا لانعدام الثقافة التأمينية لدى المجتمع المغربي من جهة ،و غياب الحصص الاشهارية و الملتقيات التحسيسية و الندوات الوطنية المتعلقة بشرح أهمية التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية، من بين أبرز المسائل التي تؤدي إلى صعوبة تسويق هذا النوع من التأمين بين أفراد المجتمع و هي مهمة تقع على عاتق الدولة من جهة أخرى.
وتبعا لذلك نقترح بعض التوصيات :
- الاهتمام اكثر بهذا المجال عن طريق تعزيز ثقافة التأمين لدى المجتمع المغربي و توعيته بمدى أهمية الأمر و خطورته ، وإعداد حملات اشهارية خاصة في وسائل الإعلام السمعية و البصرية .
-إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بهذا القانون.
-فرض غرامة على المؤمن في حالة عدم تضمين عقد التأمين ضمانا ضد عواقب الوقائع الكارثية التي تصيب العقار.
لائحة المراجع
الكتب
الأمراني ازنطار امحمد ، شرح قانون التأمين رقم 17.99 دراسة نظرية وتطبيقية ، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2005 .
فؤاد معلال،قانون التأمين،دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية الجديدة،موجه إلى طلبة السداسية الخامسة من القانون الخاص بكلية العلوم القانونية بفاس سنة 2013-2012.
محمد أوغريس،تأمينات الأضرار في التشريع المغربي الجديد،مطبعة القرويين بالدار البيضاء،الطبعة الأولى،سنة 2004.
الرسائل
أوهندي أمينة ومنور ياسمين،التأمين على الكوارث الطبيعية في القانون الجزائري،رسالة لنيل دبلوم الماجستير في قسم القانون الخاص،جامعة عبد الرحمان ميرة،كلية الحقوق والعلوم السياسية،الجزائر،السنة الجامعية 2013/2014.
المقالات
عابد فايد عبد الفتاح فايد : التأمين وضمان أخطار الكوارث –تحليل النموذج الفرنسي لتأمين أخطار الكوارث الطبيعية والتكنولوجيةــ المؤتمر السنوي الثاني والعشرون، الجوانب القانونية للتأمين واتجاهاته المعاصرة.
منصور مجاجي ، تأمين المباني من أخطار الكوارث الطبيعية في التشريع الجزائري ، دفاتر السياسة والقانون ، العدد 14 يناير 2016 .
الفهرس
المقدمة............................................................................................2
المبحث الأول:نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية............................................4
المطلب الأول:الأحكام العامة لنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية...........................4
الفقرة الأولى:تعريف الكارثة الموجبة لضمان.................................................4
الفقرة الثانية:الأضرار المستثناة من تطبيق هذا النظام.........................................6
المطلب الثاني:لجنة تتبع الوقائع الكارثية.......................................................7
الفقرة الأولى:تكوين اللجنة......................................................................7
الفقرة الثانية:مهام اللجنة.........................................................................8
المبحث الثاني:التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية.............................10
المطلب الأول:طبيعة عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية................10
الفقرة الأولى:طبيعة عقد التأمين من حيث إلزامية التطبيق..................................10
الفقرة الثانية:طبيعة عقد التأمين من حيث الأضرار المشمولة بالتعويض...................12
المطلب الثاني:التزامات طرفي عقد التأمين على العقار ضد عواقب الوقائع الكارثية.....14
الفقرة الأولى:التزامات المؤمن له.............................................................14
الفقرة الثانية:التزامات المؤمن.................................................................16
خاتمة:..........................................................................................19
لائحة المراجع..................................................................................20
الفهرس.........................................................................................21