ماهية عقد الكراء وأركانه
يعتبر وجود عقد الكراء شرطا مهما لتطبيق أحكام القانون المتعلق بالكراء ، والذي يستهدف بالأساس تنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري ، فإذا كان الشخص يشغل محلا للسكنى أو للاستعمال المهني بمقتضى سبب آخر غير عقد الكراء ، كالحق في الانتفاع أو حق الاستعمال والسكني أو عارية الاستعمال أو وضع يد دون سبب قانوني ، فإن قانون الكراء غير واجب التطبيق ولوطلب الأطراف ذلك بل تطبق المحكمة تلقائيا القانون الواجب التطبيق حسب كل حالة ، لذا ستحاول من خلال هذا المبحث اخذ صورة موجزة عن عقد الكراء وذلك بالتطرق لماهية هذا العقد ( المطلب الأول ) تم سنتناول أركانه وأنواع الأكرية ( المطلب الثاني )
المطلب الأول : ماهية عقد الكراء
يتميز عقد الكراء عن غيره من العقود المسماة بمجموعة من الخصائص ، غير أنه قبل الحديث عن هذه الخصائص ( الفقرة الثانية ) لابد من تعريف هذا العقد ( الفقرة الأولى )
الفقرة الأولى : تعريف عقد الكراء
عرف الفصل 627 من قانون الالتزامات والعقود عقد الكراء بأنه " عقد بمقتضاء يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم الطرف الآخر بدفعها له " ونصت المادة 2 من القانون 67.12 على أنه " تحدد بتراضي الأطراف شروط ووجيبة أكرية المحلات المشار إليها في المادة الأولى ، وأضافت المادة الثالثة من نفس القانون على أنه " يبرم عقد الكراء وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ يتضمن على الخصوص الاسم الشخصي والعائلي للمكري والمكتري ، والمهنة ، والموطن ووثيقة إثبات الهوية وجميع المعلومات المتعلقة بالوكيل ، عند الاقتضاء ؛ " ومن خلال ما سبق يمكن استخلاص مجموعة الخصائص المميزة لعقد الكراء
الفقرة الثانية : خصائص عقد الكراء
عقد الكراء عقد شكلي
لقد حرص المشرع المغربي على تأكيد رضائية عقد الكراء من خلال الفصل 628 من ق ل ع والذي جاء فيه " يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى الأجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفق عليه من شروط العقد " غير أن المادة الثالثة من القانون 312.67 أقرت شكلية الكتابة والتي تعتبر من أهم المستجدات التي جاء بها هذا القانون ، غير أنه يلاحظ على هذا القانون الجديد رغم تضمنه لصيغة الوجوب إلا أنه لم يحدد أثرا على تخلف الكتابة والبيانات المدرجة مما يجعل من شكلية الكتابة سوى وسيلة للإثبات لا لانعقاد عقد الكراء وهذا م عدم مخالفة أحكام الفصل 629 من ق ل ع “
عقد الكراء عقد تبادلي
فهو يرتب التزامات على طرفي العقد المكري والمكتري ، تهدف إلى تحقيق الغرض الفعلي المقصود ، وهو تمكين المكثري من الانتفاع بالشيء المكتري ، ويلزم المكتري أيضا بعدة التزامات أهمها المحافظة على العين المكتراة ، وأداء الأجرة وغيرها من الالتزامات الملقاة على عاتق الطرفين ، وتعتبر حقوق أحدهما التزامات على الآخر و بالعكس ؟
عقد الكراء من العقود الزمنية
فالتمكين من الانتفاع في عقد الكراء لا يتصور إلا ممتدا في الزمن ، فالمدة عنصر جوهري في عقد الكراء ، حيث تعتبر مسألة وجود وعدم لهذا النوع ، وهو بذلك يختلف عن العقود الفورية التي يقصد بها تلك العقود التي تنتج آثارها القانونية لحظة إبرامها بالرغم من تأخر التنفيذ في بعضها مادام أن الزمن ليس عنصرا أساسيا فيها ومن أبرز الأمثلة على ذلك عقد البيع الذي يعتبر عقدا فوريا
عقد الكراء عقد منفعة
فهذا العقد يرد على منفعة شيء منقول أو عقار ، وهو لا يرتب إلا حقا شخصيا لفائدة المكتري مؤداه أن الانتفاع المؤقت يستوجب رد الشيء في حالته عند انتهاء الكراء ، فلا حق له في تغييره أو الانتقاص من مزايا الشيء المؤجر ، كما تؤكد المادة 14 و 15 من قانون 67.12
عقد الكراء عقد شخصي
لكونه لا ينشيء لصالح المكتري سوى حقا شخصيا لا يتحول للعموم ، كالحق الذي يواجه به الكافة ، وبمعنى أدق أنه لا يمكن للمكتري أن يمارس حق الشفعة أو كراء مايحوزه من عقار أو منقول للغير أو توليته أو التخلي عنه بدون موافقة المالك حسب المادة 39 من القانون .767.12
عقد الكراء من عقود الإدارة
إن عقد الكراء لاينقل إلى المكتري ملكية الشيء المكترى وإنما ينقل له فقط منفعة هذا الشيء أي يعطيه الحق في الانتفاع بشيء في ملك الغير لمدة متفق عليها ، فعقد الكراء من عقود الإدارة لا من عقود التصرف ، لأنه يقتصر على تسيير العين دون التصرف فيها بالبيع أو الهبة أو التحبيس ؟ فإجمالا يعتبر الفقه الالتزام بتقديم المنفعة مقابل أداء الأجرة هو ما يميز الكراء عن غيره من العقود ، فاتجاه إرادة المتعاقدين إلى أن يمكن أحدهما الآخر من الانتفاع بشيء معين يميز بين الكراء وكل من البيع والوديعة والوكالة والمقاولة والعمل ، واتجاه الإرادة إلى أن يكون التمكين من الانتفاع في مقابل أجرة يميز بين الكراء والعارية
المطلب الثاني: أركان عقد الكراء وأنواع الأكرية
من خلال التعريف الوارد في الفصل 627 من ق ل ع يمكن استخلاص أركان عقد الكراء الواجبة لانعقاده وتتمل في التراضي ، و المحل والسبب ( الفقرة الأولى ) كما سنتطرق للتميز بين الكراء المدني والتجاري ( الفقرة الثانية )
الفقرة الثانية : أنواع الأكرية
ينقسم الكراء بحسب الغاية منه ، فإذا انصب على محل معد للسكني أو الاستعمال المهني فهو كراء مدني غير أنه إذا انصب على محل معد للاستعمال التجاري أو الحرفي فالكراء تجاري
الكراء التجاري
يشمل الكراء التجاري كراء المحلات المعدة للاستعمال التجاري والحرفي والصناعي أي المحلات التي يمارس فيها التاجر بشكل اعتيادي واحترافي الأنشطة المنصوص عليها في المواد 6-7-8-9-10 من القانون 1315.95 المتعلق بمدونة التجارة وكذلك المحلات التي تمارس فيها الأنشطة اليدوية مثل الحلاقة والخياطة والحدادة وغيرها من الحرف التي تتميز بالطابع اليدوي لا الفكري .
ويخضع الكراء التجاري فيما يتعلق بتنظيم العلاقة بين المكري والمكتري القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي
الكراء المدني
يصطلح على الكراء الذي يقع على المحلات السكنية ، بحيث يكون هدف المكتري من الدخول في هذه العلاقة التعاقدية استعمال العين المكتراة للسكني ، كما يمتد هذا النوع من الكراء ليشمل الكراء الذي يرد على المحلات المعدة للاستعمال المهني وهذه المهنة غالبا مايكون لها طابع مدني كالمهن الحرة من قبيل المحاماة والتطبيب والتوثيق والهندسة وهي مهن تتعلق عادة بأنشطة ذات طابع فكري لا يدوي " ويعتبر القانون 67.12 هو القانون المنظم لهذا النوع من الكراء إضافة القسم الثالث من الكتاب الثاني من قانون الالتزامات والعقود