المبحث الأول : الإطار القانوني لجنحة انتزاع عقار جماعي من حيازة الغير .
تعد جنحة الترامي على أملاك الجماعات السلالية أو على حصة أحد أعضاء الجماعات السلالية من أهم مظاهر الإعتداء التي تطال هذه الأراضي . وقد نظمها المشرع ضمن مقتضيات المادتين 34 و 35 من القانون رقم 62.17 وعليه سنحاول مقاربة هذا المبحث من خلال التطرق للعناصر التكوينية لجريمة الاعتداء على عقار جماعي ( المطلب الثاني ) ثم الحديث عن صور هذه الجريمة ( المطلب الثالث ) لكن قبل ذلك لابد من إعطاء لمحة تاريخية عن هذه الجريمة ( المطلب الأول ) .
المطلب الأول : لمحة عن جنحة انتزاع عقار جماعي من حيازة الغير
تناول المشرع في سابقة قانونية لم يكن ظهير 27 أبريل 11919 يعرف مثيلا لها ، الحديث عن جرائم الاعتداء على أملاك الجماعات السلالية سواء من طرف الاغيار أو من طرف أعضاء الجماعة السلالية نفسها ، واقتصرت الحماية في ظل الظهير السالف ذكره فقط على التدابير التي تتخذها جماعة النواب في باب تنفيذ مقررات الإنتفاع الصادرة عنها أو مقررات مجلس الوصاية دون باقي أوصاف الاعتداء التي تطال الملك الجماعي ، حيث نصت مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع من الظهير أعلاه على أن " كل تعرض على تدبير التنفيذ التي تتخذها جماعة النواب يعاقب عنه بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر وبغرامة من 120 إلى 500 درهم أو بإحدى العقوبتين فقط بصرف النظر عن العقوبات المنصوص عليها في حالة العصيان " .
وبطبيعة الحال ظل النقاش قائما ضمن الأوساط القضائية وأثير التساؤل حول ما إذا كان هناك تعارض بين مقتضيات الفصل 4 من ظهير 1919/04/27 ومقتضيات الفصل 570 من القانون الجنائي ؟ وبالتالي ما إذا كان يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 570 من القانون الجنائي على أراضي الجماعات السلالية موضوع اعتداء مادي ؟ و للإجابة على هذا السؤال يمكن القول أنه جاء في قرار للمجلس الأعلى - محكمة النقض حاليا -1 أن " عناصر جريمة انتزاع عقار جماعي من حيازة الغير تتوقف على إصدار مقرر من طرف جمعية المندوبين أو مجلس الوصاية المكلفين بتقسيم الإنتفاع بالأراضي الجماعية والذي في حالة التعرض عليه يعاقب بمقتضى قانون خاص ، لذا لا مجال لتطبيق مقتضيات الفصل 570 من القانون الجنائي بشأن الاعتداء على أراضي الجموع وإنما تطبيق مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 26 رجب 1337 الموافق ل 27 أبريل 1919 المعدل بظهير 6 فبراير 1963 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية ".
المطلب الثاني : العناصر التكوينية لجريمة الاعتداء على عقار جماعي .
بالرجوع إلى المادتين 34 و 35 من القانون رقم 62.17 نجد أن العناصر التكوينية لجريمة الاعتداء على عقار جماعي تتجلى في فعل الاعتداء ( أولا ) وأن يكون محل الاعتداء عقارا سلاليا ( ثانيا ) ثم أن يكون العقار في ملكية الجماعة أو في حيازة أحد أعضائها المنتفعين منه ( ثالثا )
أولا : فعل الاعتداء
الاعتداء لغة من العدو ، بمعنى الظلم ومجاوزة الحد والحق ، يقال اعتدى عليه إذا ظلمه ، واعتدى على حقه ، أي جاوز إليه بغير حق . السر ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغوي ، حيث يستعمله الفقهاء بمعنى مجاوزة الحد الماذون فيه شرعا ، كمجاوزة الحلال الى الحرام أو مجاوزة مقتضى العقد مثل عقد الإجارة أو الاستعارة أو غيرهما ) .
ويقصد بالاعتداء في الجريمة موضوع الدراسة ، كل فعل يؤدي إلى الاستيلاء المادي على العقار ووضع اليد عليه بدون إذن مالكته الجماعة السلالية أو المنتفع منه أحد أعضائها ، ويتجسد بقيام المعتدي بأعمال تؤدي إلى قطع الصلة بين الجماعة السلالية وملكها أو بين عضو الجماعة السلالية ونصيبه من العقار المنتفع به .
ثانيا : أن يكون محل الاعتداء عقارا سلاليا .
لتتحقق جريمة الاعتداء هنا ينبغي أن يكون العقار محل الاعتداء عقارا سلاليا أو حصة أو نصيب أحد أعضاء الجماعة السلالية ، ومن ثم لا يعد فعل الترامي أو الإحتلال قائما متى كان محله منقولا ، والعقار هنا يشمل حسب المادة سادسة من مدونة الحقوق العينية العقارات بطبيعتها باعتبارها كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته ، كما يشمل أيضا العقار بالتخصيص » باعتباره ذلك المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار واستغلاله أو يلحقه به بصفة دائمة .
ويمكن تحديد العقارات بطبيعتها في الأراضي ، الأبنية ، الآلات والمنشات المثبتة والمرساة ببناء أو أعمدة ، الأشجار والمغروسات النابتة في الأرض والمتصلة بها بواسطة الجدور . كما يدخل في حكم العقار بالتخصيص المنقولات التي يرصدها صاحب الأرض لخدمتها بشرط أن كل من المنقول والعقار مملوكا لشخص واحد ، وأن يكون الغرض من رصد المنقول على العقار هو منفعة ذلك العقار . ثم المنقولات التي يلحقها صاحبها بأحد
.
للتحميل اضغط هنا