يعد الائتمان الركيزة الأساسية لقيام المشاريع لاقتصادية وتشجيع الاستثمارات وازدهارها ،ذلك أن الدخل المحدود للفرد فرض عليه الاعتماد على الغير لتمويل ما يقوم به من مشاريع أو في تحقيق بعض حاجياته ، و حتى يتم منح هذه التمويلات يجب أن تتوفر في المدين الثقة على أنه سينفذ التزامه، هذه الثقة التي تنطوي في شكل ضمانة قانونية مؤطرة بواسطة الفصل 1241 من قانون لالتزامات و العقود الذي جاء فيه " أموال المدين ضمانة عام لدائنيه'' ،وعلى اعتبار أن فكرة الضمان العام قد أبانت عن محدوديتها وقصورها في توفير الثقة والضمان المطلوبين ،كرس المشرع في إطار قانون 31.08 ضمانات قانونية أكثر حماية للدائن المرتهن مقسما إياها إلى امتيازات و رهون.
وارتباطا بموضوعنا ،اقتصر المشرع على نوعين من الرهن الرسمي هما الرهن لاتفاقي الذي يكون مصدره العقد ويدخل في نطاقه ما يعرف بالرهن الرسمي المؤجل ،ثم الرهن الرسمي الاجباري الذي يكون مصدره القانون ومبعث وجوده القضاء ،وقد أخد المشرع بالرهن الاجباري في ظهير 2 يونيو 1915 المنسوخ بمدونة الحقوق العينية حيث عرفه في فصله 163 بالقول " الرهن الاجباري هو المخول بدون رضى المدين".
وتتجلى أهمية دراسة موضوع الرهن الجبري في كونه مؤسسة ترتبط بحقوق الأطراف دائنين و مدينين ،بالإضافة إلى كون القانون لا يتدخل بشكل مباشر ليحمي به جميع الدائنين ،حيث يتضح أن دراسة موضوع الرهن الجبري في التشريع المغربي يطرح إشكالية أساسية تتمثل في نجاعة الأحكام المنظمة له في حماية المدين الراهن والدائن المرتهن من خلال مقاربة شمولية تأخذ بعين باعتبار انعدام الارادة في تقرير هذا الرهن ،وسوف نحاول معالجة هذه الاشكالية من خلال اتباع خطة البحث التالية:
الفصل الأول :إنشاء الرهن الجبري في التشريع المغربي وحالاته
الفصل الثاني: أثار الرهن الجبري في التشريع المغربي و انقضاؤه
الفصل الأول: إنشاء الرهن الجبري في التشريع المغربي وحالاته
إن الرهن الجبري ينطلق من النص القانوني المقرر له ،فهو بذلك يشبه الامتياز العقاري من حيث منطلقه القانوني ،وكما هو الشأن في البيانات العقدية الواجبة في الرهن الاتفاقي إذ يجب أن يبين في الحكم القضائي العقارات المخصصة للرهن وتحديد نوع حالات الرهن، وعلى هذا الأساس كان لزاما في هذا الفصل الوقوف على طريقة إنشاء الرهن الرسمي الجبري (المبحث الأول)، ثم الوقوف على حالاته (المبحث الثاني)
المبحث الأول: إنشاء الرهن الرسمي الإجباري في التشريع المغربي
لقد عمد المشرع المغربي إلى تنظيم أحكام الرهن الجبري في مدونة الحقوق العينية ،حيث استلزم ضرورة وجود نص قانوني لإنشاء رهن إجباري، وان يتم ذلك عن طريق استصدار حكم قضائي(المطلب الأول) كما انه يتعين احترام شكلية التقييد في الرسم العقاري عند إقرار هذا الرهن(المطلب الثاني) كما ان هناك شروط محددة يتعين توافرها(المطلب الثالث)
المطلب الأول: وجود نص قانوني يسمح بإيقاع الرهن الإجباري واستصدار حكم قضائي بذلك
إن الضمانة العينية التي تحققها مؤسسة الرهن الإجباري غير متاحة لجميع الدائنين ذلك أنه لإنشاء رهن إجباري وجب وجود نص قانوني يسمح للدائن بإيقاعه (فقرة أولى) ولابد بعد ذلك من استصدار حكم قضائي يقرر هذا الرهن وذلك بتقديم طلب إلى الجهة القضائية المختصة (فقرة ثانية) كما أن هناك إجراءات محددة يتعين على طالب الرهن الإجباري القيام بها (فقرة ثالثة).
الفقرة الأولى: وجود نص قانوني يسمح بإيقاع الرهن الإجباري
الرهن الرسمي الإجباري نوع من أنواع الرهن الرسمي وهو حق عيني تبعي يقع حصرا على عقار محفظ أو في طور التحفيظ ،وهذا ما أقرته المادة 165 والمادة 170 من م.ح.ع.
و المشرع المغربي بمقتضى ظهير 02 يونيو 1915 الملغى كان ينص على مجموعة من حالات الرهن الإجباري بصفة حصرية بمقتضى المادة 163 منه ، إلا أنه تراجع عن هذا المقتضى بموجب المادة 171 من م.ح.ع حين لم يحصر حالات الرهن الإجباري ،فقد نصت المادة المشار إليها أنه يكون الرهن الإجباري بدون رضى المدين في الحالات التي يقررها القانون وقد اكتفى فقط بالإشارة إلى بعض الحالات التي يمكن أن يخول فيها الرهن الإجباري ،أي أنها جاءت على سبيل المثال و ليس الحصر ،وذلك في المادة 172 من م.ح.ع ،وبالتالي لكي يستفيد الدائن من حق إقامة رهن جبري ،يلزم وجود نص قانوني يتيح له هذه الإمكانية ،فليس لكل دائن الحق في إيقاع رهن إجباري على أملاك مدينه وإنما لابد من وجود نص قانوني يسمح بذلك.
وبالرجوع إلى النصوص التشريعية ،نجد المشرع المغربي نص على مجموعة من حالات الرهن الإجباري ،هذه الحالات سوف نخصها بنوع من التفصيل في المبحث الثاني من هذا الفصل ،وبالتالي فالمشرع المغربي من وجهة نظرنا كان موقفا في عدم حصر حالات الرهن الإجباري بخلاف ما كان عليه الأمر في المادة 163 من ظهير 1915 ،وذلك مراعاة لخصوصية القاعدة القانونية كقاعدة اجتماعية تتغير بحسب حاجيات الأفراد ،وبالتالي إذا اقتضت هذه الحاجة من المشرع المغربي إقرار حالات جديدة للرهن الإجباري لا يسقط في تناقض إن كان قد سبق وحصر هذه الحالات في مدونة الحقوق العينية.
الفقرة الثانية :استصدار حكم قضائي لتقرير الرهن الإجباري
إن الرهون الجبرية تتم انطلاقا من النصوص القانونية المقررة لها دون الحاجة إلى التعاقد بشأنها ،لذلك لا يمكن للقضاء أن يحكم برهن إجباري لم يقرره المشرع بمقتضى نص قانوني.
فالرهن الجبري يكون بواسطة حكم قضائي ،حيث جاء في المادة 171 من م.ح.ع أن الرهن الإجباري يكون بدون رضى المدين في الحالات التي يقررها القانون ،وأمر تقرير أن الرهن الإجباري يقرره القانون يرجع فيه الاختصاص إلى القاضي عن طريق استصدار الدائن لحكم قضائي يقضي بهذا الرهن ،كما أن المادة 172 من م.ح.ع نصت على أنه يمكن أن يخول للبائع أو المعاوض أو المتقاسم الذي لم يضمن برهن اتفاقي الأداء الكامل للثمن أو المدرك رهنا إجباريا على الأملاك محل البيع أو المعاوضة أو القسمة بناءا على حكم قضائي.
وتعتبر دعوى طلب توقيع رهن إجباري من الدعاوي المختلطة والتي تلتق في آن واحد بنزاع في حق شخصي وعيني ،ولقد جعل المشرع المغربي في الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية الاختصاص المحلي في الدعاوى المختلطة أمام محكمة موقع العقار أو محكمة موطن المدعى عليه ،ذلك لأن الدائن طالب تقرير رهن إجباري لفائدته ضمانا لديونه على المدعى عليه أن يدفع في نفس الوقت بحق شخصي هو المديونية وطلب تقرير رهن إجباري لفائدته وهو حق عيني وإذا كان الدين المراد ضمانه برهن إجباري ثابتا وغير متنازع بشأنه فإننا نكون أمام دعوى عقارية تخضع من حيث الاختصاص المحلي لمحكمة موقع العقار المراد رهنه رهنا إجباريا وذلك وفقا للمادة 28 من ق.م.م.
كما أسند المشرع المغربي الاختصاص النوعي لتقرير الرهن الإجباري إلى المحكمة الابتدائية كمحكمة موضوع ،وفي بعض الأحيان أسند لاختصاص لرئيس المحكمة ،فبالرجوع إلى المادة 172 من م.ح.ع نجده يمنح الاختصاص لمحكمة الموضوع في تخويل البائع أو المعاوض أو المتقاسم حق إيقاع رهن إجباري وذلك بناءا على حكم قضائي ،لكن هناك حالتين يختص فيها رئيس المحكمة بإقرار هذا الرهن ،يتعلق الأمر بطلب توقيع رهن رسمي إجباري على محل أو شقة المالك المشترك المدين في إطار قانون ملكية الشقق والطبقات وفقا للمادة 40 مكرر منه ،أما الحالة الثانية فهي منصوص عليها في الفصل 24 من ظهير 25 يوليوز 1969 بمثابة ميثاق الاستثمار الفلاحي ،حيث يتقرر هذا الرهن بناء على امر استعجالي يصدره رئيس المحكمة وهذه الحالات كما سبقت الإشارة سيتم التطرق لها بنوع من التفصيل في حينها.
وتجدر الإشارة إلى أن قضاء الموضوع له سلطة تقديرية مطلقة كقاعدة عامة في تقرير الرهن الإجباري تحت مراقبة المحكمة الأعلى درجة ،فله أن يقصر الرهن الإجباري على قدر معين من الأملاك أو على ملك واحد من أملاك المدين دون غيره إذا رأى أنه يكفي لدفع الرأسمال والفوائد والنفقات المستحقة للدائن.
الفقرة الثالثة : الإجراءات التي يتعين على طالب الرهن الإجباري القيام بها
على الدائن الذي يريد الاستفادة من رهن إجباري على عقارات مدنيه أن يسلك الإجراءات التالية:
ـ أن يتقدم بمقال افتتاحي لدعواه وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 31 من ق.م.م وأن يحدد في مقاله موضوع دعواه ،وهو إلزام المدين بالوفاء بالدين الثابت مع ضمانه برهن رسمي إجباري.
ـ تعيين الملك المحفظ المراد وهنه بذكر رسمه العقاري وعنوانه.
ـ تحديد مبلغ الدين
كما يجب على طالب الرهن احترام شكليات الفصل 32 من ق.م.م.
ونشير إلى أن المشرع المغربي لم يحدد أجل لرفع دعوى الرهن الإجباري ،إذ لم يخضع الرهون للتقادم طبقا للفصل 377 من ق.ل.ع ،والسبب في عدم إخضاع لدين المضمون برهن للتقادم حسب بعض الفقه أن إبقاء الملك المرهون في حيازة الدائن المرتهن رهنا حيازيا أو إبقاء قيد الرهن الرسمي في السجل العقاري مسجلا في اسمه يشكل إقرارا مستمرا بترتيب الدين في ذمة المدين ،ووجود هذا الإقرار المستمر يمنع بداهة سريان التقادم بحق الدائن المرتهن.
المطلب الثاني :شكلية التقييد في الرسم العقاري بالنسبة للرهن الرسمي الجبري
بعد أن يستصدر طالب الرهن الجبري حكم قضائي يقضي له بهذا الحق ،يتعين عليه بعد ذلك تقييد الرهن الإجباري كحق عيني تبعي وارد على ملك محفظ أو في طور التحفيظ بالسجل العقاري ليكتسي الحجية اللازمة وينتج أثاره (فقرة أولى) إلا أنه قد يتعذر هذا التقييد لسبب من الأسباب وفي هذه الحالة يمكن للدائن المستفيد من حق إيقاع رهن إجباري أن يقوم بتقييده تقييدا احتياطيا (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى :تقييد الرهن الإجباري بالرسم العقاري
حدد المشرع المغربي مبدئيا نطاق التقييد في الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري حيث جاء فه أنه "يجب أن تشهر بواسطة التقييد في الرسم العقاري جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري وجميع الأحكام التي اكتسب قوة الشيء المقضي به متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه... "،ومن هذا الفصل يتضح أن الرهن الإجباري يخضع أيضا للتقييد على اعتبار أنه يصدر بناءا على حكم قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به.
كما أن الرهن الإجباري يمكن أن ينصب على عقار في طور التحفيظ ،ذلك أن المادة 165 من م.ح.ع ينص على أن الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ ،هذه المادة جاءت تحت عنوان الأحكام العامة للرهون الرسمية ،ونص في المادة 170 على أن الرهن الرسمي يكون إما إجباري أو اتفاقي ،وبالتالي من خلال المادتين ،فإن الرهن الرسمي الإجباري يمكن أن ينصب على عقار في طور التحفيظ ،وفي هذه الحالة يتعين على الدائن المرتهن تقييد تعرض في سجل التعرضات إعمالا للفصل 84 من قانون 14.07 ،وبالتالي فإن الراهن الذي لم يقدم أي تعرض لا يمكنه المطالبة بتقييد رهن جبري بعد تحفيظ العقار،لكون عملية التحفيظ تطهر العقار من كل الحقوق التي لم تتم المطالبة بها خلال مسطرة التحفيظ.
فتقيد الرهن الرسمي الإجباري بالسجل العقاري له أهمية بالغة ،فحسب الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري ،كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده وابتداء من يوم التقييد بالرسم العقاري ،كما أن المادة 169 من م.ح.ع اعتبرت أن كل رهن رسمي مقيد بكيفية منظمة في الرسم العقاري يحتفظ برتبته وصلاحيته بدون أي إجراء جديد إلى أن يقيد الإبراء من الدين بكيفية منظمة بالرسم المذكور.
الفقرة الثانية : التقييد الاحتياطي للرهن الرسمي الإجباري
التقييد الاحتياطي هو إجراء يقوم به صاحب حق تعذر عليه تقييده لسبب من الأسباب ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التقييد عند زوال المانع ،وذلك بأن يضع قيدا تحفظيا على رسم التمليك وعلى نسخة هذا الرسم يتضمن الإشارة إلى الحق الذي يدعيه والذي امتنع عليه تقييده في الوضع الحاضر لقيام مانع حال دون ذلك ،فهذه الإشارة من شانها أن تحفظ لصاحب الحق عند زوال المانع إمكانية تقييد حقه.
وقد نظم المشرع المغربي التقييد الاحتياطي في الفصلين 85-86 من ظهير التحفيظ العقاري ، إذ خول لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا إما بناء على سند ،أو بناء على نسخة من مقال لدعوى مرفوعة أمام القضاء ،أو بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يوجد العقار في دائرة نفوذها.
إلا أن المشرع المغربي خول لرئيس المحكمة فقط في حالة الرهن الإجباري أن يأمر بناءا على طلب بإجراء تقييد احتياطي عند الاستعجال ،يبقى مفعوله ساريا إلى غاية صدور الحكم النهائي ،ويأخذ الحكم الصادر بالرهن رتبه عن تاريخ التقييد الاحتياطي حسب المادة 173 من م.ح.ع وتقدير حالة الاستعجال من عدمها يرجع لتقدير المحكمة ،كأن يتعلق الأمر برهن إجباري مخول للبائع وتعذر عليه أن يستصدر حكم قضائي يقضي بالرهن الإجباري لسبب من الأسباب ،في هذه الحالة له أن يتقدم بطلب استعجالي وفقا للمادة 149 من ق.م.م يطلب فيه تقييد احتياطي في انتظار صدور الحكم النهائي القاضي بحقه في الرهن الإجباري.
وتخويل القضاء الاستعجالي الاختصاص لا يمس بقواعد الاختصاص الاستعجالي ولا يخل بأحد شروطه ،خاصة الشرط المتعلق بعدم المساس بأصل الحق ذلك أن الدين ثابت ثبوتا لا يمكن المنازعة فيه.
المطلب الثالث: الشروط المتطلبة لتقرير الرهن الإجباري
قياسا على المواد المنظمة للرهن الاتفاقي يمكننا أن نستنتج أن الحكم يجب أن ينص على بيانات محددة، وهي متعلقة إما بالدائن المرتهن أو المدين الراهن (فقرة أولى) وأخرى متعلقة بالملك المرهون إجباريا (فقرة ثانية) وشروط تتعلق بمبلغ الدين المضمون برهن إجباري (فقرة ثالثة).
الفقرة الأولى: الشروط المتعلقة بهوية الأطراف
نص المشرع في المادة 175 من م.ح.ع على أنه يجب لصحة عقد الرهن الرسمي أن يتضمن ما يلي:
"هوية الأطراف"
وأطراف الرهن الرسمي الإجباري هما:
ـ الدائن المرتهن :وهو الدائن بالدين الذي عقد الرهن لضمان دينه ،ويشترط فيه أن يكون مميزا وأن يكون دائنا وأن يكون أيضا من الأشخاص الذين خول لهم المشرع المغربي حق الاستفادة من رهن رسمي إجباري بمقتضى نص قانوني وتم تقريره بمقتضى حكم قضائي.
والدائن المرتهن في عقد الرهن الإجباري قد يكون شخصا ذاتيا أو معنويا.
ـ المدين الراهن :يشترط فيه أن يكون من الأشخاص المدينين اللذين رتب المشرع لهم حق رهن إجباري على أملاكهم ضمانا للديون التي هم مدينون بها.
كما يشترط أن يكون المدين المحكوم عليه مالكا للعقار الواقع عليه الرهن وأهلا للتصرف فيه ،وهذا ما أكدته المادة 176 من م.ح.ع.
الفقرة الثانية : الشروط المتعلقة بالملك المرهون إجباريا
نص المشرع المغربي في المادة 175 من م.ح.ع على ضرورة تعيين الملك المرهون ببيان اسمه وموقعه ومساحته ومشتملاته ورقم رسمه العقاري أو مطلب تحفيظه.
ويخصص الملك المرهون لضمان الدين موضوع الرهن ،وبالتالي يشترط فيه أن يكون مما يمكن استيفاء الدين منه ،وأن لا يكون من العقارات غير القابلة للتداول كالعقارات الموقوفة ،ذلك أن الرهن الرسمي الإجباري يولى للدائن في حالة عدم دفع الدين في تاريخ الاستحقاق حق بيع الملك المرهون في المزاد العلني ،ومن ثمة لابد أن يكون الملك الواقع عليه الرهن مما يجوز التعامل فيه بحد ذاته وقابلا للبيع والشراء.
الفقرة الثالثة :الشروط المتعلقة بمبلغ الدين المضمون برهن إجباري
لابد لصحة عقد الرهن الرسمي من أن يحدد في العقد المبلغ المضمون بالرهن ،وهذا ما نص عليه المشرع المغربي في المادة 175 من م.ح.ع ،ويعرف هذا الشرط اصطلاحا بمبدأ تخصيص الرهن من حيث المبالغ المضمونة وهي سبب الرهن ،ولذلك يشترط فيها ما يشترط في السبب عموما أي أن يكون موجودا ومشروعا وصحيحا ،والرهن الإجباري باعتباره حقا عينيا تبعيا فإنه يتبع الحق الأصلي صحة و بطلانا ،فإذا كان الالتزام الأصلي باطلا أو قابلا للإبطال تبعه الرهن كذلك وكان باطلا وقابلا للإبطال وهذا ما يمكن أن يستشف ضمنيا وعن طريق القياس من الفقرة الأولى من المادة 181 من م.ح.ع ،وإن كانت هذه المادة تخص الرهن الرسمي الاتفاقي.
كما يشترط المشرع من خلال المادة 175 من م.ح.ع أن يبين مبلغ الدين المضمون بالرهن ،أي تحديد مقداره ومصدره ،كما اشترط المشرع تحديد المدة التي يمكن أن يؤدى فيها مبلغ الدين المضمون برهن إجباري.
المبحث الثاني : حالات الرهن الجبري في التشريع المغربي
يعد الرهن الجبري من الضمانات العينية التي نظمها المشرع المغربي ،ويكون بدون رضى المدين في الحالات التي يقررها القانون ،وهذا ما أشارت إليه المادة 171 من م.ح.ع بقولها "يكون الرهن الجبري بدون رضى المدين في الحالات التي يقررها القانون"، وعلى هذا الأساس فإن حالات الرهن الجبري بعد صدور قانون 31.08 لم تعد واردة على سبيل الحصر، و سوف نحاول من خلال هذا المبحث تبيان حالات الرهن الجبري لا في مدونة الحقوق العينية (مطلب أول)، ولا في باقي القوانين الأخرى (مطلب ثاني).
المطلب الأول : حالات الرهن الجبري في مدونة الحقوق العينية
تطرق المشرع المغربي لهذه الحالات في المادة 172 من القانون 31.08 عندما منح للبائع أو المعاوض أو المتقاسم إمكانية إيقاع رهن إجباري على الأملاك محل البيع (الفقرة الأولى ) أو المعاوضة (الفقرة الثانية) أو المقسمة (فقرة الثالثة) وذلك بناءا على حكم قضائي.
الفقرة الأولى: الرهن الجبري لفائدة البائع على العقار المبيع لأداء كامل الثمن
عرف المشرع البيع في الفصل 478 من ق.ل.ع. بكونه"عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم الآخر بدفعه له"، وبمقتضى هذا الفصل يتضح أن عقد البيع من العقود التبادلية التي ترتب التزامات متبادلة بين المتعاقدين ،فبمقتضى الفصل 498 من ق.ل.ع.م. يلتزم البائع بتسليم الشيء المبيع وكذا ضمانه ،في المقابل و طبقا للفصل 489 من ق ل ع يلتزم المشتري بدفع الثمن وتسلم الشيء المبيع،بحيث يعتبر الالتزام بأداء الثمن من أهم الالتزامات الملقاة على عاتقه حيث يتوجب عليه أداء الثمن في التاريخ والمكان المحددين في عقد البيع ، فإذا سكت العقد عن ذلك يعتبر البيع قد أبرم معجل الثمن، ويلتزم المشتري بدفعه في نفس وقت حصول التسليم طبقا للفصل 577 من ق.ل.ع.م.
ومن أجل توفير حماية للبائع الذي أوفى بالتزامه اتجاه المشتري أعطاه المشرع إمكانية ترتيب رهن جبري على الملك المبيع من أجل ضمان الأداء الكلي للثمن بناءا على حكم قضائي ،بمقتضى المادة 172 من م.ح.ع.
ويشترط لإيقاع رهن جبري على الأملاك محل البيع ما يلي:
ـ أن يكون هناك بيع قانوني صحيح فإن كان البيع باطلا ، أو كان مشوبا بعيب وقضي بإبطاله ،فإن الرهن الإجباري تترتب عليه نفس الآثار و ينقضي باعتباره حقا عينيا تبعيا.
ـ أن يكون البيع واقعا على ملك محفظ أو في طور التحفيظ.
ووجب الذكر أن الرهن الإجباري لا يضمن ما يعتبر خارجا عن عقد البيع كالتعويضات التي قد يطلبها البائع عند الإخلال حتى ولو كان في العقد شرط جزائي يخول ذلك ،لأن الشرط الأساسي لإجراء الرهن الإجباري هو قيام البيع وبقاؤه صحيحا.
في الأخير وعلى اعتبار أن الرهن في هذه الحالة بصريح المادة 172 من م.ح.ع ،يكون بناءا على حكم قضائي ،فهذا الأمر يتطلب تقديم طلب إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد في نطاق اختصاصها العقار المبيع ،ومتى أصبح الحكم نهائيا يتقدم به المستفيد إلى المحافظة من أجل تقييده في السجل العقاري.
الفقرة الثانية :الرهن الإجباري لفائدة المعاوض لضمان أداء الفرق الناتج عن المعارضة.
عرف الفصل 619 من ق.ل.ع المعارضة ،باعتبارها عقد بمقتضاه يعطي كل من المتعاقدين للآخر على سبيل الملكية ،شيئا منقولا أو عقاريا ،أو حق معنويا ،في مقابل شيء أو حق آخر من نفس نوعه أو من نوع آخر"، إذن فعقد المعارضة عقد يحصل فيه كل عاقد على مقابل لما يعطيه على أنه إذا كان أحد العوضين أكثر من الآخر قيمة صاغ تعويض الفرق بنقود أو بغيرها من الأشياء معجلا أو مؤجلا.
ففي هذه الحالة إذا لم يكن هناك رهن اتفاقي يكون ضامنا لحق المعاوض في الفرق الحاصل في المعاوضة ،يجوز له بناءا على حكم صادر من المحكمة الابتدائية التي يقع في منطقتها الأملاك المعاوض بها أن يخول رهن إجباريا على هذه الأملاك بحيث يضمن الرهن الإجباري الفرق بين الملك المعوض الأكثر قيمة دون غيره من باقي الديون ،إذ يبقى هدف المشرع من تخويل المعاوض حق رهن إجباري ضمان التسديد الناتج عن المعاوضة ،ونظرا لأهمية هذه الحالة نصت عليها المادة 172 من م.ح.ع إلى جانب حالة البيع والمقاسمة.
الفقرة الثالثة : الرهن الجبري للمتقاسمين لضمان الفرق الناتج عن القسمة.
ينتهي الشياع بعدة أسباب من بينها القسمة طبقا للفصل 978 من ق.ل.ع.م ،والقسمة في اللغة تعني تمييز الأنصبة ،واصطلاحا عرفها الفقيه المالكي ابن عرفة بأنها "تصيير مشاع من مملوك لمالكين معينين، والمتقاسم الذي كانت حصته شائعة في ملك معين ،وبعد القسمة دخل في نصيبه قسم من هذا الملك المقتسم يقل عن قيمة حصته له أن يشترط في عقد القسمة رهنا رسميا يقع على الملك المقسم لضمان الفرق الناتج عن القسمة بين الملك الذي دخل نصيبه وحصته الحقيقية في الملك المشترك ،وإلا فإن له أن يستفيد من رهن إجباري على الملك المقسم طبقا للمادة 172 من مدونة الحقوق العينية.
كما تتجلى الغاية من تقرير رهن إجباري لصالح الشركاء المتقاسمين في المساواة بينهم من جهة لأن العدالة تقتضي أن يتقدم المتقاسم بدينه على غيره من الدائنين لأنه أضاف شيئا إلى ذمة شريكه أو شركائه في القسمة.
وفي هذه الحالة قد يتم اشتراط رهن رسمي بناءا على نص وارد في الاتفاق بين أصحاب الشأن فيكون الرهن رضائيا ،وإذا لم يحصل ذلك في العقد خولت المادة 172 السالفة الذكر حق المتقاسم الذي أفرز حصته عن حصة باقي المتقاسمين تقرير رهن إجباري بموجب حكم تصدره المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقارات المعنية.
وفي ختام هذه النقطة نشير إلى أنه و عملا بالمادة 173 من م ح ع، إذا ما تعلق الأمر بحالة استعجالية يمكن لكل من البائع و المتقاسم و المعاوض تقديم طلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية الموجود بدائرتها العقار بغية استصدار أمر منه من أجل تقييد الرهن الجبري تقييدا احتياطيا يبقى مفعوله ساريا إلى غاية صدور الحكم النهائي ،إذ يبقى مصير هذا التقييد معلقا على مصير هذا الحكم ،إن كان لفائدة الدائن الراهن و بالتالي تقرر بموجبه رهن لفائدة طالبه بحيث يأخذ هذا الحكم رتبته من تاريخ التقييد الاحتياطي ،أما إذا كان العكس شطب على هذا التقيد من طرف المحافظ بناءا على الحكم نفسه.
المطلب الثاني : حالات الرهن الجبري غير واردة في مدونة الحقوق العينية
لم يكتفي المشرع المغربي بحالات الرهن الجبري المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية وإنما نص على العديد من الحالات الأخرى في نصوص قانونية متفرقة.
فمن خلال المادة 172 من نفس المدونة يتضح أن الحالات التي سبق دراستها ما هي إلا حالات على سبيل المثال ،الأمر الذي يجعلنا نتساءل حول إمكانية وجود رهن جبري في قوانين أخرى ،ولعل الحالات المتبقية بعد نسخ مدونة الحقوق العينة لظهير 2 يونيو 1915 تتمثل في الرهن الجبري المقرر لفائدة الجماعة الترابية والملاك المشتركين في ملكية الشقق و الطبقات (الفرع الأول)، بالإضافة إلى الرهن الجبري المقرر لفائدة الدولة والخزينة العامة (الفرع الثاني).
الفرع الأولى: الرهن الجبري المقرر لفائدة الجماعة الترابية والملاك المشتركين في ملكية الشقق والطبقات .
خول المشرع للجماعات المحلية رهنا جبريا على عقارات الأملاك المجاورين للطريق العام الذين يستفيدون من الأشغال العمومية ( الفقرة الأولى)، كما خول للإتحاد الملاك في الملكية المشتركة حق رهن جبري من أجل تأدية المصاريف السنوية أو المصاريف الاستثنائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :الرهن الإجباري المخول للجماعات على أملاك الملاكين المجاورين للطريق العمومية (المستفيدين من زائد القيمة)
تطرق المشرع لهذه الحالة في الجزء الثالث من ظهير 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة المرتبط بالتعويض عن زائد القيمة ،وبهذا الخصوص نجد الفصل 59 ينص "إذا كان إعلان أو تنفيذ الأشغال أو العمليات العامة يدخل على قيمة بعض الأملاك الخاصة زيادة تتجاوز %20 فإن المستفيدين من هذه الزيادة أو ذوي حقوقهم يلزمون على وجه التضامن بدفع تعويض يعادل نصف مجموع زائد القيمة الطارئ بهذه الكيفية إلى الجماعات المعنية بالأمر ،و يخفض عند الاقتضاء التعويض عن زائد القيمة بكيفية لا يمكن أن يقل معها في أي حال من الأحوال عن %20 مبلغ الزيادة الذي يبقى كسبا للملزم.
كما تحدد المناطق التي تشملها أحكام هذا الفصل بموجب مقرر إداري طبقا للفصل 60 من نفس الظهير.
أما عن كيفية تحديد زائد القيمة المضافة يتم عن طريق استدعاء المستفيدين من الزيادة في قيمة الأملاك أو ذوي حقوقهم قصد الاتفاق مع الإدارة على مبلغ زائد القيمة ومبلغ التعويض ،وهنا نكون أمام حالتين,
الحالة الأولى : حضور المستفيدين من الزيادة في قيمة الأملاك وتوصلهم إلى اتفاق حول مبلغ الزيادة في القيمة ومبلغ التعويض ،وفي هذه الحالة يتم تحرير محضر بذلك يكون بمثابة سند دين لفائدة الجماعة المعنية بالأمر.
الحالة الثانية : عدم توصل الأطراف إلى اتفاق سواء في تحديد مبلغ زائد القيمة أو مبلغ التعويض أو هما معا ،أو بسبب عدم حضورهم ،فإنهم يستدعون بطلب من الإدارة إلى المحكمة الابتدائية التي تبث في القضية لأجل تقييم زائد القيمة المكتسب يوم تقديم الطلب وتحديد التعويض الواجب دفعه ،هذه الزيادة التي خول بمقتضاها المشرع للجماعة حق رهن عليها ،إذ نجد الفصل 64 من ظهير 6 ماي 1982 ينص على أن " التعويض المحدد بالاتفاق أو على يد المحاكم يباشر تحصيله كما هو الشأن في الضرائب المباشرة غير، أنه يجوز للقاضي أو للطرفين في حالة الاتفاق تقسيط الأداء على أعقاب عشر سنوات على الأكثر،وفي هذه الحالة يخول الحكم أو الاتفاق للجماعة المعنية بالأمر حق رهن في أملاك الملزم المحفظة التي استفادت من الزيادة في القيمة التي ترتب عليها منح التعويض "، فمن خلال هذا الفصل يتضح أن للجماعة المعنية بالأمر حق رهن اتفاقي على الأملاك المجاورة والمستفيدين من زيادة القيمة إلى حين تسديد المبلغ كاملا إليها،أما إذا تم اللجوء إلى القضاء الذي يحدد بحكم مبلغ الزيادة في القيمة ومبلغ التعويض فإن الأمر يخول لها حق رهن إجباري على الأملاك المحفظة العائدة للملزم.
الفقرة الثانية : الرهن الإجباري المخول لملاك الملكية المشتركة
يمكن تعريف الملكية المشتركة انطلاقا من المادة 3 من القانون 18.00 المنفذ بمقتضى الظهير الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2002 المنظم للملكية المشتركة للعقارات المبنية بكونها نظام قانوني بمقتضاه يتملك شخصان أو أكثر أجزاء من بناء واحد على الملكية المفرزة ويشتركون في ملكية بعض أجزاء البناء القابلة للاستعمال المشترك فيما بينهم اشتراكا جبريا لا يقبل القسمة أو التصرف القانوني المستقل.
ولقد خول المشرع لاتحاد الملاك في إطار ملكية الشقق والطبقات حق في الرهن الجبري طبقا للمادة 40 من قانون 18.00،إذ جاء فيها "تتمتع ديون اتحاد الملاك المترتبة في ذمة أحد أعضائه بالرهن الإجباري على جزئه المفرز وحصته في الأجزاء المشتركة وفقا لمقتضيات المادة 171 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينة"،وهكذا يضمن هذا الرهن المصاريف المستحقة على المالك الشريك والتي لم يؤديها ،هذه الأخيرة التي تكون عادية سنوية أو شهرية ،وذلك مثل نفقات الحراسة والإنارة وصيانة الأجهزة المشتركة من ترميم وصباغة وإصلاح هذه الأجهزة ،ونفقات التأمين كالتأمين عن الحريق إن وجد والضرائب المختلفة ،يلزم بها الاتحاد إلى غيرها من النفقات التابعة والتي يكون الهدف منها حسن التدبير والإدارة والحفاظ على الأجزاء المشتركة تحقيقا للصالح العام بغية الاستقرار في جو من الراحة والطمأنينة.
ففي جميع حالات الاشتراك في عقار المقسم إلى عدة محلات عائدة لملاك مختلفين يتكون الاتحاد بقوة القانون قصد القيام بأعمال تدبير الأجزاء الشائعة ،ويم تحديد نصيب كل واحد من الملاك الشركاء في التكاليف المشتركة على أساس نصيب كل مالك في الجزء المفرز من العقار ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.
ويقتضي إيقاع هذا الرهن رفع دعوى بواسطة الممثل القانوني للاتحاد إلى السيد رئيس المحكمة الابتدائية لموقع العقار وذلك ضد المشترك المخل بالتزاماته المالية ،وعلى الاتحادات أن يدلي بهذا الخصوص بما يلي:
ـ إنذار المدعى عليه برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل دون رد داخل أجل 30 يوما تحتسب من اليوم الموالي للتبليغ.
ـ نسخة من محضر الجمع العام بخصوص التصويت على الميزانية التقديرية لتحمل النفقات الجارية.
ـ شهادة مسلمة من المحافظة العقارية تثبت الملكية.
ـ نسخة من نظام الملكية المشتركة يتضمن كيفية توزيع التكاليف المشتركة وفي حالة ما إذا تم سماع دعوى الاتحاد وصدر الأمر النهائي بتقرير رهن جبري على المحل أو الشقة العائدة للمالك المشترك المدين ،فإنه يجب على الاتحاد أن يطلب من المحافظ على الأملاك العقارية تقييد الرهن الإجباري في الرسم العقار.
الفرع الثاني : الرهن الجبري المقرر لفائدة الدولة والخزينة العامة
سنتناول في هذا الفرع حالات أخرى للرهن الرسمي لإجباري ،ويتعلق الأمر بالرهن المقرر لفائدة الدولة ( الفقرة الأولى) ثم الرهن المخول لفائدة الخزينة العامة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الرهن الجبري المخول لفائدة الدولة
نص المشرع المغربي على هذه الحالة من الرهن الجبري في ظهير 25 يوليوز 1969 بمثابة ميثاق الاستثمارات الفلاحية ،إذ ينص الفصل 23 منه على أنه "يقيد في السجلات العقارية دون مصاريف رهن لضمان تسديد المساهمة المباشرة في رفع قيمة الأراضي المسقية أو المساهمة بتحسين إيصال ماء السقي وذلك بناء على طلب."
كما أن الفصل 24 من نفس الظهير نص على ما يلي "في حالة عدم إقرار رهن اتفاقي فإن مدير المكتب الإقليمي للاستثمار المختص التابع لوزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي المعني بالأمر،يحيل القضية على رئيس المحكمة الابتدائية لإصدار الأحكام المستعجلة قصد الأمر تقييد الرهن بشأنه ،وفي هذا الإطار نصت المادة 172 من مدونة الحقوق العينية على أنه "عند الاستعجال يمكن لرئيس المحكمة في حالة الرهن الإجباري أن يأمر بناء على طلب بإجراء تقييد احتياطي يبقى مفعوله ساريا إلى غاية صدور الحكم النهائي ،ويأخذ الحكم الصادر بالرهن رتبة من تاريخ التقييد الاحتياطي.
وبالرجوع إلى الفصل 17 من ظهير 1969 يمكن أن نستشف أن ملاك الأراضي المستفيدين من ماء الري مجبرين على المساهمة في رفع قيمة أراضيهم المسقية وذلك إما اتفاقا أو قضاء.
ويمكن أن تسدد هذه المساهمة في دفعات مقسطة وذلك بطلب يوجه إلى المكتب الإقليمي للاستثمار الفلاحي أو إلى المصالح الإقليمية المختصة التابعة لوزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي وهو ما نص عيه الفصل 19 من نفس الظهير.
وعلى هذا الأساس فإن المشرع المغربي خول للدولة الحق في حالة عدم إيقاعها رهن رسمي رضائي في حالة عدم التوصل إلى اتفاق مع ملاك الأراضي المسقية ومدير المكتب الإقليمي للاستثمار الفلاحي على مبلغ المساهمة ،سلوك مسطرة الرهن الرسمي الإجباري على تلك العقارات ،وتجدر الإشارة إلى أن الأراضي التي استفادت من ماء الري والتجهيزات وجب ان تكون محفظة أو في طور التحفيظ لأن المادة 165 من مدونة الحقوق العينية جاءت صريحة فيما يخص كون الرهن الرسمي لا يتقرر إلى على ملك محفظ أو في طور التحفيظ.
الفقرة الثانية : الرهن الجبري المخول لفائدة الخزينة
عمد المشرع المغربي في إطار مدونة تحصيل الديون العمومية بالتنصيص لأول مرة على الرهن الرسمي كأحد التأمينات العينية التبعية ،بهدف تعزيز ضمان استخلاص الدولة لديونها الضريبية.
حيث تنص المادة 113 من مدونة تحصيل الديون العمومية على أنه "تتمتع الخزينة من أجل تحصيل الضرائب والرسوم وديون المحاسبين العموميين الناتجة عن قرارات العجز،برهن رسمي على جميع الأملاك العقارية للمدينين الذين يدينون بمبلغ يساوي أو يفوق عشرون ألف درهم (20.000 درهم).
وقد أثارت مقتضيات المواد من 113 إلى 116 من مدونة التحصيل اختلافا بينا في تأويلها بين الخزينة العامة للمملكة وبين إدارة المحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية ،مرده عدم التنصيص صراحة على طبيعة الرهن الرسمي للخزينة هل هو رهن رسمي قانوني جديد أم رهن رسمي إجباري؟
حيث اعتبرت إدارة المحافظة العقارية في هذا الإطار أن الرهن الرسمي للخزينة ليس نوعا جديدا من الرهون الرسمية ،بل هو رهن رسمي إجباري يخضع لمقتضيات الرهون الإجبارية.
في حين ذهبت الخزينة العامة للملكة في تعليماتها المتعلقة بتحصيل الديون العمومية على اعتبار أن الرهن الرسمي للخزينة هو رهن رسمي يمنحه القانون بالشروط التي يحددها ،وبالتالي فهو نوع جديد من الرهون الرسمية يختلف عن الرهون الاتفاقية والجبرية.
ونعتقد أن تأويل إدارة المحافظة العقارية هو الأقرب إلى الصواب ،لأن الرهن الرسمي المنصوص عليه في مدونة تحصيل الديون العمومية ينشأ بدون رضى المدين وذلك بمبلغ يساوي أو يفوق عشرون ألف درهم ،هذا وبالإضافة إلى أن هذا الرهن العقاري تمارسه الإدارة عن طريق لجوء المحاسب المكلف بالتحصيل مباشرة إلى المحافظ على الأملاك العقارية بهدف تقييد هذا الرهن بالرسم العقاري من دون الحصول على إذن مسبق على موافقة المدين ،مع اعتبار تاريخ تقييده كمعيار لتحديد رتبته بين سائر الرهون الرسمية الأخرى وإن وجدت.
ومن الشروط الواجب توافرها في الرهن الرسمي لفائدة الخزينة العامة ما نصت عليه المادة 113 من مدونة تحصيل الديون العمومية ،وهي شروط ترتبط بطبيعة ومبلغ الدين حيث يجب ألا ينزل مبلغ الدين عن 20.000 درهم ،وهناك شروط ترتبط بتاريخ تقييد الرهن ،إذ يجب ألا يتم تقييد هذا الحق العيني بإدارة المحافظة على الأملاك العقارية إلا ابتداء من التاريخ الذي يتعرض فيه المدين للزيادة الناتجة عن التأخير في الأداء ،وأخيرا الشرط المتعلق بالزيادات الناتجة عن الديون العمومية والتي يكون إما قرارات قضائية صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات عن وزارة المالية أو إدارية صادرة عن وزارة المالية.
الفصل الثاني : أثار الرهن الرسمي الجبري في التشريع المغربي وانقضاؤه
بعد أن ينعقد الرهن الجبري وفق الشروط القانونية المتطلبة فإنه ينتج مجموعة من الآثار شأنه في ذلك شأن الرهن الرسمي الاتفاقي (المبحث الأول) بهدف حفظ حقوق الأطراف إلى غاية انقضائه سواء بصفة أصلية أو تبعية (المبحث الثاني).
المبحث الأول: آثار الرهن الرسمي الإجباري
بمجرد أن ينشأ الرهن الرسمي الجبري بالشكل المتطلب قانونا فإنه ينتج مجموعة من الآثار في مواجهة أطرافه تتمثل أساسا في مجموعة من الحقوق و الالتزامات يكون الهدف منها حماية مصالح كل من المدين الراهن و الدائن المرتهن ،كما يرتب مجموعة من الآثار بالنسبة للدين المضمون و بالنسبة للعقار المرهون ،وعليه سنتناول هذا المبحث في مطلبين ،نخصص الأول لآثار الرهن الرسمي الجبري بالنسبة لطرفيه –الراهن و المرتهن- ثم نخصص المطلب الثاني لآثار الرهن الرسمي الإجباري بالنسبة للغير الحائز من جهة و بالنسبة للعقار المرهون و الدين المضمون من جهة أخرى.
المطلب الأول :آثار الرهن الرسمي الجبري بالنسبة لطرفيه
إن أهم الآثار المترتبة عن الرهن الجبري تتمثل في الحقوق المخولة للمدين الراهن و الالتزامات الملقاة على عاتقه من جهة( الفرع الأول) بالإضافة إلى الحقوق المخولة للدائن المرتهن من أجل ضمان حقوقه من جهة أخرى( الفرع الثاني)
الفرع الأول : آثار الرهن الرسمي بالنسبة للمدين الراهن
رتب المشرع على عاتق المدين المرتهن مجموعة من الالتزامان تتعلق أساسا بضمان حق الرهن (الفقرة الأولى) كما رتب له مجموعة من الحقوق تتمثل أساسا في حيازته للملك المرهون و التصرف فيه تصرف المالك في ملكه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : التزامات المدين الراهن
نص المشرع المغربي بشكل صريح على التزامات المدين الراهن في كل من المواد 189، 190 و191 من القانون 39.08 والمتمثلة أساسا في الالتزام بضمان حق الرهن بالالتزام بضمان هلاك الملك المرهون وتلفه.
فالمدين الراهن يقع عليه التزام أساسي متمثل في المحافظة على العقار محل الرهن حتى لا ينقص من قيمته ،وبالتالي يضعف ضمان الدائن ،إذ يمنع عليه إحداث أي تصرف مادي أو قانوني من شأنه أن ينقص من ضمانات الدائن المرتهن ،خاصة وأن الرهن الرسمي من بين عقود الضمان التي يلتزم فيها المدين تجاه الدائن المرتهن بعدم التعرض والاستحقاق سواء منه أو من أي شخص آخر ،كما يلتزم كذلك برد أي اعتداء أو ادعاء من طرف الغير كأن يدعي ملكية العقار.
فالمدين الراهن يضمن للدائن المرتهن سلامة الملك المرهون حتى وفاء الدين ولا يحق له أن يجري أي عمل يترتب عليه نقص في قيمة الملك المرهون عما كان عليه يوم الرهن وكل تصرف يقوم به الراهن لإنقاص الضمانات التي يتمتع بها المرتهن على الملك المرهون تعتبر باطلة وعديمة الأثر بالنسبة للدائن المرتهن.
وهو ما نص عليه المشرع المغربي بصريح العبارة في المادة 189 من القانون 39.08 من أنه'' يضمن الراهن الملك المرهون وهو مسؤول عن سلامته كاملا حتى وفاء الدين، وللمرتهن أن يعترض على كل نقص بين في ضمانه وأن يتخذ من الإجراءات ما يحفظ حقه على أن يرجع على الراهن بما أنفق".
كما نص المشرع المغربي في المادة 190 من نفس القانون على أنه "إذا هلك المالك المرهون أو تعيب بخطأ من الراهن كان للمرتهن أن يطلب وفاء دينه فورا أو تقديم ضمان كاف لدينه."
وما يلاحظ بخصوص هذه المادة أن المشرع لم يميز بين الهلاك والتعيب الواقع بفعل الراهن وذلك الناجم عن فعل الغير أو بسبب أجنبي لا يد للراهن فيه.
و إذا كانت هذه المسألة لا تثير إشكالا في الحالة الرهن الرسمي التي يكون فيها الدائن المرتهن مؤسسة بنكية نظرا لاشتراطها على المدين الراهن إبرام عقد تأمين لضمان حقها في حالة هلاك الملك المرهون، فإن الأمر على خلاف ذلك في الرهن الرسمي الجبري لكون الدائن المرتهن لا يُضمن حقه بتأمين إلى جانب الرهن الجبري، وبالرجوع إلى الفقه، نجد الفقيه عبد الرزاق السنهوري يميز بين المتسبب في الهلاك بين ما إذا كان بسبب خطأ المدين الراهن أو بسبب الدائن المرتهن.
ففي الحالة الأولى ،كان للدائن المرتهن الخيار بين المطالبة بالوفاء بدينه فورا أو تقديم ضمان كاف لهذا الدين، وإذا كان الهلاك أو التلف يرجع إلى سبب أجنبي عن المدين الراهن فإن الخيار ينتقل إلى المدين فيختار بين أن يقدم تأمينا كافيا أو ان يفي بالدين فورا قبل حلول أجله.
أما في الحالة الثانية فلا خيار للدائن المرتهن ،بل يجوز للراهن أن يرجع عليه بالتعويض عن الضرر الذي أصابه بخطئه ،غير أن التعويض يحل محل الملك الهالك أو ما تلف منه ،ويخضع لحق الراهن طبقا لنظرية الحلول العيني.
أما في الحالة التي يتم فيها نزع ملكية المرهون من أجل المنفعة العامة أو هلاك ،أو تعيب فإن حق الدائن المرتهن ينتقل إلى المال الذي يحل محله كمبلغ التأمين أو التعويض مقابل نزع الملكية ،وللمرتهن أن يستوفي حقه من الأموال وفقا لرتبته.
وتجدر الإشارة إلى أن المدين الراهن يعتبر حارسا للملك المرهون ويساءل عن الأضرار الناجمة عنه وعن تهدمه عملا بمقتضيات الفصل 88 والفصل 89 من ق.ل.ع.
الفقرة ثانية : حقوق المدين الراهن
نص المشرع المغربي على حقوق المدين الراهن في الفصل 187 والفصل 188 من ق 39.08 ،إذ خول له حيازة الملك المرهون واستعماله واستغلاله والتصرف فيه ،كما منحه حق إدارته والحصول على غلته إلى أن يباع عليه في حالة عدم الوفاء بالدين ،وكل ذلك دون المساس بحقوق المرتهن.
فالرهن الرسمي لا يحرم الراهن من التمتع بسلطات الملكية ،وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في أحد قراراتها الذي جاء فيه : "أن الراهن يبقى مالكا للعقار وله كامل الحق في التصرف في العقار المرهون أو استعماله أو استغلاله"،إذ يحق للمدين الراهن التصرف في ملكه سواء كان هذا التصرف معاوضة أو رهنا أو تبرعا ،فإذا ما قام الراهن ببيع ملكه ،فإن الملكية تنتقل مثقلة بالرهن مادام الرهن قيد قبل تسجيل البيع أو المقايضة أو الهبة ،على أن حرية الراهن في أن يتصرف في العقار المرهون على النحو المقدم لا يجوز أن يقيدها اتفاق مع الدائن المرتهن.
وفي هذا الصدد يرى الأستاذ عمر أزوكاغ ،أن الاتفاقات المقيدة من سلطات المدين على العقار المرهون تعد باطلة وتؤدي إلى بطلان عقد الرهن وفق مقتضيات الفصل 110 من ق.ل.ع الذي ينص على أن "الشرط الذي ينافي طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه يكون باطلا ويبطل الالتزام الذي يعلق عليه ،ومع ذلك يجوز تصحيح هذا الالتزام إذا تنازل صراحة عن التمسك بالشرط الطرف الذي وضع لصالحه".
وعلى القول أن المشرع المغربي يلتقي مع التشريعات الحديثة من حيث إقرار سواغية القيود الاتفاقية شريطة وجود منفعة مشروعة لأحد المتعاقدين أو للغير من جهة ،وأن يكون القيد مقصورا على مدة معقولة من جهة ثانية ،فإن شرط المنفعة المشروعة في حالة الرهن الرسمي غير متصورة لعدة اعتبارات أهمها:
أن أي تصرف قد يصدر من الراهن لن يؤثر على حق الدائن المرتهن ،لأنه وبمجرد تقييد حقه على الرسم العقاري الخاص بالملك المرهون ،فإن أي تصرف اللاحق على تقييد الرهن لن يؤثر عليه ،ويبقى للدائن المرتهن الحق في التنفيذ على الملك المرهون خاليا من أي حق يكون المالك قد رتبه عليه ،لأن التقييد يحفظ له رتبة حقه.
أن تصرف الراهن في الملك المرهون بتفويته للغير لا يؤثر على حق المرتهن لأن الملك المرهون ينتقل إلى الغير مثقلا بحق المرتهن ،ولهذا الأخير الحق في استيفاء دينه من ثمن الملك المرهون رغم وجوده في حيازة الغير.*
وبالتالي إذا كان من حق المدين الراهن التمتع بمختلف سلطات حق الملكية على الملك المرهون من استعمال واستغلال وتصرف فإن هذه السلطات مقيدة بالالتزام بضمان سلامة الرهن بالامتناع عن كل ما من شأنه الإنقاص من الضمان المقرر لفائدة الدائن المرتهن وفق مقتضيات المادة 187 من ق 39.08.
وفي هذا الصدد فإننا نعتقد أن حق استغلال الملك المرهون مقصور على الثمار دون المنتجات ،لأن هذه الأخيرة تنقص من قيمة الشيء نقصا محسوسا ،وعليه متى كان حق الرهن الرسمي منصبا على عقار لا ينتفع مالكه من منتجاته ،فإن هذا الأخير لا يكون له الحق في مباشرة استخراج منتجات العقار بعد ترتيب رهن جبري عليه ،لأن ذلك سينقص من قيمته وبالتالي سيؤدي إلى المساس بحقوق الدائن المرتهن.
الفرع الثاني :آثار الرهن الرسمي الإجباري بالنسبة للدائن المرتهن
بالإضافة إلى الالتزامات الملقاة على عاتق المدين الراهن ،خول المشرع المغربي للدائن المرتهن مجموعة من الحقوق لضمان دينه تتمثل في حق الأولوية ( الفقرة الأولى) و حق التتبع( الفقرة الثانية) بالإضافة إلى حق بيع الملك المرهون ( الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : حق الأولوية المخول للدائن المرتهن
تنص المادة 197 من القانون 39.08 على أنه: " يستوفي الدائن المرتهن دينه من ثمن الملك حسب رتبة تقييده في الرسم العقاري ،وذلك بالأولوية على باقي الدائنين المرتهنين التاليين له في المرتبة وكذا على الدائنين العاديين".
فحق الأولوية حسب هذه المادة ،يتمثل في الحق الذي يتقدم به الدائن على غيره من الدائنين العاديين والتاليين له في المرتبة ،ويضمن الدائن المرتهن رتبته في التقدم على باقي الدائنين ابتداء من تاريخ تقييد الرهن بالرسم العقاري سواء كانوا دائنين عاديين أو دائنين مرتهنين.
ففي حاله تعدد الدائنين أصحاب الرهن فتفضيل أحدهم على الآخر يكون بالأسبقية عملا بأحكام الفصل 77 من القانون 14.07 الذي ينص على أنه: "يحدد ترتيب الأولوية بين الحقوق المتعلقة بالعقار الواحد حسب ترتيب تقييدها...''
أما في الحالة التي تكون فيها الرهونات الرسمية في مرتبة واحدة كأن تكون مسجلة في يوم واحد ويكون ثمن الملك غير كاف للوفاء بالديون جميعا ،فإن الدائنين المرتهنين ذوي الرتبة الواحدة يتحاصون الثمن الذي يوزع عليهم بنسبة مبلغ دين كل واحد منهم.
وإذا كان المبدأ العام يقضي بأن السابق في التسجيل سابق في التقدم عند التوزيع ،فإن هذا المبدأ ترد عليه بعض الاستثناءات تتمثل في حالة التنازل عن مرتبة الرهن وفي حالة تزاحم الرهن الرسمي وحق الامتياز.
فبالنسبة للاستثناء الأول نجد المشرع المغربي ينص في الفصل 198 من القانون 31.08 على أنه: "يمكن للدائن المرتهن الذي لم يستوف دينه أن يتنازل عن رتبة رهنه بمقدار دينه لدائن مرتهن آخر على نفس الملك المرهون دون المساس بحق الدائنين المرتهنين المواليين له في الرتبة ،أي أنه يحق للدائن المرتهن أن يتخلى عن رتبة رهنه إلى دائن آخر تال له على نفس العقار ،وقد يتم ذلك بمقابل وقد يكون تبرعا كأن يكون للمتنازل ضمان آخر يكفل حقه ويغنيه عن التمسك بمرتبته المتقدمة بمقتضى الرهن.
وبالرجوع إلى التشريعات المقارنة وخاصة المشرع المصري ،نجدها تجيز للدائن المرتهن أن يتنازل عن رهنه لصالح آخر يحل محله ،وهو ما نصت عليه المادة 1059 من القانون المدني المصري من أنه "للدائن المرتهن أن ينزل عن مرتبة رهنه في حدود الدين المضمون بهذا الرهن لمصلحة دائن آخر له رهن مقيد على نفس العقار،ويجوز التمسك قبل هذا الدائن الآخر بجميع أوجه الدفع التي يجوز التمسك بها قبل الدائن الأول عدى ما كان منها متعلقا بانقضاء حق هذا الدائن الأول ،إذا كان هذا الانقضاء لاحقا للتنازل عن المرتبة".
و تتضح أهمية فكرة الحلول عندما يكون للدائن والمرتهن رهن على عدة عقارات ويكون أحدهما يكفي للوفاء بحقه ،فيقوم الدائن بالتنازل على مرتبته في تلك العقارات الأخرى لفائدة دائن مرتهن متأخر في المرتبة ،دون أن يعني ذلك تنازله عن حقه المضمون بالرهن أو حتى تنازله عن حق الرهن ذاته ،ويرى بعض الباحثين أنه لإعمال حق النزول يشترط فيه عدة شروط:
ـ أن يتم التنازل لمصلحة دائن آخر له رهن مقيد على ذات العقار،لكون أن التنازل عن مرتبة الرهن يفترض وجود أكثر من دائن مرتهن على نفس العقار.
ـ يجب أن يكون كذلك الدائن الذي حل في المرتبة الأولى له دين أكبر من حق الدائن الآخر،وهذا ما يتم غالبا داخل إدارة التسجيل و التمبر بحيث تتنازل عن مرتبة القيد لفائدة مؤسسات الإثمان التي يكون لها رهن على نفس العقار ،خاصة وأن هذه الأخيرة يكون دينها أكبر بكثير من الرهن المقرر لفائدة إدارة التسجيل والتمبر.
هكذا فإذا كان التنازل عن رتبة الرهن وبالتالي حلول دائن مرتهن محل دائن آخر في الرتبة يقتضي حصول تراضي الأطراف ،فإنه في بعض الحالات نجد أن إرادة المشرع هي التي تتدخل من أجل جعل الدائن المرتهن يتنازل عن مرتبته في استيفاء الدين بالأولوية ،كما هو الشأن بالنسبة لحقوق الامتياز المنصوص عليها في الفصل 1243 من ق.ل.ع. ،الذي عرف هذا الحق بأنه: " حق أولوية يمنحها القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين" وبالرجوع إلى مدونة الحقوق العينية نجد المشرع المغربي يعرف هذا الحق في المادة 142 بقوله "إن الامتياز حق عيني يخول للدائن حق الأولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين".
ويفهم من هذا التعريف المذكور ،أن الامتياز خوله القانون للدائن بدين معين يمكن بمقتضاه أن يستوفي ذلك الدين من جميع منقولات المدين أو مال معين له ،مع تمتيع هذا الدائن بحق الأولوية على بقية الدائنين ولو كانوا يتمتعون برهن رسمي جبري.
فالمشرع المغربي في تقريره الامتياز لم يأخذ بعين الاعتبار شخص الدائن بل صفة الدين وسببه ،معتبرا أن بعض الديون تتطلب رعاية خاصة ،ويقتضي أن تدفع لأصحابها قبل غيرها من الديون ،وبهذا يختلف الامتياز عن الرهون الرسمية الجبرية التي إنما أقرها القانون حماية لبعض الدائنين.
الفقرة الثانية : حق التتبع
يقصد بحق التتبع ذلك الحق الذي يمنح للمرتهن إمكانية تتبع العقار في أي يد انتقل إليها سواء بالبيع أو بغيره من الطرق الناقلة للملكية بقصد التنفيذ عليه و استيفاء دينه من الثمن حسب مرتبته ،فهو مكمل لحق الأولوية إذ يخول للدائن المرتهن ممارسة حق التقدم على ثمن العقار حتى بعد خروجه من ذمة المدين و دخوله في ملكية شخص آخر سواء بشكل كلي أو جزئي ،أما إذا بقي العقار المرهون في ملكية المدين الراهن ،فإن الدائن المرتهن لا يحتاج إلى استعمال حق التتبع إذ ينفذ على المدين الراهن مباشرة، و هو ما نص عليه المشرع المغربي في المادة 199 من مدونة الحقوق العينية من أنه '' للدائن المرتهن رهنا رسميا حق تتبع الملك المرهون في يد أي حائز له لاستيفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به''.
و الواضح أن هدف المشرع المغربي من إقرار حق التتبع هو إحداث نوع من التوازن بين مصالح أطراف عقد الرهن ،ويتجلى ذلك في صلاحية وسلطة الراهن في التصرف في ملكية عقاره المرهون بدون إلحاق أي ضرر بمصالح الدائن المرتهن ،إذ أنه في حالة بقاء العقار المرهون في يد مالكه المدين ، لن يحتاج الدائن المرتهن إلى ميزة التتبع ،فالرابطة المباشرة بين صاحب الحق العيني و الشيء موضوع هذا الحق تبقى مستمرة دون النظر إلى وجود هذا الشيء في يد شخص آخر.
ويشترط لممارسة حق التتبع مجموعة من الشروط يمكن إجمالها في ما يلي :
حلول أجل الدين المضمون : يشترط لممارسة حق التتبع أن يكون أجل الدين المضمون قد حل ،و هو ما يستفاد صراحة من المادة 199 من م.ح.ع من عبارة ''...عند حلول أجل الوفاء به.'' وهذا الشرط ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة التي تقضي بعدم إمكانية التنفيذ بمقتضى حق مؤجل ،و تتجلى هنا صفة التبعية لحق الرهن الرسمي في كونه يستمد صفات الدين المضمون ،فإن كان الدين المضمون مؤجلا أو معلقا على شرط ،فلا يحق للدائن المرتهن ممارسة حق التتبع طالما أن الشرط لم يتحقق ،أو لم يوجد الالتزام ،أو لم يحل أجله بعد ،و في حالة الرهن الجبري فإن الدائن المرتهن لا يحق له ممارسة حق التتبع إلا بعد حلول الأجل القضائي للدين.
ضرورة نفاذ حق الرهن الجبري : أي أن يكون الرهن الجبري مسجلا في السجل العقاري حتى ينفذ في مواجهة الغير ،و أن يكون تسجيله قد تم قبل تسجيل حق الحائز على العقار المرهون ،فإذا لم يسجل حق الحائز فإنه لا ينفذ في مواجهة الدائن المرتهن وتتخذ إجراءات التنفيذ في مواجهة الراهن الذي يعتبر مالكا للعقار المرهون ،إذ أن جميع الحقوق المرتبة على عقار محفظ لا يمكن الاحتجاج بها في مواجهة الغير إلا بتقييدها في السجل العقاري.
و من جهة أخرى فإنه لا يجوز للدائن الذي اكتسب حق رهن وتأخر في تسجيله أن يتقدم بطلب تسجيله بعد انتقال ملكيته إلى شخص آخر،فيصبح الدائن الذي تأخر في تسجيل رهنه مجرد دائن عادي ،ما لم يكن المتصرف إليه قد ارتكب غشا بالتواطؤ مع المتصرف ،لأن الغش يفسد كل التصرفات.
أن لا يكون قد ترتب على التصرف الذي نقل ملكية المرهون إلى الحائز زوال حق التتبع : أي أنه ليستطيع الدائن المرتهن مباشرة سلطة التتبع في مواجهة من انتقلت إليه ملكية المرهون أو أي حق متفرع عنها مما يخول سلطة التتبع ،أن لا يكون التصرف الذي اكتسب بمقتضاه الحائز حقه مؤديا إلى سلب حق الدائن المرتهن في التتبع و مانعا له من تتبعه كما لو انتزعت ملكية المرهون لأجل المنفعة العامة ،حيث يمتنع على الدائن عندئذ تعقب العقار في يد الجهة التي انتزعت ملكية العقار،بل يقتصر حق الدائن في التقدم على المقابل النقدي الذي تدفعه الجهة النازعة للملكية.
أن لا يكون الحائز مسؤولا شخصيا عن الدين : إذا كان من اكتسب الحق مسؤولا شخصيا عن الدين المضمون كالمدين المتضامن و غير المتضامن ،فلا يعتبر حائزا بل مسؤولا عن الدين ،فتوجه إليه الإجراءات مباشرة باعتباره مسؤولا لا باعتباره حائزا.
الفقرة ثالثة : حق الدائن المرتهن في بيع الملك المرهون
تنص المادة 214 من مدونة الحقوق العينية على أنه '' يمكن للدائن الحاصل على شهادة خاصة بتقييد الرهن لفائدته مسلمة له من طرف المحافظ على الأملاك العقارية طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل 58 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331( 12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري أن يطلب بيع الملك المرهون بالمزاد العلني عند عدم الوفاء بدينه في الأجل''.
فحق الدائن في التنفيذ على المال المرهون يظل في حالة سكون خلال الفترة الممتدة بين نشأة الحق و حتى حلول أجل الدين ،فطيلة هذه الفترة لا يستطيع الدائن مباشرة حق التنفيذ عليه ،لأن أجل الدين لم ينته بعد ، ما إذا حل أجل استحقاق الدين و امتنع المدين عن الوفاء ،فإن الدائن يكون من حقه سلوك إجراءات التنفيذ على العقار المرهون ،و التي تبدأ بتوجيه إنذار إلى المدين أو كفيله عن طريق كتابة الضبط بالمحكمة التي يوجد العقار بدائرتها.
وفي حالة رهن عدة أملاك لضمان أداء دين واحد ،فإن بيع كل واحد منها لا يتم إلا بناء على إذن من رئيس المحكمة المختصة الواقع في دائرة نفوذها الملك ،ويجب أن يقع بيع هذه الأملاك على التوالي و في حدود ما يفي بأداء الدين بكامله.
وتعتبر مسطرة تحقيق الرهن الرسمي هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها للدائن المرتهن استيفاء دينه الرهني ،إذ يجب عليه سلوكها لاتصالها بالنظام العام ،وتبدأ هذه المسطرة بتوجيه الدائن المرتهن إلى الراهن و للحائز إنذارا عقاريا ،بالإضافة إلى تبليغ المحافظ على الأملاك العقارية نفس الإنذار و الذي يعمل على تقييده بالرسم العقاري ،وعند انقضاء الأجل المحدد في الإنذار العقاري دون قيام المدين بالوفاء ،تواصل إجراءات التنفيذ بإيقاع حجز تنفيذي على الملك المرهون وفق إجراءات تحقيق الرهن الرسمي التي سيتم التطرق لها في عرض خاص.
المطلب الثاني :آثار الرهن الجبري بالنسبة للغير الحائز و بالنسبة للعقار المرهون و الدين المضمون.
بالإضافة إلى آثار الرهن الجبري المتعلقة بأطرافه نجد أن آثار هذا الرهن تمتد لتشمل حتى الغير الذي انتقلت إليه حيازة العقار المرهون من جهة( الفرع الأول) كما تشمل أيضا هذا العقار المرهون في حد ذاته بالإضافة إلى الدين المضمون (الفرع الثاني).
الفرع الأول :آثار الرهن الجبري بالنسبة للغير الحائز
كما سبق القول ،فإن الدائن المرتهن له حق تتبع العقار المرهون والتنفيذ عليه في مواجهة الغير الذي يعتبر من وجهة نظر المدين مجرد حائز لهذا الملك.
وقد نص المشرع المغربي في المادة 200 من م.ح.ع على أنه :"يعتبر حائز الملك المرهون كل من انتقلت إليه ملكيته بتقييده بالرسم العقاري دون أن يكون ملتزما شخصيا بالدين"
وعليه ،فالغير لا يعد حائزا للملك المرهون إلا بتوفر الشروط الآتية:
أن تنتقل إليه ملكية المرهون أو أي حق عيني عليه.
أن يقوم بتقييد الحق الذي انتقل إليه في السجل العقاري.
أن يكتسب الحق على المرهون بعد تقييد الرهن وقبل تبليغ الحجز على المرهون.
أن لا يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن الدين المضمون.
فبخصوص هذا الشرط الأخير يلاحظ أن الوارث في القانون الفرنسي وهو مسؤول شخصيا عن الدين الموروث لا يعتبر حائزا للعقار المرهون ،أما الوارث في الشريعة الإسلامية فلا يعتبر أيضا حائزا للعقار، لكن لسبب آخر ،فهو إن لم يكن مسؤولا شخصيا عن دين إلا أن المبدأ القاضي بأنه لا تركة إلا بعد أداء الدين ،من شأنه ألا يجعل ملكية العقار تنتقل إلى الوارث ،إلا بعد سداد الدين المضمون بالرهن ،أي أنه بعد تصفية التركة وفق الإجراءات القانونية ووقع في نصيبه العقار المرهون ، وتحمل ما عليه من الدين ، فالوارث في هذه الحالة يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن الدين ،ولا يعتبر حائزا للعقار المرهون ،أما الموصى له والشفيع ومن ملك بالتقادم ،فإن هؤلاء جميعا يعتبرون حائزين للعقار.
وبالتالي ،إذا تتبع الدائن المرتهن الملك المرهون وهو في يد الحائز،فلهذا الأخير أحد الحلول الثلاثة:
أولا : الوفاء بالدين
أحيانا قد يكون هذا الحل أفضل للحائز ،لأن هذا الحل في مصلحته ،كأن يكون مشتريا لم يدفع الثمن بعد للبائع ،حيث إن أداء الدين من شأنه تحرير الملك من الرهن الذي يثقله ،إلى جانب براءة ذمة المشتري من الثمن تجاه بائعه ،وعليه فإذا اختار المشتري هذا الحل يكون ملزما بأداء الدين كله وفوائده ،على أن يستفيد طبعا من الآجال الممنوحة للمدين الأصلي ،وهو ما نصت عليه المادة 201 من م.ح.ع ،إلا أن أداء الدين قبل حلول الأجل أفضل للحائز لأنه يوفر عليه تراكم الفوائد مصاريف الإنذار.
وينتج عن الوفاء بالدين الذي قام به الحائز الرجوع على المدين لأنه وفى عنه ،كما له الحق في الرجوع على المالك السابق بدعوى الضمان إذا سمح له سنده بذلك.
وتتمثل طرق رجوع الحائز على الدين فيما يلي:
1- الرجوع على المدين بالدعوى الشخصية
إذ يستطيع الحائز الذي قام بالوفاء بالرجوع على المدين الأصلي بدعوى الإثراء بلا سبب ،ويكون ذلك عندما لا يكون هناك شيء من ثمن العقار مستحق على العقار.
وإذا كان في ذمته باق من الثمن ،يرجع على المدين بالفرق فقط ،وهو باعتباره دائن للمدين يستطيع أن يرجع عليه في كل أمواله بحق الضمان العام.
2- الرجوع على المدين بدعوى الحلول
إن حلول الحائز محل الدائن المرتهن يمكن أن يكون حلول اتفاقي أو قانوني ،فالحلول الاتفاقي يكون حسب الفصل 212 من ق.ل.ع الذي ينص على أنه " إذا أحل الدائن الغير محله عند قبضه الدين منه في الحقوق والدعاوى والرهون الرسمية التي له على المدين فهذا الحلول يجب أن يكون صراحة وأن يتم في نفس الوقت الذي يحصل فيه الأداء.
أما الحلول القانوني فيكون حسب الفصل 314 من ق.ل.ع.م في الحالات الآتية:
لفائدة الدائن الذي أوفى بدين آخر ولو كان لاحقا في التاريخ إذا كان هذا الدائن مقدما عليه بامتياز أو رهن رسمي أو حيازي.
لفائدة مكتسب العقار في حدود ثمن اكتسابه إذا كان هذا الثمن قد استخدم في الوفاء بديون المرتهنين للعقار رسميا.
لفائدة من وفى دينا كان ملتزما به مع المدين ،كمدين متضامن أو كفيل أو وكيل.
لفائدة من له مصلحة في انقضاء الدين من غير أن يكون ملتزما به شخصيا.
فسواء كان الحلول اتفاقي أو قانوني ،فإن الحائز يحل محل الدائن المرتهن في حقه وما يضمن هذا الحق من تأمينات شخصية أو عينية.
3- رجوع الحائز على المالك السابق بدعوى الضمان:
إذا كان سند الحائز يخول له ذلك كأن يكون عقد بيع ،فله أن يرجع على المالك السابق وإن كان المدين شخصا آخر،طبقا لأحكام الضمان في عقد البيع، أما إذا كان الحائز قد تلقى الملكية بسبب هبة أو وصية فلا يرجع على الواهب أو الموصي إلا إذا كان سيء النية.
ثانيا : التخلي عن الملك المرهون
إن الحائز الذي يلازمه الدائن المرتهن بحق التتبع ويطالبه بأداء الدين المثقل به الملك له أن يتحلل من ذلك بتخليه عن الملك المرهون وذلك بتوافر شرطين:
أن لا يكون ملتزما شخصيا بالدين
أن يكون متمتعا بأهلية التصرف.
ويجري التخلي على يد رئيس كتابة الضبط لدى المحكمة المختصة ،يحرر محضرا بذلك يعرضه على رئيس المحكمة للمصادقة عليه ،ويوجه نسخة منه إلى الدائنين المعنيين داخل أجل 8 أيام من تاريخ المصادقة.
كما يحق أيضا للحائز أن يشارك في المزاد العلني المقرر لبيع الملك ،فإذا رسى عليه المزاد فإنه يعتبر مالك أصلي من تاريخ تقييده بالرسم العقاري ،وهو ما نصت عليه المادة 205 من م.ح.ع.
كما أن الحائز الذي كان يتمتع بحقوق عينية على الملك المتخلى عنه كحق انتفاع مثلا أو الحقوق التي كانت مترتبة على الملك ،فإنها تعود من جديد بعد حصول التخلي حتى ولو تم التشطيب عليها ،وصاحب المصلحة هو من يطلب تقييدها طبقا للمادة 210 من م.ح.ع.
ثالثا :ترك الدائن المرتهن يتابع إجراءات نزع الملكية
إذا لم يقم حائز العقار بوفاء الالتزام المضمون بالرهن وفاءا تاما ،وفي نفس الوقت لم يسلك طريق التخلي عن الملك ،فإنه يحق لكل دائن مرتهن أن يباشر نزع ملكية المرهون في مواجهة الحائز ،وذلك وفق الإجراءات الشكلية المنصوص عليها قانونا ،غير أنه للحائز الذي لم يكن ملتزما شخصيا بالدين أن يتعرض على بيع الملك المرهون الذي بيده إذا بقيت في ملكية المدين الأصلي أملاك أخرى مرهونة من أجل نفس الدين ،طبقا للمادة 202 من م.ح.ع.
فإذا تعرض الحائز على بيع العقار المرهون ،فيتعين حينئذ تأجيل بيع العقار الموجود في حيازة الغير إلى أن تتم إجراءات تجريد الملتزم الأصلي أو الملتزمين الأصليين من الأملاك الموجودة في تصرفهم ،بمعنى يؤجل بيع الملك الذي بيد الحائز أثناء إجراءات التجريد.
الفرع الثاني : آثار الرهن الجبري بالنسبة للعقار المرهون و الدين المضمون
تتمثل آثار الرهن الجبري بالنسبة للعقار المرهون في كون هذا الأخير يكون ضمانة للدين المضمون بجميع ملحقاته الموجودة وقت إنشاء الرهن بالإضافة إلى تلك التي تضاف إليه بعد الرهن ،أما بخصوص آثار الرهن الجبري بالنسبة للدين المضمون ،فتتمثل في كون هذا الأخير يكون مضمونا في مجمله بالإضافة إلى الفوائد المترتبة عنه ،وهو ما سنتناوله على نحو الآتي:
أولا : آثار الرهن الجبري بالنسبة للعقار المرهون
تنص المادة 167 من م.ح.ع على أنه :"يشمل الرهن الرسمي العقار المرهون وملحقاته وكل ما سيحدث فيه من إنشاءات وتحسينات بعد العقد أو يضم إليه بالالتصاق".
وهكذا، فإنه إذا ما تقرر رهن رسمي على عقار،فإن هذا الرهن يشمل جميع الملحقات الموجودة وقت الرهن كالأبنية والمنشآت والأغراس والأشياء المنقولة المتصلة بالعقار عن طريق التخصيص ،كما يشمل أيضا الملحقات الطارئة بعد تقرير الرهن من أبنية و أغراس وحقوق الارتفاق الإيجابية وغيرها بغض النظر عن محدثها ،وهو نفس المقتضى المعمول به قبل صدور مدونة الحقوق العينية ،حيث جاء في حكم لمحكم لابتدائية مراكش: '' حيث أنه بالرجوع إلى الفصل 190 من المرسوم الملكي المؤرخ في 19 رجب 1933 ،المرافق 2 يونيه 1915 المتعلق بالعقارات المحفظة يتبين أن الرهن الرسمي يمتد إلى التحسينات المحدثة فوقه لتدرج فوق التحسينات''
وقد ذهبت محكمة النقض في إحدى قراراتها إلى أن المقصود بالتحسينات هو ما يتم بفعل المشتري " الحائز" نتيجة نفقات يبذلها في تحسين وضعية العقار ما لم يتم نتيجة التطورات الاقتصادية التي تؤدي إلى ارتفاع قيمة العقار.
وإذا هلك الملك المرهون هلاكا ماديا أو قانونيا وحل محله مال آخر،فإن من حق الدائن المرتهن ينتقل على هذا المال بنفس مرتبته ،كما لو قبض مالك العقار تعويضا أو مبلغ تأمين أو مقابلا لنزع ملكية العقار للمنفعة العامة أو غير ذلك مما يمكن أن يحل محل العقار المرهون ،كان للمرتهن حق استيفاء دينه من هذا المال.
ثانيا :آثار الرهن الجبري بالنسبة للدين المضمون.
إن آثار الرهن الجبري بالنسبة للدين المضمون تتطلب التمييز بين رأس المال والفوائد ،فالرهن الجبري يضمن رأس المال بأكمله ،أما فيما يتعلق بالفوائد فيجب التمييز بين الفائد التي كانت مستحقة وقت تقييد الرهن وبين الفوائد التي استحقت بعد تقييده، فبالنسبة للحالة الأولى فإنه يجب ذكرها في صك الرهن ليشملها الرهن و إلا اعتبرت ديون عادية أما الحالة الثانية فلم يجعلها المشرع المغربي مضمونة دون أي تحديد لما في ذلك من مخالفة لمبدأ تخصيص الرهن من حيث المضمون ،بحيث يبقى الغير جاهلا بمقدار الفوائد المستحقة الباقية بدون دفع ،فضلا عن ذلك قد يسمح للمدين أن يتواطأ مع الدائن المرتهن لتكون مطالبته شاملة علاوة على أصل الدين بفوائد سبق أن استحقت و سددت لتستنفذ هذه الفوائد ما يمكن أن يبقى من ثمار العقار المرتهن المطروح للبيع بالمزاد الأمر الذي يلحق ضررا جسيما ببقية الدائنين.
وبذلك فقد كان المشرع المغربي موفقا عندما نص على أن الرهن لا يضمن علاوة على أصل الدين وبنفس الرتبة إلا فوائد سنتين ،الفائدة المستحقة عند السنة الجارية ،وفائدة السنة التي قبلها بشرط أن يتضمن صك الرهن نصا على أن الدين دو فائدة ،وأن يكون هذا النص مقيدا في السجل العقاري وأن يكون معدل الفائدة معينا.
حيث جاء في المادة 168 من مدونة الحقوق العينية أنه:" للدائن الذي قيد رهنه لضمان أصل دين وفوائد أو استحقاقات دورية له الحق أن يقيدها في نفس الرتبة التي قيد فيها أصل الدين وذلك لاستيفاء المستحق منها على السنة الجارية والتي قبلها بشرط أن يكون هذا الحق ناشئا عند عقد الرهن ومقيدا على الرسم العقاري وأن يكون سعر الفائدة معينا".
المبحث الثاني: انقضاء الرهن الجبري
الرهن الجبري حق عيني تبعي يقتضي وجود حق أصلي يقوم لضمانه ،ويتبعه في وجوده وعدمه ،وبهذا ينقضي الرهن بصفة أصلية مع بقاء الدين المضمون قائما (المطلب الأول) ،أو بصفة تبعية دون بقاء الدين المضمون قائما (المطلب الثاني).
المطلب الأول : انقضاء الرهن الجبري بصفة أصلية
إن انقضاء الرهن بصورة أصلية يعني انقضاءه بصورة مستقلة عن الدين المضمون الذي يبقى قائما ،وأسباب انقضاء الرهن الجبري هي كالتالي :
الفقرة الأولى : انقضاء الرهن الجبري برفع يد الدائن المرتهن عن الرهن
ينقضي الرهن بصورة أصلية وذلك بتنازل الدائن عنه دون أن يتنازل عن الدين ،فإذا كان الرهن الإجباري ينشأ بمقتضى حكم قضائي ورغما عن إرادة المدين ،فإن رفع يد الدائن المرتهن عن الرهن ممكنة ،كأن يستعيض عن الرهن الرسمي بكفالة شخصية أو كأن يتخلى عن الرهن دون قيد ويقبل بأن يكون دائنا عاديا.
فقد يكون التنازل ضمنيا في حالة ما إذا حل أجل الدين ورفض الدائن استيفاءه ويلجأ المدين إلى إجراءات العرض الحقيقي والإيداع، إلا أنه يشترط في التنازل عن الرهن أن يكون صريحا وفق مقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أنه:"يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك....".
الفقرة الثانية : انقضاء الرهن الجبري بهلاك الملك المرهون هلاكا كليا
ينقضي الرهن الجبري إذا هلك الشيء المرهون ،بشرط أن يكون الهلاك كليا ،أما إذا كان الهلاك جزئيا ،فلا ينقضي الرهن بل يبقى ما بقي من الشيء المرهون ،ويكون ضامنا للدين كله عملا بقاعدة عدم تجزئة الرهن.
حيث نص المشرع في المادة 191 من م.ح.ع على أنه :"ينتقل حق الدائن المرتهن عند هلاك الملك المرهون أو تعيبه أو نزع ملكيته لأجل المنفعة العامة إلى المال الذي يحل محله كمبلغ التأمين أو التعويض أو مقابل نزع الملكية ،وللمرتهن أن يستوفي حقه من هذه الأموال وفقا لمرتبته.
وتجدر الإشارة إلى أن الراهن يلزم بالحفاظ على الشيء المرهون وعدم إتيان أي فعل ينقص من قيمته ،أو تعرض يحول دون استفادة المرتهن من حق الرهن ،و إذا أخل المدين بهذا الالتزام جاز للمرتهن الدائن أن يطالب بسقوط أجل الدين ودفعه فورا ،مما يعني أن الدائن المرتهن قد فسخ الرهن بصفة أصلية.
الفقرة الثالثة : إبطال تقييد الحق الواقع عليه الرهن إذا كان الدائن سيء النية
نص المشرع على هذا السبب من الانقضاء في الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري ،إذ نص على أن "كل حق عيني معلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده و ابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.
لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة".
وبمفهوم المخالفة لهذا الفصل يستفاد أن الغير سيء النية أي الذي كان يعلم بالعيب الداعي إلى إبطال التقييد ،يسري عليه إبطال التقييد ،و عليه فالرهن الرسمي المعقود على ملك مقيد دون حق على اسم المدين الراهن ينقضي تبعا لإبطال هذا التقييد فيما إذا كان الدائن المرتهن سيء النية أي عالما بالعيوب التي تشوب ملكية الراهن.
الفقرة الرابعة : انقضاء الرهن الجبري ببيع الملك المرهون
نص المشرع المغربي على هذه الحالة من الانقضاء في المادة 213 من م.ح.ع التي نصت على أنه: "ينقضي الرهن ببيع الملك بيعا جبريا بالمزاد العلني وفقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون".
حيث تنتهي المزايدة بإرساء المزاد على المشتري الذي قدم أعلى عرض لشراء العقار،ويتم تحرير محضر المزاد الذي يعتبر نهاية مسطرة البيع القضائي للعقار المرهون.
ويترتب على تحرير محضر المزاد عدة آثار،تهم كل من المشتري الذي يفرض عليه البيع عدة التزامات كما يمنحه عدة حقوق ،زيادة على أن البيع تترتب عنه آثار تهم العقار والمدين.
فعندما يرسو البيع بالمزاد العلني على المشتري، ويقوم هذا الأخير بالوفاء بالتزاماته بأداء الثمن والمصاريف ،فإنه يتسلم محضر المزاد ويقوم بإيداعه بالمحافظة العقارية من أجل تقييده ،وفي ذلك جاءت المادة 220 من م.ح.ع التي تنص في فقرتها الثانية على أنه "يترتب على تقييد محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري انتقال الملك إلى من رسا عليه المزاد وتطهيره من جميع الامتيازات والرهون ،ولا يبقى للدائنين أي حق إلا على الثمن".
ومن هنا يتبين أنه بمجرد إتمام إجراءات البيع بالمزاد العلني وتقييد محضر إرساء المزايدة إلا وينقضي الرهن الرسمي ،وهذا ما سارت عليه محكمة النقض من خلال عدة قرارات ،حيث اعتبرت في إحدى قراراتها أن "محضر بيع العقار بالمزايدة العلنية سندا للملكية لصالح من رسا عليه المزاد".
المطلب الثاني : انقضاء الرهن الجبري بصفة تبعية
يعتبر الرهن الجبري من الحقوق التبعية ،ويتوقف وجودها على قيام حق أصلي ودوامه وتزول بزواله ،فهو حق تابع لالتزام أصلي يبقى ما بقي هذا الالتزام ويزول بزواله.
وهكذا ينقضي الرهن الجبري بصورة تبعية ،حسب المادة 212 من م.ح.ع بالوفاء بالدين وباتحاد الذمة .
الفقرة الأولى: الوفاء
نص المشرع المغربي في الفصل 320 من ق.ل.ع على أنه :"ينقضي الالتزام بأداء محله للدائن وفقا للشروط التي يحددها الاتفاق أو القانون" ،وهكذا ينقضي الرهن الجبري بوفاء المدين الراهن للدين المضمون بهذا الرهن ،كما أنه يجب أن يكون أداء الدين كاملا لأن حق الرهن حق عيني غير قابل للتجزئة ،وتبعا لذلك فإن انقضاء الدين بهذا الوفاء ينقضي أيضا الرهن الجبري الذي نشأ لضمان أداء هذا الدين لفائدة الدائن المرتهن.
كما أن المشرع نص كذلك في الفصل 321 من ق.ل.ع على أنه :"ينقضي الالتزام أيضا إذا رضي الدائن أن يأخذ استيفاء لحقه ،شيء آخر غير الشيء الذي ذكر في الالتزام ،وهذا الرضى يفترض موجودا إذا أخذ الدائن بدون تحفظ شيء آخر غير الذي كان محلا للالتزام".
الفقرة الثانية : اتحاد الذمة
نص المشرع المغربي في الفصل 369 من ق.ل.ع على أنه "إذا اجتمعت في شخص واحد صفة الدائن والمدين لنفس الالتزام نتج اتحاد في الذمة يؤدي إلى انتهاء علاقة دائن بمدين" ،وهكذا فإن الرهن الإجباري ينقضي باتحاد الذمة حسب ما نصت عليه المادة 212 من م.ح.ع ،ذلك أن الرهن الإجباري وكما سبق الذكر هو حق تابع لالتزام أصلي يبقى ما بقي هذا الالتزام ويزول بزواله.
إلا أن التساؤل يطرح في حالة الرهن الإجباري المترتب لفائدة الدولة الذي نص عليه المشرع في الفصل 23 من ظهير 25 يوليوز 1969 بمثابة ميثاق للاستشارات الفلاحية ،حيث جاء فيه ''يقيد في السجلات العقارية دون مصاريف رهن لضمان تسديد المساهمة المباشرة في رفع قيمة الأراضي المسقية أو المساهمة بتحسين إيصال ماء السقي وذلك بناء على طلب" ،فهل يمكن تصور انقضاء الرهن الجبري في هذه الحالة باتحاد الذمة؟
نعتقد أن الدولة في حالة ما أرادت تملك العقار موضوع الرهن الإجباري فستلجأ إلى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،وفي هذه الحالة سنكون أمام هلاك الملك المرهون بصفة قانونية والذي يدخل في أسباب انقضاء الرهن الإجباري بصورة أصلية.
نفس الأمر بالنسبة لحالة الرهن الإجباري المخول للجماعات على أملاك المالكين المجاورين للطريق العمومية المستفيدين بزيادة القيمة ،وكذلك حالة الرهن الإجباري لفائدة الخزينة العامة.
وبالتالي يتبين أن اتحاد الذمة كصورة لانقضاء الالتزام التي نص عليها المشرع في الفصل 319 من ق.ل.ع وكذا المادة 212 من م.ح.ع لا يمكن أن تتصور إلا في بعض حالات الرهن الإجباري.
وتجدر الإشارة إلى أن الرهن الإجباري يتميز بنوع من الخصوصية عن الرهن الاتفاقي ،كونه يترتب بدون رضى المدين ،وبذلك لا يمكن أن ينقضي هذا الرهن بجميع حالات انقضاء الالتزام المنصوص عليها في الفصل 319 من ق.ل.ع ،ومثال على ذلك حالة التقادم حيث جاء في الفصل 377 من ق.ل.ع بأنه لا محل للتقادم إذا كان الالتزام مضمونا برهن حيازي على المنقول أو برهن رسمي".
كما أنه تجدر الإشارة إلى أن الدين المضمون برهن إجباري إذا تبين أنه باطل أو قابل للإبطال فإن الرهن الإجباري يكون أيضا باطلا أو قابلا للإبطال ،كما هو الحال بالنسبة للرهن الإجباري المقرر لفائدة البائع على المبيع ثم تبين للمشتري أن البائع دلس عليه فيه ثم تقرر إبطال ذلك البيع.
وأخيرا وجب الذكر بأن انقضاء الرهن الإجباري لا يكون له أثر قانوني إلا بتشطيب قيده من السجل العقاري.
خاتمــــــــــــــة
نخلص في الأخير أن الرهن الجبري له دور أساسي في حماية حقوق جهات محددة قانونا ،كما يتضح أن المشرع حاول من خلال تنظيمه لهذا الموضوع مراعاة تكريس مبدأ التوازن الحقوقي بين المدين الراهن والدائن المرتهن ،وقد كان موفقا في ذلك إلى حد ما من خلال إقرار هذا الحق قانونا وقصر قبوله على موافقة القضاء ،إذ تكرس السلطة التقديرية الحماية اللازمة للمدين ،ولقد حاولنا مقاربة موضوع الرهن الجبري من خلال الوقوف على طريقة إنشائه وكذا تبيان حالاته مع إبراز الآثار الناتجة عنه وطرق انقضائه ،وبقراءتنا المتواضعة لأحكام الرهن الجبري في التشريع المغربي توصلنا إلى مجموعة من الملاحظات تتمثل أساسا في :
أن المشرع المغربي كان موفقا بتحديده حالات الرهن الجبري على سبيل المثال في مدونة الحقوق العينية فاتحا بذلك المجال لحالات منصوص عليها في قوانين أخرى ،خلافا لما كان منصوص عليها في ظهير1915 ؛
أن المشرع المغربي لم ينص على استفادة الزوجة و الطفل القاصر من الرهن الجبري المقرر قانونا خلافا لما كان منصوص عليه في ظهير 1915؛
المشرع المغربي لم يكن موفقا في إقراره لحالات الرهن الجبري المقرر لفائدة الجماعات الترابية على إطلاقه ،كون هذه الحالة فيها مساس بحقوق ملاك العقارات المحتاجين؛
وبناء على الملاحظات السابقة نقترح التوصيات التالية:
التنصيص صراحة على الحالات التي ما كان يجب على المشرع حذفها و المتمثلة في الرهن الجبري للقاصرين و المحجورين لضمان أوليائهم على أملاك هؤلاء الأولياء ،والرهن الجبري للزوجة على أملاك زوجها ضمانة لمهرها ؛
إعادة النظر في حالات الرهن الجبري المقرر لفائدة الجماعات المحلية على أملاك المالكين المستفيدين من الزيادة في قيمة أملاكهم نتيجة إعلان أو تنفيذ الأشغال أو العمليات العامة ،بإعفاء كل من ثبت عسره من دفع التعويض و بالتالي إعفائهم من الرهن الجبري على عقاراتهم.
لائحة المراجع
الكتب:
مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود، الجزء الثاني، أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، مطبعة دار القلم، بيروت طبعة 1974.
محمد بن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،الطبعة الأولى.
مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الثاني، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،الطبعة الثانية، 1987، ص324.
الدليل العملي للعقار المحفظ، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 02 فبراير 2007.
محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء، طبعة 2008.
عبد الرحيم البدراوي، تحصيل الديوان العمومية، مقاربة قانونية وقضائية ،سلسلة المعارف القانونية والقضائية ،منشورات مجلات الحقوق المغربية، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى، 2012.
عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد،الجزء العاشر في التأمينات الشخصية والعينية، دار النهضة العربية/بيروث ،لبنان بدون ذكر الطبعة.
محي الدين اسماعيل علم الدين، أصول القانون المدني، الجزء الثاني، الحقوق العينية، ، دار الجيل للطباعة-القاهرة، طبعة 1977.
محمادي المعكشاوي ،المحتصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة ، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء،الطبعة لأولى 2013.
عبد المنعم البدراوي،التأمينات العينية ،طبعة 1972 دون ذكر المطبعة.
عبد الكريم شهبون الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون 39.08 ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،الطبعة الأولى 2015.
يوسف أفريل ، الرهن الرسمي العقاري( ضمانة بنكية للدائن للمرتهن) مكتبة الرشاد-اسطات ،الطبعة الأولى 2011.
محمد محبوبي، أساسيات في نظام التحفيظ العقاري و الحقوق العينية العقارية وفق المستجدات التشريعية للقانون رقم 14.07 و القانون رقم 39.08 ،مطبعة المعارف الجديدة-الرباط ،الطبعة الأولى 2014
الرسائل الجامعية
عصام مستاعيض، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص
تحت عنوان "الرهن الرسمي الإجباري في التشريع المغربي" جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2011/2012.
كريم السلوتي، رسالة لنيل دبلوم الماستر تحت عنوان "الحماية القانونية للدائن المرتهن في عقد الرهن الرسمي وفق مدونة الحقوق العينية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، سنة 2013-2014.
أمينة عالمي، الرهن الرسمي الإجباري، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، سنة 1999/2000.
نوال أفقير، الرهن الرسمي العقاري في التشريع المغربي، بحث نهاية التكوين في ماستر قوانين التجارة والأعمال، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، 2012-2013.
سعاد الزروالي، تخصيص الرهن الرسمي العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، كلية الحقوق مراكش، جامعة القاضي عياض، 2000-2001
الأطروحات الجامعية
عبد الواحد شعير : إشكالية الرهن كضمان بنكي في ضوء التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص كلية الحقوق، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1995/1996.
الندوات:
الندوة الدولية المنظمة بتاريخ 2-3 يناير بكلية الشريعة بفاس، وجموعة البحث في "المهن القانونية والقضائية المنظمة وبنية البحث في "الدراسات القضائية، منشورات مجلة الحقوق.
المجلات القانونية:
مجلة المحاكم المغربية عدد 96، أكتوبر 2002.
مجلة الأملاك، العدد الثامن 2011.
مجلة المحاكم المغربية عدد 87.
مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 45 الجزء 2، نونبر 1991.
الفهرس
الفصل الأول: إنشاء الرهن الجبري في التشريع المغربي وحالاته 4
المبحث الأول: إنشاء الرهن الرسمي الإجباري في التشريع المغربي 4
المطلب الأول: وجود نص قانوني يسمح بإيقاع الرهن الإجباري واستصدار حكم قضائي بذلك 4
الفقرة الأولى: وجود نص قانوني يسمح بإيقاع الرهن الإجباري 5
الفقرة الثانية :استصدار حكم قضائي لتقرير الرهن الإجباري 6
الفقرة الثالثة : الإجراءات التي يتعين على طالب الرهن الإجباري القيام بها 7
المطلب الثاني :شكلية التقييد في الرسم العقاري بالنسبة للرهن الرسمي الجبري 8
الفقرة الأولى :تقييد الرهن الإجباري بالرسم العقاري 8
الفقرة الثانية : التقييد الاحتياطي للرهن الرسمي الإجباري 9
المطلب الثالث: الشروط المتطلبة لتقرير الرهن الإجباري 10
الفقرة الأولى: الشروط المتعلقة بهوية الأطراف 11
الفقرة الثانية : الشروط المتعلقة بالملك المرهون إجباريا 12
الفقرة الثالثة :الشروط المتعلقة بمبلغ الدين المضمون برهن إجباري 12
المبحث الثاني : حالات الرهن الجبري في التشريع المغربي 13
المطلب الأول : حالات الرهن الجبري في مدونة الحقوق العينية 13
الفقرة الأولى: الرهن الجبري لفائدة البائع على العقار المبيع لأداء كامل الثمن 13
الفقرة الثانية :الرهن الإجباري لفائدة المعاوض لضمان أداء الفرق الناتج عن المعارضة. 15
الفقرة الثالثة : الرهن الجبري للمتقاسمين لضمان الفرق الناتج عن القسمة. 15
المطلب الثاني : حالات الرهن الجبري غير واردة في مدونة الحقوق العينية 16
الفقرة الثانية : الرهن الإجباري المخول لملاك الملكية المشتركة 19
الفرع الثاني : الرهن الجبري المقرر لفائدة الدولة والخزينة العامة 20
الفقرة الأولى : الرهن الجبري المخول لفائدة الدولة 20
الفقرة الثانية : الرهن الجبري المخول لفائدة الخزينة 22
الفصل الثاني : أثار الرهن الرسمي الجبري في التشريع المغربي وانقضاؤه 24
المبحث الأول: آثار الرهن الرسمي الإجباري 24
المطلب الأول :آثار الرهن الرسمي الجبري بالنسبة لطرفيه 24
الفرع الأول : آثار الرهن الرسمي بالنسبة للمدين الراهن 25
الفقرة الأولى : التزامات المدين الراهن 25
الفقرة ثانية : حقوق المدين الراهن 27
الفرع الثاني :آثار الرهن الرسمي الإجباري بالنسبة للدائن المرتهن 29
الفقرة الأولى : حق الأولوية المخول للدائن المرتهن 29
الفقرة ثالثة : حق الدائن المرتهن في بيع الملك المرهون 34
المطلب الثاني :آثار الرهن الجبري بالنسبة للغير الحائز و بالنسبة للعقار المرهون و الدين المضمون. 35
الفرع الأول :آثار الرهن الجبري بالنسبة للغير الحائز 35
ثانيا : التخلي عن الملك المرهون 38
ثالثا :ترك الدائن المرتهن يتابع إجراءات نزع الملكية 39
الفرع الثاني : آثار الرهن الجبري بالنسبة للعقار المرهون و الدين المضمون 39
أولا : آثار الرهن الجبري بالنسبة للعقار المرهون 40
ثانيا :آثار الرهن الجبري بالنسبة للدين المضمون. 41
المبحث الثاني: انقضاء الرهن الجبري 42
المطلب الأول : انقضاء الرهن الجبري بصفة أصلية 42
الفقرة الأولى : انقضاء الرهن الجبري برفع يد الدائن المرتهن عن الرهن 42
الفقرة الثانية : انقضاء الرهن الجبري بهلاك الملك المرهون هلاكا كليا 43
الفقرة الثالثة : إبطال تقييد الحق الواقع عليه الرهن إذا كان الدائن سيء النية 43
الفقرة الرابعة : انقضاء الرهن الجبري ببيع الملك المرهون 44
المطلب الثاني : انقضاء الرهن الجبري بصفة تبعية 45
الفقرة الثانية : اتحاد الذمة 46