نظام الملكية المشتركة
ولعل من أهم الخطوات العريضة التي جاء بها القانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة،هو التنصيص على إلزامية وضع نظام الملكية المشتركة.
ويعتبر نظام الملكية المشتركة الوثيقة الهادفة إلى خلق نوع من التوازن بين المصالح الفردية للملاك المشتركين وبين المصالح الجماعية للملكية المشتركة ،وقد أورد له الفقه عدة تعريفات ولعل أبرزها تعريف الأستاذ مصطفى أشيبان الذي يعتبره بمثابة الميثاق الجماعي لملاك الشقق والطبقات وعليهم احترام مقتضياته بغض النظر عن مشاركتهم في وضعه أو عدم وضعه.
وتجدر الإشارة إلى أن طبيعة هذا النظام هي محل نقاش بين مجموعة من الفقهاء الفرنسين حيث أن منهم من يعتبره ذو طبيعة تعاقدية،وهذا يعني أن مصدره العقد.بينما البعض الأخر يعتبر أن له طابع نظامي تأسيسي في مواجهة أصحاب الحقوق في العقار المشترك كالمشترين المستقبليين أو ما يسمى بالمتعاقبين.
ومن هنا حاولنا التمييز بين مصطلح نظام الملكية المشتركة وقانون الملكية المشتركة.هذا الأخير الذي تضعه الجهة المعنية بسن القوانين (البرلمان). في حين أن نظام الملكية المشتركة يتم وضعه من طرف الجهات التي خول لها المشرع وضعه من خلال المادة 8 من القانون 18.00 والمتمثلة في المالك الأصلي أو الملاك المشتركين باتفاق فيما بينهم . وأيضا قد يكون المنعش العقاري
وقد اهتم المشرع بهذا النظام في ظهير 1946 وفي القانون 18.00 المنظم للملكية المشتركة. وتتجلى أهميته في كونه أداة أساسية, للتنظيم الجماعي للملكية ذات الملك المشترك. بحيث أنه يحدد الغرض الذي خصصت له الشقق والطبقات والمحلات , كما يحدد شروط وكيفية الإنتفاع بالأجزاء المشتركة وغيرها من الجوانب المتعددة التي ينظمها.
بهذا كله يمكن إعتبار نظام الملكية المشتركة بمثابة الدستور الذي يسمو فوق كل الإرادات الفردية للملاك المشتركين،والذي يتعين إحترام قواعده من قبل الجمع العام, ووكيل الإتحاد, وبصفة عامة جميع الملاك المشتركين.
من هنا حاولنا أن نثير الإشكالية التالية :
إلى أي حد يمكن أن يساهم نظام الملكية المشتركة في تحيق التوازن بين المصالح المشتركة والمصالح الفردية في ملكية ذات الملك المشترك ؟
وهذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال تبني التصميم التالي :
الذي قمنا بتقسيمه إلى مبحثين :
المبحث الأول: الجهة المكلفة بوضع نظام الملكية المشتركة و بيان مضمونه.
عمل المشرع في قانون 18.00 على تحديد كيفية وضع النظام الأساسي للملكية المشتركة(المطلب الأول)، كما عمل أيضا على تحديد مضمونه(المطلب الثاني).
المطلب الأول: الجهة المكلفة بوضع نظام الملكية المشتركة.
عمد المشرع المغربي على تمييز طريقة إعداد نظام الملكية المشتركة بين المرحلة السابقة لوجود اتحاد الملاك و لخضوع العقار لقانون الملكية المشتركة(الفقرة الأولى) و المرحلة اللاحقة له(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: نظام الملكية المشتركة المعد مسبقا.
يوضع نظام الملكية عادة قبل نشأة الملكية المشتركة أي قبل إخضاع العقار للنظام المنظم لها،و قبل بيع الجزء الأول منه لأحد المشتركين و خلال هذه المرحلة تختلف طريقة وضعه حسب الظروف التي يخضع فيها العقار للنظام القانوني للمكية المشتركة، و ذلك قد يتأتى عن طريق مبادرة من المنعش العقاري أو المبادرة بالتقسيم الذي يعمد إلى بيع الطبقات أو الشقق أو المحلات مع تحرير نظام للملكية المشتركة يحدد شروط الإقامة في العمارة،أيضا قد يحصل هذا عندما يعمد مالك عقار مبني قديم إلى تقسيمه إلى شقق أو محلات تباع لملاك مختلفين، فيعمد إلى إعداد ذلك النظام قبل مباشرة بيع أجزاء العقار و يرفقه بعقد شراء،ففي حالة تشييد بناء جديد،فالمقتني إما يكتتب في حصص لشركة البناء و التخصيص،أو يشتري مباشرة جزء من الملكية المشتركة .
ففي الفرضية الأولى فالمكتتب في حصص الشركة لا يطبق عليه نظام الملكية المشتركة لأن الأمر فقط هو توزيع منفعة ،أما في الفرضية الثانية فالمقتني الشقة يخضع للنظام بمجرد شراء جزء الملكية حيث النظام يكون مرفوقا بعقد شراء.
كما تجب الإشارة إلى أن شركات التخصيص في المغرب ألغيت قانونا بقانون 18.00 الذي نسخ في مادته 61مقتضيات ظهير 16 نوفمبر 1946 التي كانت تنظمها ، بينما نجد المشرع المغربي فيما يتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز ينص في الفقرة الثالثة و الرابعة من الفصل 618-4 من القانون 44.00 على أنه ""إذا كان العقار محفظ تودع نسخ (...)من نظام الملكية المشتركة عند الاقتضاء بالمحافظة على الأملاك العقارية"و إذا كان العقار غير محفظ تسجل هذه النسخ بسجل خاص و تودع بكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية ".
ففي سائر هذه الفرضيات يوضع النظام بإرادة منفردة،لكنه يكتسي طابعا تعاقديا عندما يدعن كل مالك مشارك لبنوده و ذلك بمناسبة توقيعه لعقد شراء محله.كذلك من المتصور أن يكتسي نظام الملكية طابعا تعاقديا منذ البداية و ذلك عندما يعمد الملاك المشتاعون لدار أو عمارة إلى إخضاع هذا العقار لقانون الملكية المشتركة ،مع القيام بكافة الإجراءات المتطلبة و خصوصا الاتفاق على نظام مكتوب للملكية المشتركة و إشهاره،و في كل الأحوال يتعين التنبيه إلى أنه تتبث لواضع نظام الملكية المشتركة مسبقا حرية أوسع من الحالة التي يعد فيها لاحقا،لهذا تقتضي مصلحة المشتري بأن يضطلع على مقتضيات هذا النظام والوثائق المرفقة به، و قد أحسن المشرع المغربي صنعا حينما نص في المادة 8 من قانون 18.00 على وجوب تسليم نسخة منه لكل مالك مشترك،و ألزم في المادة 11 إضافة نظير منه إلى عقد شراء جزء العقار،مع الإشارة في عقد الشراء أن المشتري قد اضطلع على مقتضياته.و الجدير بالذكر أن تلك الحرية المميزة لوضع نظام الملكية المشتركة المعد مسبقا يحد منها عدد كبير من المقتضيات الآمرة الواردة في القانون.
2 نظام الملكية المشتركة المعد لاحقا.
في ظل القانون المغربي لم يكن نظام الملكية المشتركة يتسم بالطابع الإلزامي في ظهير 1994،و عليه فإن العديد من العقارات المبنية المشتركة الملكية لا تتوفر حتى اليوم على هذا النظام بالنظر لذلك الطابع الاختياري و لنطاق تطبيق النظام القانوني لظهير 1946،الذي كان محصورا في العقارات المحفظة أو في طور التحفيظ الموجودة بالأحياء الحديثة للمدن،و بعد صدور قانون 18.00الذي أصبح في ظله نظام الملكية المشتركة إلزاميا إذا كان يصعب تصور غياب هذا النظام في العقارات المحفظة المبنية بعد دخوله حيز التنفيذ استنادا للمادة 11 التي تلزم إيداعه و تقييده بالمحافظة على الأملاك العقارية،و المادة 50 التي تستوجب إشهاره بتقييده في الرسم العقاري فإنه قد لا يوجد في العقارات الغير المحفظة،و ذلك من جهة لعدم تأكيد المشرع في المادة 11 على إلزامية إعداده،حينما استعمل كلمة "يودع"بينما استعمل بالنسبة للعقارات المحفظة عبارة "يجب أن يودع".و لعدم ترتيب أية آثار قانونية من جهة ثانية على عملية شهره بكتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية.
و عليه توجد حالات عديدة للعقارات المبنية مشتركة الملكية لا تتوفر على نظام للملكية المشتركة،لذلك يمكن تصور وجود هذا النظام عقب ذلك طبقا للمادة الثامنة من قانون 18.00بطريقتين.
الأولى: يستطيع الجمع العام للملاك المشتركين بأغلبية ثلاثة أرباع الأصوات وضع نظام في حالة عدم وجوده،أو إدخال تعديلات عليه عند الاقتضاء خصوصا فيما يتعلق بالأجزاء الشائعة و شروط الانتفاع بها و استعمالها.
والثانية: عند عدم تحقق ما سلف يصار إلى تطبيق النظام النموذجي للملكية الذي سيحدد بنص تنظيمي.
إن إعداد النظام من طرف الجمع العام بالأغلبية يجعل هذا الجمع مؤهلا لفرض النظام حتى على الملاك المعارضين فهنا الأغلبية جاءت لتحقيق المصلحة الجماعية رغم أن الإجماع يحقق المصلحة الفردية إلا أن سلطات الجمع العام مقيدة حسب المادة 21 من قانون 1965في استعمال و استغلال و إدارة الأجزاء المشتركة ،لذا يرى بعض الفقه الفرنسي بأن سلطات العضو التشاورية تبقى محدودة فلا يمكن المساس بأي شيء خارج هذه المسائل المحددة قانونا إلا بتوفر الإجماع.فالمشرع إذن انتزع من الجمع العام السلطة في كل ما يخص الأجزاء المفرزة،فدور الجمع العام في إعداد النظام يبقى محدودا كما أن الجمع العام يجد أمامه حقوقا مكتسبة،و لهذا فحسب بعض الفقه الفرنسي تبقى سلطات الجمع العام مقيدة باحترام هذه الحقوق.
و الملاحظ،أن المشرع أراد من خلال الطريقة الأولى تيسير وضع ذلك النظام باشتراطه الأغلبية بدل الإجماع. لكن حتى في هذه الحالة،و بالنظر لاختلاف المصالح بين الملاك المشتركين،أو لعدم اكتراثهم و خمولهم،أو لنزعتهم الفردية و أنانيتهم في بعض الأحيان حيث يتصرفون كملاك فرديين لا كملاك مشتركين،فإنهم قد لا يتمكنون من وضعه،فيخضعون بذلك للنظام النموذجي المفروض قانونا.
لكن و بالرغم من صدور الظهير بتنفيذ القانون رقم 18.00 المنظم للملكية المشتركة للعقارات المبنية منذ سنة 2002،و دخوله حيز التنفيذ ابتداء من 7 نوفمبر 2003،فإن النص التنظيمي للنظام النموذجي المفروض تطبيقه في حالة غياب نظام الملكية المشتركة لم يرى النور بعد،مما يترك فراغا و يطرح استفهاما بخصوص الحل الذي يتعين اعتماده.و هل يمكن للقاضي الأمر بوضع نظام للملكية المشتركة و فرض تطبيقه؟.
إذن فإعداد النظام اللاحق إما يتم من طرف الجمع العام بالأغلبية المحددة و في هذه الحالة يجد هذا الجمع حدودا حيث لا يمكنه المساس إلا بالمسائل المحددة قانونا فإرادة هذه الأغلبية تبقى ضيقة في حدود الأجزاء المشتركة يفرض على الأقلية و لو لم توافق عليه و في المقابل كل ما يخص الأجزاء المفرزة يخضع لإرادة كل الملاك حيث لا يمكن البث فيه إلا بإجماع الملاك و إما يتم فرض نظام نموذجي و هذا الأخير يفرض من قبل المشرع أو يمكن أن يفرض من قبل القضاء و الذي يعد النظام تحت إشرافه.
لهذا يمكن القول أن النظام اللاحق يتم في ظروف تكون فيها الإرادة أكثر تضييقا من إعداد النظام السابق الشيء الذي يجعل هذا النظام أكثر إلزامية أثناء التطبيق.
المطلب الأول: مضمون نظام الملكية المشتركة
لم يكتفي المشرع في القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية بفرض وضع نظام الملكية المشتركة، بل نص على مجموعة من المقتضيات الإلزامية (المطلب الأول) تاركا بعدها المجال للجهة التي وضعته لإضافة بعض المقتضيات الاختيارية وفقا للقانون (المطلب الثاني)
الفقرة الاولى: المقتضيات الإلزامية
حسب المادة التاسعة و والمادة الواحد والخمسون يتعين في نظام الملكية المشتركة أن يتضمن مجموعة من المقتضيات التي أوردها المشرع المغربي بصفة أمرة ،وعليه فان المقتضيات التي وردة في المادة الثامنة نجدها كالتالي تحديد التخصيص أو الهدف المعدة له أجزاء سواء بالنسبة للأجزاء المشتركة أو المفرزة، وشروط استعمالها ، وأيضا تحديد القواعد المتعلقة بإدارة الأجزاء المشتركة وحق الانتفاع المتعلق بها، إضافة إلى توزيع الحصص الشائعة العائدة لكل جزء مفرز في الأجزاء المشتركة.
وهي مقتضيات سيتم التطرق لها بالتحليل والتفصيل تباعا، فبالنسبة للأجزاء المشتركة يجب أن يحدد نظام الملكية المشتركة الغرض الذي أعدت له، أي بيان أوجه إستعمالها مثلا: (مناطق خضراء، فضاءات للعب الأطفال...) بينما تنتج شروط الإنتفاع بها- بصفة عامة من تخصيصها لغرض معين، ولكن بالرغم من ذلك يتعين تحديد تلك الشروط بكيفية دقيقة وهكذا مثلا إذا تم تخصيص أجزاء مشتركة للإستعمال والإنتفاع الخاص ببعض الملاك المشتركين كالباحات والحدائق فإنه يجب توضيح ذلك في النظام الملكية المشتركة، كما يمكن هذا الأخير ان يحديد طريقة استعمال بعض الأماكن المشتركة أو يضع قيود على استعمالها كما هو الشأن مثلا بالنسبة لوضع اللوحات المهنية، أو الإعلانات على الحائط الخارجي أو منع نشر الغسيل على الشرفات أو النوافذ وهو ما سار عليه القضاء الفرنسي حيث تم تأكيده بأحد قرارات الغرفة الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 1973.
أما بالنسبة للأجزاء المفرزة فمبدئيا يحق للمالك لجزء مفرز الإنتفاع الشخصي والخاص به باعتباره ملكا خاص له،الا أن أمر تحديد الغرض المعدة له يعود لنظام الملكية المشتركة، الذي يوضح تخصيص الأجزاء المفرزة حيث يحدد أوجه استعملها سواء كان ذلك للسكنى أو التجارة أو لمزاولة مهنة حرة.
كما انه يمكن تضمين نظام الملكية بعض الشروط للإنتفاع بهذه الأجزاء المفرزة وذلك بوضع مجموعة من القيود على بعض التصرفات والأنشطة المزعجة، تكون اما مثيرة للضوضاء أو ينبعث منها دخان، ويرى بعض الفقه على ان هذه القيود في ظاهرها مقيدة لحقوق الملاك، لكنها في حقيقة الأمر تشكل أحد الدوافع المقنعة أو المحفزة للملاك المشتركة لاقتناء أجزاء في عقار مشترك.
أما بخصوص تحديد القواعد المتعلقة بإدارة أجزاء العقار المشتركة وحق الانتفاع بها يمكن القول أن التنظيم الجماعي للملكية المشتركة للعقارات المبنية يجد غايته الأساسية في وجود الأجزاء المشتركة وبذلك فإن القواعد المتعلقة بإدارة هذه الأجزاء تشكل جزءا أساسيا في نظامها، وبما أن المقتضيات الأساسية المنظمة لإدارة العقار المشترك وتنظيم الحياة الجماعية داخله تعد آمرة في القانون رقم18.00 فإن دور نظام الملكية المشتركة ينحصر في تطبيقها عمليا.
واستنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون 18.00 يحق لكل مالك أن يستعمل وبكل حرية هذه الأجزاء حسب الغرض المخصصة لها، شريطة عدم إلحاق أي ضرر بباقي الملاك أو بتخصيص العقار، ويجب التنصيص على تضمين نظام الملكية المشتركة بشكل ملزم القواعد المتعلقة بحق الانتفاع بالنسبة للأجزاء المشتركة وذلك في الحالات التي يقرر فيها هذا النظام تخويل أحد الملاك أو بعضهم حق انتفاع بجزء أو بعض الأجزاء المشتركة بصفة شخصية، كما هو الحال في حالة منح أحد الملاك المشتركين حق انتفاع بالممر المؤدي إلى شقته أو بالجزء من الحديقة أو الباحة التي تقع أمام داره أو محله، حيث يتعين في هذه الحالات تحديد شروط الانتفاع بهذه الأجزاء محل حق الانتفاع.
إما عن توزيع الحصص الشائعة العائدة لكل جزء مفرز في الأجزاء المشتركة فيعد تحديدها أمرا بديهيا وضروريا سواء ثم ذلك في نظام الملكية المشتركة أو بالحالة الوصفية للتقسيم التي تلحق به عادة، وذلك يفيد في تطبيق العديد من أحكام الملكية المشتركة، وخاصة منها تلك المتعلقة بتوزيع التكاليف المشتركة، وهو نفس ما نهجه المشرع الفرنسي بخصوص ما دكر حيث اعتبره من المقتضيات الإلزامية المتعين تضمينها بنظام الملكية المشتركة وذلك طبقا للفصل الأول من مرسوم 17 مارس 1976[10]، هذا تنص عليه ايضا المادة 51 من القانون 18.00
هذا من جهة أما من جهة أخرى فهناك إمكانية لإضافة مقتضيات اختيارية وفق حدود معينة وهو ما سيتم إبرازه في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: المقتضيات الاختيارية
يمكن أن يشتمل نظام الملكية المشتركة على مجموعة من المقتضيات التي تعد اختيارية ويبيحها قانون الملكية المشتركة للعقارات المبنية والتي يبررها تخصيص العقار.
فبالنسبة للمقتضيات التي لا يعتبرها القانون آمرة، يجوز تضمينها في النظام، خاصة تلك التي تكتسي طابعا مكملا، أو بعض القواعد الآمرة، التي تستلزم توضيح مقتضياتها التطبيقية، على سبيل المثال ما جاء في المادة 4 من قانون 18.00 التي يعد جزء من قواعدها تكميلي في حين لا يجوز ذلك في جزءها الأول الذي تعتبر التعداد الوارد به آمرا، أيضا يمكن تحديد النصيب الشائع لكل مالك في الأجزاء المشتركة مادام أن معيار الذي أوارد المادة 6 من القانون 18.00 يتصف بالطابع التكميلي، الشيء الذي ينطبق أيضا على تحديد التكاليف المترتبة على الحفاظ على الأجزاء المشتركة وصيانتها وتسييرها كما تنص على ذلك المادة 36 من القانون ذاته.
إذن الحاصل أن نظام الملكية المشتركة يمكن أن يتعرض لتنظيم جميع جوانب الملكية المشتركة التي غفل عن تنظيمها القانون من جهة أو التي نظمها بصفة مكملة من جهة أخرى، حيث يظل لواضعي هذا النظام مجال هام وضع مجموعة من المقتضيات الهادفة لتنظيم الحياة الجماعية بالعقار المشترك وذلك بالرغم من الطابع الآمر للنظام القانوني المغربي. أيضا هناك مقتضيات اختيارية يبررها تخصيص العقار المشترك، حيث يمكن إدراج قيود على حقوق الملاك المشتركين في الأجزاء المفرزة لكل واحد منهم شريطة تبرير ذلك بتخصيص العقار حيث يمكن استجلاء هذه الإمكانية من منطوق المادة 9 من قانون18.00 ومن بين المقتضيات المبررة بملائمتها لتخصيص العقار،وكمثال على ذلك تحديد شروط إبرام تأمين مشترك لدرء كل الأخطار حيث تشترط المادة 21 من نفس القانون توفر أغلبية 4/3 أصوات الملاك المشتركين للبت في هذه المسألة أثناء الجمع العام.
ويمكن القول ان البينات الالزامية اذا كان يمكن حصرها فان المقتضيات الاختيارية لا يمكن حصره بل يبق الضابط فيها هو ان يبيحها قانون 18.00 ويبررها تخصيص العقار و ضرورة احترام حقوق الملاك المشتركين .
المبحث الثاني:القوة الإلزامية والأثار المترتبة عن نظام الملكية المشتركة.
-المطلب الأول : القوة الإلزامية لنظام الملكية المشتركة .
كما ذكرنا سابقا فإن نظام الملكية المشتركة ليس فقط وثيقة يلزم وضعها بل هي وثيقة واجبة الإيداع والشهر لأجل معرفة حالة تد بير وتسيير الملكية وشؤونها. وبالتالي لا يكفي لنفاذ نظا م الملكية المشتركة وصيرورته واجب التطبيق و تحريره والإتفاق على مضمونه.
بل لابد من إيداعه لدى الجهة الإدارية المختصة ليتم الإحتجاج به سواء بين المالك الأصلي للعقار (صاحب المشروع) والملاك المشتركين او بين هاؤلاء فيما بينهم ,فبمجرد ما يتم تشييد البناية الخاضعة لنظام الملكية المشتركة والحصول على رخصة السكنى أو رخصة المطابقة ,يتوجب إيداع نظام الملكية المشتركة لدى الجهة المختصة,حتى يصبح نافذ المفعول , بمعنى أن عد م إيداعه لدى الجهة المختصة ولو تم الإتفاق على مضمونه لا يمكن الإحتجاج به تجاه الغير أو فيما بين الملاك.
وهنا يجب التمييز بين كون العقار محفظ او العقار الغير المحفظ
الفقرة الأولى : بالنسبة للعقار المحفظ .
إذا تعلق الأمر بعقار محفظ أو في طور التحفيظ فيجب أن يتم إيداع نظام الملكية المشتركة مع مرفقاته وسائر التعديلات بالمحافظة على الأملاك العقارية التي يقع بدائرة نفوذها العقار المعني بالأمر وهذا ما نصت عليه المادة 11 من القانون 18.00 "يجب ان يودع ويقيد نظام الملكية المشتركة الخاص بالعقارات المحفظة’بمرفقاته وسائر التعديلات التي قد تلحقه وفقا للقانون’بالمحافظة على الاملاك العقارية التي يقع بدائرة نفوذها العقار المعني...".
ويرى الأستاذ عبد الحق الصافي أن كافة المقتضيات التي يتضمنها النظام تعتبر بمثابة إلتزامات عينية أو تكالف عقارية لاتكون موجودة بين الأطراف ولا تكتسب الحجية في مواجهة الغير إلا من تاريخ إيداعه لدى المحافظة على الأملاك العقارية طبقا لما نصت عليه المادة 50 من القانون 18.00.
وتضيف الفقرة الثانية من المادة 11 " يضاف لزاما إلى عقد شراء جزء العقار نظير من الملكية المشتركة والوثائق المرفقة به ويشار في عقد الشراء إلى أن المشتري قد إطلع على مقتضيات نظام الملكية المشتركة والوثائق المرفقة به "
ويستشف من مقضيات هذه الفقرة أن المشرع حاول حماية المشتري في الملكية المشتركة من خلال إلزامية إرفاق نسخة من نظام الملكية المشتركة مع عقد الشراء .
وهذا بغية تجنب ما يلاحظ في المجال العملي من جهل أغلبية الملاك المشتركين لمقتضيات نظام الملكية الذي قد يتضمن شروطا قد تمس مساسا خطيرا بحقوقهم كالشرط الذي يمنح المنعش العقاري من حق تعلية العقار دون منح تعويضات للملاك أو شرط منح أحد الملاك حق إستغلال جزء مشترك لمنفعته الخاصة فقط.
وقد أسلفنا سابقا بأن نظام الملكية المشتركة يتضمن عدة قيود واردة على سلطات المالك المشترك في التصرف والإنتفاع بالأجزاء المفرزة والمشتركة وذلك حماية للمصلحة العليا للعقار المشترك الملكية وضمانا لحسن التعايش بين مجموع الملاك المشتركيـن.
ومنذ إيداع نظام الملكية المشتركة لدى المحافظة على الأملاك العقارية تصبح بنوده ملزمة للأطراف وسارية المفعول في مواجهة أجهزة الإتحاد وسائر الملاك المشتركين وخلفائهم والمكترين والخدم وكل ذوي الحقوق في العقار والمشترين المستقبليين .
ونفسر قوة نفاذ نظام الملكية المشتركة في مواجهة المشترين المستقبليين , بكون هذا النظام يضـــم مجموعة من الإلتزامات المرتبطة بالمحل المتصرف في ملكيته (كالشروط المتعــلقة بتخصيص الأجزاء المشــتركة والأجـــزاء الخاصــــة),ونحوها من الشروط المتعلقة بتحديد كيفية ممارسة الحقوق في العقار ذا الملكية المشتركة وبالتالي فهذه الحقوق تنتقل إلى المشتري الجديد بإنتقال ملكية هذا المحل . إضافة إلى ذالك يتضمن نظام الملكية المشتركة كثيرا من الإلتزامات الشخصية التي تهم تنظيم وإعداد الروابط الشخصية بين مجموع الملاك المشتركين ,كالشروط المتعلقة بالإتحاد وكيفية تنظيمه وتسييره و إختصاصاته , وتكمن الأهمية القصوى لنظام الملكية المشتركة في إعداد وتنظيم العلاقات الشخصية بين الملاك المشتركين حماية لمصالحهم الجماعية .
ومما سبق ذكره يتضح أنه يسهل على كل من يقدم على شراء جزء من الملكية المشتركة أن يطلع على وضعيته القانونية من خلال الإطلاع على نظام الملكية المشتركة الذي يتم إيداعه بالمحافظة على الأملاك العقارية التي يقع العقار بدائرة نفوذها ,هذا بطبيعة الحال إن كان العقار محفظ .
الفقرة الثانية : بالنسبة للعقار الغير المحفظ .
جاء في الفقرة الأخير من المادة 11 من القانون المنظم للملكية المشتركة 18.00 مايلي : "إذا كان العقار غير محفظ ،يوضع نظام الملكية المشتركة والتعديلات التي قد تلحقه لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية الواقع العقار بدائرة نفوذها ".
من خلال هذه المادة يتضح أن نظام الملكية المشتركة للعقارات الغير المحفظة وجميع مرفقاته ، يتم إيداعه لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية التي يقع العقار بدائرة نفوذها.
في نظر الأستاذ عبد الحق الصافي أن المشرع المغربي إستهدف من وراء هذا الإجراء تحقيق هدفين :
الهدف الأول :
الإيداع بكتابة الضبط قد يمنع كل من المنعش العقاري او المبادر بالتقسيم أو أحد الملاك من التلاعب الذي قد يعمدون إليه، بهذا قد يمتنع على كل هاؤلاء أن يدخلو تعديلات أو إضافات على النظام المتعلق بهذه العقارات تكون متعارضة مع مقتضيات هذا الظهير ، وذلك بمجرد إيداع هذا النظام لدى كتابة ضبط المحكمة الإبتدائية التي يتعين عليها أن تقوم بإشهاره ، وتتيح لكل ذي مصلحة أو مقبل على شراء أحد المحلات فرصة الإطلاع عليه كي يقارن بين مقتضياته وبين مقتضيات نظيره الذي قدم إليه بمناسبة توقيعه عقد الشراء .
الهدف الثاني:
تمكين المحكمة الإبتدائية من البث في النزاعات التي قد تعرض عليها والمتعلقة بالحقوق الفردية أو الجماعية للملاك المشتركين وذلك بالإستناد إلى المقتضيات القانونية ونظام الملكية المشتركة المودع لدى كتابة ضبطها .
وتجدر الإشارة إلى أنه يجب أن يرفق بالنظام التصاميم المعمارية والطبوغرافية المصادق عليها التي تحدد الأجزاء المفرزة والمشتركة(المادة 10) .
فبعد إحترام مقتضيات المادة 11 من القانون 18.00، فإنه لا يمكن للمشتري بعد ذلك الإحتجاج بعدم الإطلاع على نظام الملكية ، بحيث يصبح ملزما له ولغيره .فهو يصبح ملزما للمشتري بمجرد إبرام عقد البيع ،وهو ملزم للمستثمر منذ إيداع نسخة من نظام الملكية لدى الجهة المعنية ، وهو ملزم أيضا حتى لمكتري الشقة الخاضعة لنظام الملكية المشتركة ،وأيضا ملزم حتى للمشترين المتعاقبين للشقق والمحلات المتواجدة بنفس العمارة .
إن مبدأ إلزامية التقيد بمقتضيات نظام الملكية المشتركة هو أمر وجوبي بغض النظر عن الجهة التي تضعه أو صاحب حق الإنتفاع بالسكنى في العقار الخاضع لقانون 18.00 ،سواء أكان من الخلف الخاص أو الخلف العام، فإن الكل ملزم بمقتضيات نظام الملكية المشتركة . وهذه الإلزامية يستمدها من الإدارة الجماعية المشتركة أولا، ومن الأحكام العامة لقانون 18.00 من جهة ثانية .
وهده الإلزامية تعبر عنها المادة 8 من القانون 18.00 ، فهذه المادة تعتبر حسب العبارات الواردة فيها (يوضع،يلزم ،وجوب ) أنها قاعدة أمرة بمعنى أنه لا يمكن مخالفة مقتضياتها.
وفي هذا الصدد يعتبر الأستاذ أشيبان نظام الملكية المشتركة حجة قاطعة وسندا قانونيا في مواجهة المالكين والغير على ما يتضمنه من إلتزامات وحقوق وتحديد الأجزاء المشتركة والخاصة وكذا تحديد الغرض المعدة له هده الأجزاء ، كما يمكن أن يواجه بكل مالك يتملص من المساهمة في التحملات المتعلقة بصيانة الملكية المشتركة .
إنطلاقا مما سبق لايمكن للمالك المشترك للمالك المشترك أن يتملص بواسطة قرار انفرادي من الإلتزامات المفروضة عليه من طرف النظام. كأن يتملص من هذه الإلتزامات بعلة ان باقي الملاك لايحترمون إلتزاماتهم.
المطلب الأول : جزاءات الإخلال بنظام الملكية المشتركة في القانون المغربي .
في إطار محاولة الوقوف على القوة الملزمة لنظام الملكية المشتركة في القانون المغربي لا بد من الوقوف على مكامن القوة و الإلزامية التي تترتب عليها مجموعة من الآثار في مواجهة الشركاء و خلفهم الخاص و خلفهم العام (الفقرة الأولى) و من تم الحديث عن طبيعة جزاء نظام الملكية المشتركة و العقوبات المفروضة في حالة الإخلال بها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : إلزامية نظام الملكية المشتركة و آثاره القانوني:
بغض النظر عن الطبيعة التعاقدية أو التنظيمية لنظام الملكية المشتركة نجد أن إلزامية هذا النظام أو القوة الإلزامية له التي تجعل مقتضيات هذا النظام تسري على جميع الملاك المشتركين و خلفهم العام و الخاص ناتجة عن الغاية المتوخات من هذا النظام وهي خلق نوع من التنظيم في ظل تقنين الالتزامات و الواجبات بين مختلف الملاك و العلاقات التي يقومون بها في إطار الملكية المشتركة.
في إطار محاولتنا كشف القوة الملزمة لنظام الملكية المشتركة لمختلف الفئات سالفة الذكر، سنقوم بدراسة الآثار القانونية لنظام الملكية المشتركة بالنسبة للملاك المشتركين و خلفهم العام و من تم التعرف على الآثار القانونية لنظام الملكية المشتركة للخلف الخاص للملاك المشتركين و المكترين.
الآثار القانونية لنظام الملكية المشتركة بالنسبة للملاك المشتركين و خلفهم العام :
فيما يخص الملاك المشتركين نجد أن نظام الملكية المشتركة يتميز بالقوة الملزمة في مواجهة جميع الشركاء، و نجد هذا الطابع منذ قانون 28 يونيو 1938 في فرنسا و ظهير 16 نوفمبر 1946 في المغرب.
قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 08 يناير 1962 :
بحيث أكد على أن مقتضيات نظام الملكية تسري بصفة مطلقة على هؤلاء الملاك المشتركين إما بموافقتهم عليه و حتى و لو يساهموا في وضعه أو لم يقم بالتوقيع عليه أما ظهير 1946 فنجد أنه نص في فقرته الثانية من المادة 8 على أن نظام الملكية المشتركة يفرض على مختلف الملاك و على خلفهم شريطة إيداعه بالمحافظة و بهذا يكن ظهير 1946 يؤكد على القوة الإلزامية في مواجهة جميع الملاك المشتركين و خلفهم.
أما فيما يتعلق بالقانون الفرنسي لسنة 1965 فهو بدوره يؤكد على أن بنود هذا النظام تسري على الملاك المشتركين سواء انبثق هذا النظام بصفة تعاقدية (المادة 8) أو بالأغلبية (المادة 26) أو بقرار قضائي .
و على نفس النهج سار المشرع المغربي الذي أكد على أن هذا النظام يوضع لكل بناء مشترك سواء تم ذلك بإنفاق بين الملاك (المادة 8) أو عند توفر الأغلبية (المادة 21) وتسلم نسخة لكل مالك مشترك .
و في هذا المنوال نجد أن كل من القانون المغربي و القانون الفرنسي يؤكد على إلزامية نظام الملكية المشتركة للملاك المشتركين دون إمكانية تملص أحدهم من التزاماته بحجة عدم الاستعمال أو الاستخدام و هذا ما أكده قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 22 مارس 1962.
الخلف العام :
يقصد بالخلف العام ورثة أي الفرع الذي يتبع الأصل، إما في إطار هذا الغرض فالخلف العام تم حصره في ورثة الملاك المشتركين و مدى إلزامية نظام الملكية المشتركة في مواجهتهم تطبيقا للمبادئ العامة للقانون الآثار الإلزامية لنظام الملكية المشتركة أيضا الخلف العام للملاك المشتركين ، و هذا ما أكدته مجموعة من القرارات نذكر منها :
قرار الغرفة الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية ذلك في قرارها الصادر بتاريخ 22 نوفمبر 2002 "حيث ذهبت للنظام الذي تم التصويت عليه من قبل الجمع العام يفرض على ورثة الملاك المشتركين و لم يتم نشره ".
و على نفس النهج سار المشرع المغربي في المادة 8 من ظهير 1946 الملغى ، نص على أن نظام الملكية المشتركة يفرض على مختلف الملاك و على خلفائهم شريطة إيداعه بالمحافظة.
أما قانون 18.00 لم ينص صراحة على هذا المقتضى بالنسبة للخلف العام للملاك المشتركين إلى أنه من جانب تطبيق المبادئ العامة للقانون فإنه يفرض عليهم التقيد بهذا النظام انطلاقا من اكتسابهم لحقوقهم في التركة.
إلى أن السؤال الذي يبقى مطروح يتمثل في ما هو الوقت الذي تسري فيه مقتضيات هذا القانون على الملاك المشتركين و خلفهم ؟ و هل يتطلب ذلك شهر النظام ؟
للإجابة على هذا الإشكال السالف الذكر نكون بصدد الحديث عن نقاط التلاقي و الاختلاف بين التشريع المغربي و القانون الفرنسي.
القاعدة العامة في القانون الفرنسي تتطلب شهر النظام بمكتب للرهون الرسمية طبقا للمادة 35 من مرسوم 4 أكتوبر 1955 ، أما بالنسبة للملاك المشتركين و خلفهم العام فيفرض عليهم هذا النظام من تاريخ انخراطهم في الملكية المشتركة و لو لم يتم. و هو ما أكدته الغرفة الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية سنة 2002 كما سلف ذكره.
أما المشرع المغربي فقد خالف المشرع الفرنسي بحيث أنه بمقتضى المادة 11 من قانون 18.00 قد تطرق إلى حالتين:
الحالة الأولى: و هي المتعلقة بالعقار المحفظ الذي أكد على أن الآثار القانونية الملزمة سواء بين الملاك و الغير لا تسري عليهم إلا من تاريخ إيداع تقييده بالمحافظة العقارية.
الحالة الثانية: العقار غير المحفظ الذي لا يستلزم شهرة إيداعه بالمحافظة بل يتم في كتابة ضبط المحكمة التابع لها موقع العقار كما تنص على ذلك المادة 11 من قانون 18.00 و بالتالي فالقوة الملزمة للآثار تسري من تاريخ انخراطهم في الملكية و توقعهم على النظام، أما فيما يتعلق بالتعديل في النظام فيسري بمجرد التصويت عليه بالأغلبية.
و يبقى الإشكال هل هذه الآثار القانونية الملزمة تسري على الملاك و خلفهم العام أم تتجاوزهم إلى الخلف الخاص و المكترين ؟
الآثار القانونية لنظام الملكية المشتركة للخلف الخاص للملاك المشتركين و المكترين:
الخلف الخاص:
يعتبر الخلف الخاص هو كل شخص حل محل المشترك باكتساب حقا عينيا محددا على جزء الملكية العائد للمشترك الأول.
و في هذا الصدد نجد أن نظام الملكية المشتركة لا يسري نقد على الخلف العام للملاك المشتركين بل يتجاوزهم إلى الخلف الخاص و هذا ما نص عليه كل من التشريع الفرنسي و المغرب في مجموعة من المقتضيات، و نجد أن المادة 3 من قانون 10 يوليوز الفرنسي نصت على أن نظام الملكية المشتركة و التغيرات التي يمكن إجراؤها عليه لا يحتج بها في مواجهة الخلف الخاص للملاك المشتركين إلا من تاريخ نشرها في بطاقة الملكية العقارية، و بهذا نجد أن القانون الفرنسي جعل الآثار بالنسبة للخلف الخاص تفرق نوع من النسبة لاشتراطه على ضرورة الشهر و هذا ما أكده قرار الغرفة المدنية الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 08 أبريل 1920 بأن الشهر ضروري لإضفاء الحجية القانونية في مواجهة الخلف الخاص.
و بالعودة إلى القانون المغربي نجد أن ظهير 1946 ينص في مادته 8 على أن نظام الملكية المشتركة يفرض على جميع دوي حقوق الملاك المشتركين الخلف الخاص والعام أما القانون الحالي فنجد أن المادة 11 من قانون 18.00 لم نشر لذلك أكد على ضرورة أن يصاحب لزاما إلي عقد شراء جراء جزء للعقار نظير الملكية المشتركة.
وبهذا نجد أن رغم الخلاف بين القانون الفرنسي الذي يتطلب الشهر لإضفاء الصفة الإلزامية على الخلف الخاص و في المقابل القانون المغربي الذي يتحرر من هذا الشرط.
إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروح ، هل الآثار الملزمة لنظام الملكية المشتركة تسري على المكتري باعتباره خلفاً خاص ؟
المكتري:
إن التفسير الضيق للقانون يعتبر بأن المكتري من الأغيار لذلك فهو غير مقيد ببنود نظام الملكية المشتركة و مرجع ذلك لانتفاء الرابطة القانونية بينه وبين هذه الملكية المشتركة فهو لا يلزمه هذا النظام إلا بوجود الشروط في عقد الكراء يفرض عليه التقيد بأحكامه بناءً على علاقة تعاقدية إلا أن هذا التفسير الضيق متجاوز ومبالغ فيه.
و القول يستند على أن المكتري لا يستعمل الأجزاء المشتركة بمعزل عن الأجزاء المشتركة و بهذا القول يكون المشتري قد اندمج في التنظيم الجماعي و في هذا الصدد نستحضر بعض قرارات القضاء الفرنسي و خاصة قرار الغرفة المدنية الثالثة بتاريخ 04 يناير 1991 الذي اعتبر أن المالك المشترك الخاضع لهذا النظام لا يمكنه أن يخول للغير أكثر مما يتوفر عليه من حقوق و التزامات داخل التنظيم الجماعي ، و بهذا فالمكتري لا يمكن أن يكون له الحق أكثر مما لدى المالك المشترك للمكري ، و بهذه القاعدة نجد أن المكتري باعتباره خلف خاص فهو ملزم بمقتضيات نظام الملكية سواء كانت مكتوبة في النظام أو إن لم تكن مكتوبة.
إلا أنه و في حالة عدم احترام المكتري للمقتضيات المدونة في نظام الملكية يكون في إطار المتابعة القضائية عن طريق اتحاد الملاك و وكيله.
و هذا ما جاء في قرار الغرفة المدنية الأولى لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 13 ديسمبر 1965 و في هذا الإطار نذكر قرار محكمة باريس ، بحيث ذهبت محكمة باريس في حكم صادر عنها بتاريخ 08 يوليوز 1965 إلى أن من حق المالك المشارك الذي يستغل أصلاً تجارياً في العقار المشترك أن يلزم مالكاً مشاركاً آخر أكرى محله للغير باحترام الشروط الواردة في نظام الملكية المشتركة الذي يحظر استغلال تجارة منافسة في نفس العقار.
و في هذا الصدد نجد المادة 8 من ظهير 1946 الملغى ألزم الخلف الخاص بوجه عام بالتقيد بنظام الملكية و المكتري يعتبر خلفاً خاصاً.
أما قانون 18.00 فالمادة 31 قد حسمت الخلاف بحيث أنه كل من فقرات هذه المادة تؤكد على أخد المكتري لجميع المالك المشارك في نظام الملكية و الفقرة 3 تنص على أن "على المالك المكري الذي أمر الجزء المفرز له أن يسلم المكتري نسخة من نظام الملكية المشتركة و يلتزم المكتري باحترام النظام الذي اطلع عليه و على القرارات التي اتخذت من طرف اتحاد الملاك المشتركين.
و من هذا نجد أن نظام الملكية المشتركة يلزم جميع من كان النظام و التنظيم الجماعي يخصه أو كان معنياً به.
الفقرة الثانية: جزاء نظام الملكية المشتركة و العقوبات المفروضة في حالة الإخلال:
بالرجوع إلى الجدل الفقهي المحتدم في إطار التعريف بالطبيعة القانونية لنظام الملكية المشتركة في إطار المقارنة بين التدبدب الفقهي وما يخص به المشرع الفرنسي في قانون 1965 الذي اعتبر أن نظام الملكية المشتركة و الطبيعة التعاقدية، وفي الوجهة الأخرى نجد أن المشرع المغربي و خاصة في قانون 18.00 قد أقر بالطابع الازدواجي لنظام الملكية المشتركة نظرا للتنظيم و الإعداد الخاص. فهو يجمع بين الطابع التنظيمي و الطابع التعاقدي.
و من هنا يبقى الإشكال المطروح " ما طبيعة جزاء الإخلال بنظام الملكية المشتركة ؟ و هل يخضع للنصوص الخاصة أم تأطره النصوص العامة ؟ "
و للإجابة على الإشكالات السالفة الذكر نكون بصدد الاستشهاد بإحدى القرارات المدنية الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 1965 " أن هذه المخالفة تعد خرق الالتزام التعاقدي " ، و ينتج عن ذلك تطبيق قواعد القانون المدني، ومنه فجزاء الإخلال بمقتضيات نظام الملكية المشتركة ، هو نفس الجزاء المقرر في حالة عدم تنفيذ العقد.
فالمالك المشترك الذي يخرق بنود هذا النظام يكون بمثابة المتعاقد الذي امتنع عن تنفيذ الالتزام و في هذا الصدد نجد قرار الغرفة المدنية الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 1981 "فالتدابير التي يمكن اتخاذها بطلب من باقي الأطراف تخضع إلى القواعد العامة للالتزامات التعاقدية، أما قانون 18.00 فبالرغم من إقراره بالطبيعة الازدواجية لنظام الملكية المشتركة إلى أنه سرى في نفس نهج القانون الفرنسي فهو أخد بالطبيعة التعاقدية للمقتضيات التي تستلزم تطبيق قواعد القانون الخاص.
و باستحضار قانون 1946 الملغى نجد أن بعض الفقه ذهب للقول بأنه بالرغم من الطابع المؤسساتي إلى أنه يتميز بالطابع التعاقدي ، وبالتالي فكل خرق لإحدى مقتضياته يفسر على أنه خرق للالتزام التعاقدي.
العقوبات المفروضة في حالة الإخلال :
يعتبر الإخلال بنظام الملكية المشتركة بمثابة الإخلال بالالتزام التعاقدي كما سبق ذكره ، و من هذه فَجُل الجزاءات التي تطبق في حالة الإخلال بنظام الملكية المشتركة هي نفسها المفروضة في مجال الإخلال بالالتزامات التعاقدية.
و بالرجوع إلى القواعد المنصوص عليها في المواد 1184 و 1142 و 1143 من ق.م.ف
و المواد 261 و 262 و 263 و 264 من قانون الالتزامات و العقود المغربي نجد أن هناك من التدابير الجزائية أو الدعاوى التي يمكن إقامتها نوعان، و هي كما جاءت بها الفقرة الأولى من الفصل 261 من قانون الالتزامات و العقود :
"الالتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض إلا أنه إذا كان محل الالتزام عملا لا يتطلب تنفيذ فعلا شخصي من المدين، صاغ أن يرخص للدائن في أن يحصل بنفسه على نفقته" ، ومن خلال القراءة المتأنية لهذه الفصول و خاصة الفصل 261 نجد أن الجزاءات تتمثل في دعوتين، الأولى تقضي بتنفيذ الالتزام، و الثانية يطالب فيها بالتعويض عن الضرر المترتب عن الإخلال.
القاعدة العامة تقضي أن أمر المطالبة بإيقاع الجزاءات لاتحاد الملاك كما جاء في إحدى قرارات الغرفة الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 27 نوفمبر 1973 في شخص وكيل الإتحاد أما تقدير الظروف و استنتاج مدى جسامة هذا الفرق يظل في يد السلطة التقديرية للمحكمة إلا أن هذه الجهة المناطة بها المطالبة بتوقيع الجزاء يعتبر الأصل أو القاعدة الكبرى إلا أنه لكل قاعدة استثناء و يبقى الإشكال:
هل اتحاد الملاك في شخص وكيل الاتحاد هي الجهة الوحيدة المطالبة بإيقاع الجزاء أم حتى للمالك المشترك المتضرر أو غير المتضرر له الحق في المطالبة بإيقاع الجزاء ؟
في ظل الاجتهادات القضائية و مجموع قرارات المحاكم الفرنسية ، نجد أن هذا الحق يثبت لكل مالك مشترك بصفته طرفا متعاقدا في النظام الذي تم خرقه، كما ذهب القضاء الفرنسي إلى أن حق المطالبة ممنوح حتى للمالك المشترك و لو أنه لم يتضرر.
أما فيما يخص القضاء المغربي فهو الآخر منح الحق للمالك المشترك بإقامة دعوى إما بتنفيذ الالتزام أو رفع الضرر و التعويض و يجد هذا القول سنده من خلال استحضار القرار رقم 149 الصادر بتاريخ 14 أبريل 2010 الغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بالرباط الملف عدد 39 "مبنية قولها على القاعدة المعتمدة التي تتلخص في نقطتين:
يكفي حدوث الضرر لأحد المالكين في الملكية المشتركة لتتبث له الصفة في إقامة الدعوى للمحافظة على حقه.
إذا كان البناء الذي أقامته الطاعنة في المرآب يحول دون إمكانية إدخال السيارات الكبيرة فإن رفع الضرر هذا يقتضي إزالة السلالم المقامة.
و منه فمحكمة الاستئناف بالرباط لما تبث لها تحقق الضرر الذي ألحقته الطاعنة قد حكمت عليها برفع الضرر بإزالة السلالم مع تحميلها المصاريف.
أما قانون 18.00 المغرب قد ساير هذا الرأي من خلال اعتبار أن المالك المشترك يستعمل هذا الحق كطرف في نظام الملكية المشتركة و ليس فقط كما لك الجزء في العقار بطبيعة الحال ، إذا ما تضرر من جراء ذلك فله إقامة دعوى للحفاظ على حقوقه و لإصلاح الضرر اللاحق بالعقار و بالأجزاء المشتركة طبقا للمادة 35 من قانون 18.00 .
بالإضافة إلى هذين الجزاءين نجد القضاء الفرنسي إلى جانبين السالفين الذكر (تنفيذ الالتزام و التعويض) قد أقر بإمكانية تضمين نظام الملكية المشتركة جزئيا ، يطبق في حالة عدم تنفيذ الالتزام و احترام بنوده وفقا للمادة 1163 من القانون المدني الفرنسي، و ذالك بوضع و تحديد مبلغ جزائي لردع كل مخالف مع تحميله على احترامها والقضاء الفرنسي أكد عليها .
أما القانون المغربي فدهب رأي في إطار ظهير 1946 الملغى إلى انه يمكن إدراج الشرط الجزائي بنظام الملكية المشتركة ، و هذا القول جاء في وقت لم يكن فيه ظهير الالتزامات و العقود يتضمن نصا يتعلق بشرط الجزاء ، إلى أن القضاء استقر على صحته و اعتبر سكوت المشرع دليل عن جوازه انطلاقا من مبدأ الملزمة.
و من أهم القرارات القضائية التي أكدت صحة الشرط الجزائي و وجوب تنفيذه، قرار محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 20 أكتوبر 1926 و الذي أسس مشروعيته على الفصل 230 من ظهير الالتزامات و العقود ، و أيضا قرار المجلس الأعلى (الغرفة الاجتماعية ) عدد 485 الصادر بتاريخ 05 أكتوبر 1987.
أما قانون 18.00 فقد أصبحت فيه أحكام الشرط الجزائي تشريعية بعد أن استقرت فقهاً و قضاءً و ذلك بجواز تضمين نظام الملكية المشتركة الشرط الجزائي نظراً للطابع الردعي الذي يتم عنه.
إستنتاجات ختامية :
لقد كان الهدف الأساس من إلزام وضع نظام للملكية المشتركة هو حماية المصلحة العليا للنظام الذي يحكم العقار ذات الملك المشترك.
وتسهيلا على القضاء للبث في القضايا التي تعرض علية لمعرفة الملزم من الملتزم في المجال المتعلق بالملكية المشتركة.
وعلى الرغم من هذه النقاط ومن خلال المحاور التي تناولناها في موضوع عرضنا:
لاحظنا ان المشرع المغربي لم يضع تحديدا دقيقا لحقوق وإلتزامات الملاك المشتركين في إطار نظام الملكية المشتركة .
إضافة إلى أن هذا النظام لازال يطرح جملة من الإشكاليات التي ترتبط أساسا بطرق وكيفية تنظيمه وتسييره
وخلاصة القول لا إن كان نظام الملكية المشتركة يعد وثيقة إلزامية للملاك المشتركين فقد حدد له المشرع مجموعة من البيانات الإلزامية التي تفرض على الملاك إحترامها والتقيد بها .ومع ذلك فقد ترك للإرادة الجماعية للملاك تضمين ما قد يتماشى وحسن سير تدبير الملك المشترك ولا يحد من ذلك إلا التقيد بالقواعد الأمرة للقانون وإحترام إرادة الملاك المشتركين. لكن ما لاحظناه أن المشرع المغربي حاول ان يميز بين المقتضيات التي يتضمنها نظام الملكية المشتركة للعقارات المحفظة ،وبين المقتضيات التي يتضمنها نظام الملكية المشتركة للعقارات الغير محفظة .سواءا من حيث البيانات او الجهة التي يودع بها هذا المظام. وعليه هل المشرع المغربي يسير في إتجاه تكريس إزدواجية النظام العقاري.
لائحة المراجيع
المراجيع باللغة العربية :
مصطفى أشيبان .تنظيم الملكية المشتركة في التشريع المغربي.الطبعة الاولى 2009.مطبعة دار النشر المغربية عين السبع.الدار البيضاء.
محمد الوكاري،الملكية المشتركة للعقارات المبنية "دراسة مقارنة بين القانونين المغربي و الفرنسي معززة باجتهادات قضائية مغربية و فرنسية،مطبعة دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع الرباط،الطبعة الأولى 2008
-عبد الحق الصافي،الملكية المشتركة للعمارات والدور المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات ،الطبعة الأولى،2005 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
الرسائل و الأطروحات:
-فاطمة الزهراء التادلي ،النظام الأساسي للملكية المشتركة للعقارات المبنية، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون الخاص، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية –أكدال الرباط 2008-2009
المواقع الإلكترونية:
www.droitentreprise.org مجلة القانون و الأعمال بتاريخ 12/11/2015 على الساعة 18:29
القرارات:
قرار من محكمة الاستئناف الرباط ، قرار رقم 149 الغرفة المدنية الأولى، ملف عدد 39/2010 الصادر بتاريخ 14 أبريل 201، نشر في مصلحة قضاء محكمة الاستئناف بالرباط العدد 2 ، سنة 2012
القوانين:
القانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية ،الصادر بتنفيده الظهير الشريف 1.02.98 بتاريخ 03 أكتوبر 2002 ،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5054 بالتاريخ 07 نونبر 2002 ص3175.
قانون الالتزامات و العقود ، ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913 )