لقد كانت النماذج الاقتصادية ، ولمدة طويلة ، تهدف بالدرجة الأولى إلى الرفع من النمو الاقتصادي بينما تبقي على الحماية الاجتماعية في مرتبة ثانوية ، حيث كانت تعتبر الموارد المخصصة لها غير منتجة وتراهن على آليات السوق معتبرة إياها كفيلة وكافية لتنظيم إعادة توزيع الدخل . لكن ، ومع توالي الأزمات الاقتصادية وتفاقم ظاهرة الفقر واتساع الفوارق الاجتماعية ، اعتمدت الحماية الاجتماعية ، في الوقت الراهن ، كوسيلة رئيسية لتثمين الرأسمال البشري وتعزيز الحقوق الاجتماعية للأفراد والحفاظ على الروابط الاجتماعية .
وتبعا لذلك فقد أضحت الحماية الاجتماعية أداة تعتمد لتحقيق تأثير مزدوج من جهة على النمو الاقتصادي بصفة عامة ومن جهة أخرى على التماسك و الاستقرار الاجتماعي وعلى هذا الأساس ، فقد عمل عدد متزايد من البلدان من بينها المغرب على إقرار برامج الحماية الاجتماعية توفر أنماطا مختلفة من الدعم والخدمات الإجتماعية للساكنة الأكثر هشاشة وحرمانا ۔
وقد بذلت السلطات العمومية جهودا محمودة في هذا المجال ، حيث عملت ، بشكل تدريجي ، على إرساء نظام للحماية الاجتماعية من فرعين : فرع أول قائم على مبادئ وتقنيات التأمين الاجتماعي ، ويضم أساسا صناديق التقاعد ، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ، وفرع ثان ، قائم على مبادئ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة الفئات المعوزة ، ويضم مجموعة من برامج الدعم الاجتماعي ( صندوق المقاصة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج المساعدة الطبية " راميد " وبرنامج تيسير والمطاعم المدرسية والداخليات والمنح الدراسية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية وغيرها) .
و بما أن نظام التقاعد يعتبر من أهم المواضيع في الحماية الاجتماعية و التي حاول المشرع تنظيمها بواسطة مختلف المؤسسات و القوانين سواء كانت عمومية أو خاصة و ذلك حفاظا على حقوق المواطنين و تحقيق السلم الاجتماعي حيث انه سيقتصر حديثنا فقط عن نظام التقاعد في القطاع الخاص اذن لا يسعنا الا ان نطرح الإشكالية التالية :
الى أي حد تمكن المشرع من تنظيم مؤسسة التقاعد وحمايتها من أي اختلال قد يضر بحقوق الأجراء ؟
لتحميل البحث كاملا اضغط هنا