الأشياء المادية هي ما كان لها حيز مادي ملموس ، وهي أكثر ارتباطا بالحق العيني منه بالحق الشخصي ، لأن الحق العيني يتجسد في تلك السلطة القانونية المباشرة التي يتمتع بها صاحب هذا الحق على شيء تمكنه من الاستئثار بمنافعه دون وساطة أحد .
والأشياء المادية متنوعة لا يمكن حصرها إلا من خلال تقسيمها إلى عدة أقسام ، ومن أهمها تقسيم الشيء إلى عقار ومنقول ، وقبل معالجة هذه المسألة سنعرض بإيجاز إلى تقسيم الشيء إلى مثلي وقيمي .
المبحث الأول : تقسيم الشيء إلى مثلي وقيمي
تعرضت بعض التشريعات المقارنة لهذا التقسيم ، حيث نجد الفصل 85 من القانون المدني المصري ينص على أن الأشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء ، والتي تقدر عادة عند التعامل بين الناس بالعد أو المقاس أو الكيل أو الوزن " .
ويستخلص من نص المادة أعلاه أن الأشياء المثلية تقدر عادة عن طريق العد ، الكيل أو القياس أو الوزن ، إذ لا تتفاوت احاده تفاوتا يعتد به ، بل يتماثل فيقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء ، وبمفهوم المخالفة الأشياء القيمية هي الأشياء المعينة بذاتها ، التي لا يقوم شيء آخر مقامها عند الوفاء ، فبيع منقول معين بذاته كآلة معينة بذاتها يعتبر بيعا واردا علي شيء قيمي لا علي شيء مثلي وسنبحث في المطلب الأول ) معايير التمييز بين الشيء المثلي و القيمي ، على أن نتعرض في ( المطلب الثاني ) لأهمية التمييز بين النوعين .
المطلب الأول : معايير التمييز يين الشيء المثلي والقيمي
اعتمد بعض الفقه معيار طبيعة الشيء للتمييز بين الشيء القيمي و الشيء المثلى ، حيث اعتبر أن الشيء المثلي هو الذي يكون قابلا للاستهلاك وهذا أمر تحدده طبيعته كالنقود مثلا ، أما الشيء القيمي فهو الشيء الذي يكون من حيث طبيعته غير قابل للاستهلاك كقطع أثرية مثلا . وقد انتقد الفريق المتمسك بالمعيار السابق ، لأنه من شأنه خلط التقسيمان أحدهما بالآخر ، بحيث يكون التمييز بين الشيء المثلي و الشيء القيمي هو ذاته معيار التمييز بين الشيء القابل للاستهلاك والشيء غير القابل للاستهلاك . لذلك يبقى المعيار الذي تبناه غالبية الفقه يقوم على أساس أن الشيء المثلي ليس مثلي في ذاته بل بالقياس على شيء مثله ، فهو بذلك يختلف عن الشيء القابل للاستهلاك الذي يكون قابلا للاستهلاك دون الحاجة إلى قياسه على شيء مثله .
أما الشيء القيمي فهو شيء لا يمكن أن يقوم مقامه شيء آخر عند الوفاء ، لأنه شيء معين بذاته لا يتماثل مع غيره .
المطلب الثاني : أهمية التمييز بين الشيء المثلي والشيء القيمي
تظهر أهمية التمييز بين الشيء المثلي والقيمي عندما يتعلق الأمر بمسألة نقل الملكية ، ففيما يخص محل الالتزام عندما يكون منقولا نميز بين حالتين :
- - الحالة الأولى : إذا كان محل الالتزام منقولا مثليا ، فإن ملكية الشيء لا تنتقل بمجرد العقد ، بل لابد من تعيين المحل و إفرازه .
- - الحالة الثانية : تتعلق بمحل الالتزام عندما يكون منقولا قيميا ، أي شيئا معينا منذ البداية ، فإن ملكية الشيء تنتقل بمجرد العقد دون الحاجة إلى إفراز .
أما فيما يتعلق بالعقار الذي يعتبر من الأشياء المعينة بذاتها ، فإن حق الملكية بالنسبة للعقارات المحفظة لا تنتقل بمجرد التراضي بين الطرفين المتعاقدين ، بل من وقت التسجيل بالرسم العقاري .
للاطلاع على المحاضرة الثانية