الحيازة كسب من أسباب كسب الملكية
منذ الحماية الفرنسية لم تعد الرسوم العدلية التي تثبت ملكية العقارات غير المحفظة أو تنقلها تحرر من قبل القضاة الشرعيين ، بل من قبل العدول المنتصبين للإشهاد بالمحاكم الشرعية .
وكان تحرير هذه الرسوم يخضع لمسطرة تعرف بنظام البطاقة ، بحيث لم يكن القاضي المكلف بالتوثيق ليمنح للعدول الإذن بتحرير هذه الرسوم إلا بعد فحص العقود والرسوم المثبتة للملك ، والتوصل من السلطة المحلية الممثلة في القائد أو الباشا بإفادات شخصية تفيد بأن العقار المعني ليس موضوع أي تعرض .. ولعل من أهم الأسباب التي كان يستند إليها العدول لتثبيت الملكية ونقلها ، هي الحيازة إذا توافرت شروطها الشرعية . وعليه سنعرف الحيازة وأنواعها في الفقرة الأولى ، على أن نخصص الفقرة الثانية لشروط الحيازة الاستحقاقية .
الفقرة الأولى : تعريف الحيازة وأنوعها
أولا : تعريف الحيازة
الحيازة هي سلطة فعلية أو واقعية يباشرها الحائز على الشيء أو على حق عيني على منقول أو عقار .
ثانيا : أنواع الحيازة
تنقسم الحيازة إلى نوعين:
أ- حيازة استحقاقية : يقصد بها تلك الحيازة التي يستحق بها الحائز الشيء المحوز ، ويتملكه بها عند تحقق شروطها ، وبذلك تدخل ضمن أسباب كسب الملكية
ب - حيازة تصرفية : ونعني بها الحيازة العرضية التي تتيح لصاحبها الانتفاع بالشيء المحوز ، وهو لا يحوز الشيء إلا بمقتضی سند قانوني كحق الانتفاع أو الكراء الطويل الأمد .
وتعتبر الحيازة التصرفية حيازة قانونية تقوم على السيطرة الفعلية على الشيء المحوز ، لكنها تفتقد إلى الركن المعنوي ، أي نية التملك ، بحيث يكون الحائز ملزما بردها إلى صاحبها عند زوال سند الحيازة.
الفقرة الثانية: شروط الحيازة الاستحقاقية
نظم المشرع المغربي أحكام الحيازة في المواد 239 إلى 263 من مدونة الحقوق العينية ، وبين الأموال التي لا تكتسب بالحيازة مطلقا وفي مقدمتها:
- أملاك الدولة العامة والخاصة
- والأملاك المحبسة
- والعقارات المحفظة
- وأملاك الجماعات السلالية
- والأملاك الأخرى المنصوص عليها صراحة في القانون .
وقبل التطرق لشروط الحيازة لابد أن نحدد الأشخاص الذي لا يمكنهم الإستناد إلى واقعة الحيازة لكسب الملكية .
أولا : الأشخاص الذين لا يحق لهم الاحتجاج بالحيازة الاستحقاقية
1- الحيازة مهما طال أمدها لا تفيد الأجانب ، فغير المغاربة لا يمكنهم اكتساب العقارات غير المحفظة ، ولو تحققت شروط الحيازة الاستحقاقية .
2- لا محل للحيازة حتى بالنسبة للمغاربة في الفرضيات التي أوردتها المادة 255 من مدونة الحقوق العينة وهي كالآتي :
- بين الأب وابنه وإن سفل ولا بين الأم وابنها وإن سفلوا
- بين الأزواج أثناء قيام الزوجية .
- بين الشركاء مطلقاء
- بين النائب الشرعي و من هم إلى نظره .
- بين الوكيل وموكله ،
- بين المكلف بإدارة الأموال العقارية وأصحاب هذه الأموال
ثانيا : شروط الحيازة الاستحقاقية
الحيازة الاستحقاقية هي حيازة قاطعة للنزاع ، فهي تقوم على السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه .
ويشترط لصحة حيازة الحائز طبقا لأحكام المادة 240 من م ح ع مايلي :
1- أن يكون الحائز واضعا يده على الملك نعني بهذا الشرط تلك السلطة أو السيطرة الفعلية التي تكون للحائز على العقار غير المحفظ والحيازة قد يباشرها الشخص بنفسه ، كما قد يباشرها عن طريق الغير بالوساطة متى كان وكيلا له أو ممثلا له في ذلك .
2- أن يتصرف الحائز فيه تصرف المالك في ملكه فلفظ التصرف جاء عاما ، فلا يمكن حصره في الحرث والغرس بل قد يشمل الرعي والحفر " وكذلك مختلف التفويتات حسب طبيعة العقار .
3- أن ينسب الملك لنفسه ، والناس ينسبونه إليه كذلك يقصد بالنسبة ادعاء الملك ، فالحائز ينسب الملك لنفسه والناس ينسبونه إليه ، كأن يقول المشهود له ، أن هذا المنزل ملكي إذن الحيازة لا تنفع صاحبها إلا مع ادعاء الملك .
4- ألا ينازعه في ذلك منازع يقصد بها أن تكون حيازة الحائز هادئة خالية من النزاع ، وأن يستمر الخلو من النزاع طيلة مدة الحيازة . ولا يعتبر الحيازة هادئة إلا إذا كان لم ينازع المحوز عنه الحائز فيها ، وكان حاضرا عالما بالغارشيدا ، لم يمنعه من القيام بها مانع.
5- أن تستمر الحيازة طول المدة المقررة في القانون نعني بهذا الشرط مرور المدة المقررة للحيازة واستمرار وضع اليد على الشيء والتصرف فيه .
وهذه المدة تختلف بحسب العلاقة القائمة بين الحائز والمحوز عليه.
أ - حيازة الأجانب
تنص المادة 250 من م ح ع : " إذا حاز شخص أجنبي غير شريك ، ملك حيازة مستوفية لشروطها واستمرت دون انقطاع عشر سنوات كاملة والقائم حاضر عالم ساکت بلا مانع ولا عذر يكتسب بحيازته ملكية العقار " .
ويقصد بالأجنبي هو الذي لا قرابة له بالقائم ، وإذا ما حاز الشيء عشر سنين فهو له ، كيفما كان صورة الحيازة ولو بأضعفها أي بسكني أو حرث
ب- حيازة الأقارب
طبقا للمادة 251 من م ح ع : " تكون مدة الحيازة بين الأقارب غير الشركاء الذين ليس بينهم عداوة أربعين سنة ، وعشر سنوات إذا كان فيما بينهم عداوة " .
والمقصود بالأقارب في هذا النص الإخوة والأعمام والأخوال والأصهار وطول مدة الحيازة أو قصرها تحدده حالة العداوة من عدمه ، مع العلم أن الحيازة بين الأصول والفروع لا يصح الاحتجاج بها مهما طالت مدتها .
وفي حالة وفاة الحائز يشترط بالإضافة إلى ذلك عدم العلم بالتفويت .
ونعني بهذا الشرط أن المشهود له في بينة الملك إذا كان ميتا ، فإنه يجب تضمين الرسم العدلي عبارة " لم يخرج عن ملكه في عملهم "