المرحلة الإدارية لمسطرة نزع الملكية
تتمتع السلطات العامة بامتيازات واسعة وذلك
راجع أساسا إلى طبيعة مركزها وطبيعة المصالح التي تسعى إلى تحقيقها ولعل الغاية
الكبرى المتوخاة من وراء هده الامتيازات هي ضرورة ضمان أداء الوظائف على أحسن وأتم
وجه.
وتشكل عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
أحد هده الامتيازات التي تمت الإشارة إليها، دلك أن الإدارة المتمثلة في الدولة أو
الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية وباعتبار سلطة الإشراف المنوطة بها على
تسيير المرافق العمومية، فهي في حاجة دائمة إلى رصيد عقاري، لدلك تعمل على اللجوء
إدا لم تقتني العقارات بالطرف العادية، بحيث تتصرف طبقا لقواعد القانون الخاص، إلى
عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، والتي تعتبر حقا استثنائيا، والدي خوله
إياها المشرع تحقيقا للمنفعة العامة فمسطرة نزع الملكية تشكل امتيازا استثنائيا
للإدارة لا مثيل له في المعاملات العادية إذ تتمتع خلاله الإدارة بسلطة تقديرية
واسعة في تحديد ما تحتاجه من عقارات الأمر الذي يجعل من هدا الامتياز إجراء إداريا
يمس بحق الملكية باعتباره حق مقدس كما هو منصوص عليه في الدستور الحالي[1].
وكذلك باقي الدساتير الأخرى.
مما يسوغ معه القول على أن مسطرة نزع الملكية هي الحالة التي يخرج فيها حق الملكية الفردية من
الإطلاقية إلى التقييد ومن خدمة المصلحة الخاصة لصاحبه إلى خدمة المصلحة العامة.
وعلى هدا الأساس حاول المشرع وضع شروط وقواعد
تأطير السلطة الإدارة وحماية للأفراد والمؤسسات والتي تستدعي احترامها من قبل
السلطة النازعة فالمرحلة الإدارية تتشكل من عدة إجراءات يلتزم نازع الملكية
باتباعها بل الأهم من دلك أنها تتوقف عليها مشروعية القرار الإداري القاضي بنزع
الملكية، إذ تخضع لمراقبة القضاء في إطار المسطرة القضائية لنزع الملكية وهدا
الأمر يجد أساسه فيما تتمتع به الإدارة خلال هده المرحلة إذ تعمل بانفراد وبناء
على سلطتها التقديرية بتحديد نطاق المنفعة العامة.
وبالتالي حاول المشرع من خلال الإجراءات
الإدارية لمسطرة نزع الملكية تحقيق نوع من التوازن بين ما تتمتع به الإدارة النازعة
من امتيازات والأفراد منزوعي الملكية من حقوق ومصالح يتعين الحفاظ عليها.
ومن خلال ما سبق وارتباطا بالموضوع سننطلق من
الإشكالية التالية:
إلى أي حد استطاع المشرع التوفيق بين حاجيات
السلطة النازعة ومصالح وحقوق منزوعي الملكية من خلال المرحلة الإدارية؟
وانطلاقا من الإشكالية أعلاه حاولنا معالجة
موضوعنا هدا وفق التصميم التالي:
المطلب الأول: المرحلة الإدارية امتياز لنازع
الملكية وضمانة لمنزوعي الملكية
المطلب الثاني: المرحلة الإدارية مجال للتفاوض
المطلب الأول: المرحلة الإدارية امتياز لنازع الملكية وضمانة لمنزوعي الملكية
تتجسد عملية نزع الملكية باعتبارها امتيازا
للدولة عبر قرار إداري من خلاله يمكن للدولة أو الجماعات المحلية أو لشخص معنوي
عام أو خاص استعمال سلطتها بتفويض منها في مواجهة شخص عام أو خاص بالتخلي عن ملكية
عقار معين أو حق عيني عقاري ودلك بغية تحقيق منفعة عامة.
والسلطة النازعة للملكية مجبرة على إتباع جملة
من الإجراءات ذات الطابع الإداري في إطار مسطرة نزع الملكية، والتي تعتبر امتيازا
لهده السلطة (الفقرة الأولى) غير أنه في مقابل دلك فهي تشكل في حد داتها ضمانات
لفائدة منزوعي الملكية (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: المرحلة الإدارية امتياز للسلطة النازعة للملكية
تستند السلطة النازعة للملكية إلى مقررين
إداريين يتم اتخادهما بواسطة مرسوم الأول إعلان مقرر المنفعة العامة، والأخر مقرر
التخلي (أولا) وعلى اعتبار أن هدين المقررين يصدران عن السلطة النازعة بموجب
سلطتها الانفرادية فإنه لها الحق في الرجوع عنهما كما لها الحق في تغيير موضوع
المنفعة العامة التي تناولته (ثانيا).
أولا:
مقرر إعلان المنفعة العامة ومقرر التخلي
أ-
مقرر إعلان المنفعة العامة
بما أن نزع ملكية الخواص لا تتم ممارسته إلا ادا
تحققت المنفعة العامة فإن أول إجراء إداري فرضه المشرع على السلطة النازعة هو
اتخاذ مقرر إعلان المنفعة العامة، فهدا الأخير يتم اتخاذه بمبادرة من السلطة
النازعة المشار إليها في الفصل الثالث من قانون 7.81 وقيده بمجموعة من التدابير
سواء خلال مرحلة طلبه أو أثناء صياغته وإصدار وهو ما نص عليه الفصل 6 من قانون
7.81 الذي يقضي بأن المنفعة العامة تعلن بمقرر إداري يعين المنطق التي يمكن نزع
ملكيتها.
1-مرحلة طلب واقتراح مقرر المنفعة العامة بخصوص
طلب إعلان المنفعة العامة فإن الجهة التي يحق لها دلك تختلف حسب الحالات الآتي ذكرها[2]:
*إدا كان نزع الملكية لصالح الملك العمومي
للدولة فإن الوزارة التي يدخل في اختصاصها المشروع هي التي تتولى طلب إعلان
المنفعة العامة، كما لو تم تشييد بناء أو
بناء طريق أو سد فهنا تعتبر وزارة التجهيز والنقل هي المختصة قانونا بطلب الإعلان.
إدا كان هدا النزع لصالح الملك الخاص فإن وزارة
المالية هي المختصة
أما فيما يخص الملك الغابوي فإن وزارة الفلاحة
هي المختصة بتقديم الطلب.
إدا تعلق الأمر بجماعة محلية فإن المجلس
الجماعي هو الذي تثبت له الصلاحية وعلى هدا الأساس فالجهة التي يحق لها تقديم
الطلب توجهه للسلطة المختصة بالاقتراح والجهة المختصة بالاقتراح حسب الفصل الأول
من المرسوم التطبيقي هو الوزير المعني بالأمر وهدا الأخير يتخد ثلاث صور:
فقد يقصد به في حالة أولى الوزير الموجود على
رأس الوزارة التي ستتولى انجاز المشروع.
ويقصد به في حالة ثانية الوزير الدي تثبت له الوصاية
ويقصد أيضا الوزير في حالة ثالثة دلك الدي يشرف على قطاع يتقارب مع موضوع المشروع
الدي ستنزع الملكية من أجله.
2-مرحلة الصياغة والإصدار
بالاطلاع على الفصل الأول من المرسوم التطبيقي
فإن مقرر إعلان المنفعة العامة يتخد بمقتضى مرسوم من طرف الوزير الأول.
فبعد أن يتم اقتراح هدا الإعلان، فإنه يعمل
الوزير المعني بالأمر على توجيهه (مشروع الإعلان) مرفوقا بتصميم المنفعة المراد
نزع ملكيتها وأيضا مذكرة تقديم إلى الأمانة العامة للحكومة وبعد أن يطلع الوزير
الأول على الملف يوقع عليه.
فهدا التوقيع يؤكد على المشاركة في تحمل
مسؤولية اتخاذ مقرر إعلان المنفعة العامة.
وتجدر الإشارة إلى أن مقرر إعلان المنفعة
العامة تتجلى الغاية من إصداره في تعيين المنطقة التي يراد نزع ملكيتها، وبدلك فهو
يشكل امتيازا في يد السلطة النازعة التي تصدره بإرادتها المنفردة[3]. ودون
حاجة إلى رضا أو موافقة المخاطبين به.
إذ من خلاله واستنادا إلى سلطتها التقديرية،
تعمل بكل حرية على تحديد المنطقة المناسبة لانجاز المشروع المعتبر من المنفعة
العامة، فضلا على أن المشرع منحها امتيازا آخر يتمثل في إخضاع العقارات الواقعة
داخل المنطقة المحددة في المقرر لمجموعة من الارتفاقات تتمثل في منع إقامة أي بناء
أو تحسينات إلا بموافقة نازع الملكية.
وبالرجوع إلى الفصل 6 من قانون 7.81 يمكن
استنتاج امتياز آخر للسلطة النازعة حيث يمكن لهده الأخيرة بالإضافة إلى العقارات
اللازمة لانجاز المنشئات أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة أو تنزع الجزء
الباقي من هده العقارات وعلى العقارات المجاورة لها إدا تبين أن نزع ملكيتها ضروري
لتحقيق هدف المنفعة العامة المنشودة أو إدا كان انجاز الأشغال يؤدي إلى زيادة
ملحوظة في قيمة العقارات.
ب-مقرر التخلي
إدا كان مقرر إعلان المنفعة العامة يحدد
المنطقة التي تتواجد بها العقارات المراد نزع ملكيتها فإن مقرر التخلي يشكل إجراء
إداري ثان يتولى تحديد أملاك العقارية بشكل دقيق ومفصل.
ومقرر التخلي يمكن أن يتخذ بناء على مرسوم إدا
كان مندمجا في قرار إعلان المنفعة العامة وإذا كان مستقلا فإنه يتخذ من طرف الجهات
المحددة في الفصل الثاني من المرسوم وهي رئيس المجلس إدا كان نازع الملكية جماعة
حضرية أو قروية، عامل العمالة أو الإقليم إدا كان النازع إقليم أو عمالة.
الوزير المعني بالأمر بعد استشارة وزير
الداخلية في غير تلك الحالات المشار إليها.
ويمكن القول أن مقرر التخلي هو الآخر يشكل
مظهرا من مظاهر السلطة العامة وامتياز لها، دلك أن هده الأخيرة تكون لها السلطة
الواسعة من خلال هدا المقرر حيث تقوم بتحديد العقار أو الحق العيني المناسب
والمساحة الملائمة دون تدخل من أحد أو طلب ادن وبكل حرية.
ثانيا: إمكانية عدول السلطة النازعة عن قرار المنفعة وتغيير موضوعه
أ-إمكانية العدول عن القرار
نظم المشرع الأحكام المتعلقة بتراجع السلطة
النازعة عن قرار نزع الملكية في الفصل 43 من قانون 7.81[4].
والملاحظ أن الفصل المدكور نظم حالة تراجع السلطة النازعة قبل صدور الحكم بنقل
الملكية ولو أنه لم يشر إلى الحالة التي يتم التراجع فيها بعد صدور هدا الحكم.
ويمكن القول أن المشرع رغم منحه هده المكنة
للسلطة النازعة ونخص هنا تراجع السلطة النازعة خلال المرحلة الإدارية المتمثلة في
تراجعها عن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا إلا أنه قيدها باتباع مسطرة تشبه تلك
المتعلقة بإعلان المنفعة العامة وهي ضرورة استصدار قرار آخر يعدل المقرر القاضي
باعلان المنفعة العامة أو مقرر التخلي، ويخضع هو الآخر لتدابير الإشهار المنصوص
عليها في الفصل 8 من قانون 7.81.
ويترتب على استصدار هدا القرار رفع الارتفاقات
عن العقارات وسحب الدعوى إدا كانت مرفوعة وإعادة الحيازة للملاك المعنيين.
غير أن ما يمكن إثارته في هدا الصدد، مسألة
التعويض، ونقصد بدلك التعويض عن الحرمان الدي مس أصحاب الأراضي التي كانت محل نزع
الملكية وتم التراجع عن دلك من قبل السلطة النازعة، فالمشرع هنا سكت عن امكانية
تعويض هؤلاء بسبب حرمانهم من استغلال أراضيهم نتيجة الارتفاقات التي رتبتها مقررات
إعلان المنفعة العامة.
ب-إمكانية تغيير موضوع المنفعة العامة
في ظل الحديث عن الامتيازات المخولة للسلطة
النازعة خلال المرحلة الإدارية فإن هناك صورة أخرى للسلطة الواسعة المخولة لها
والمتمثلة أساسا في منحها حق تغيير موضوع المنفعة العامة، بمعنى استعمال العقار
موضوع نزع الملكية لانجاز أشغال ومشاريع غير تلك التي بررت إعلان المنفعة العامة
وتم اصدار القرار على أساسها وقد نص المشرع على هده الامكانية في الفصل 39 من
قانون 7.81 وطبقا لهدا الفصل فإن المشرع قيد حرية السلطة النازعة في تغيير موضوع
المنفعة العامة ودلك بضرورة اتخاد ادن بتغيير التخصيص بموجب مقرر إداري.
وقد حدد الفصل 4 من المرسوم التطبيقي الجهة
التي تقترح المقرر الإداري وهو الوزير المعني بالأمر ودلك احتراما لمبدأ التوازن في
الشكليات إد المنطق والقانون يقضي بأن السلطة التي لها قانون إعلان المنفعة العامة
بمرسوم هي التي لها وحدها ودون غيرها أن تغير مضمون تلك المنفعة بمرسوم مماثل وفقا
لإجراءات المنصوص عليها قانونا[5].
فمن المبادئ العامة أن النصوص التشريعية والتننظيمية لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها
أو تمديد فترة مفعولها الا بمقتضى قرار من نفس النوع ومن لدن السلطة المختصة
قانونا ودلك تفاديا للانحراف والشطط في استعمال السلطة.
الفقرة الثانية: إجراءات المرحلة الإدارية ضمانات لمنزوعي الملكية
حماية لمصالح الأفراد وحقوقهم المتمثلة في حق
الملكية الفردية، فقد أحاط المشرع المرحلة الإدارية لمسطرة نزع الملكية بجملة من
الضمانات التي تميز هده المرحلة، ودلك من خلال احترام إجراءات عدة.
وتختلف هده الضمانات من حيث طبيعتها فمنها ما
هو دو طابع موضوعي (التعويض وتحقق شرط المنفعة العامة) أولا ومنها ماهو دو طابع
إجرائي (إشهار مقررات نزع الملكية و إجراء البحث الإداري (ثانيا)
أولا: الضمانات المتعلقة بالتعويض وتحقيق شرط المنفعة العامة
أ-التعويض
ما دام موضوع عرضنا يتمحور حول خصوصيات المرحلة
الإدارية لمسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وفي العلاقة بموضوع التعويض
سيتم الاقتصار على التعويض المحدد من قبل اللجنة الإدارية للتقويم.
وعموما فهدا التعويض الذي يتحدد أثناء المرحلة
الإدارية يتم تحديده بعد نشر مقرر التخلي ودلك من قبل اللجنة الادارية وتكريسا
لحقوق منزوعي الملكية فألزم المشرع أن تتكون من مجموعة من الأعضاء اللذين يفترض أن
تتوفر فيهم الحنكة والتجربة في هدا المجال وكدا المعرفة اللازمة بظروف وقيمة سوق
العقار خاصة ما يتعلق منها بأسعارها.
وقد نص الفصل 7 من المرسوم التطبيقي عن هؤلاء
الأشخاص الذي يجب أن تتكون منهم وبالإطلاع على هدا الفصل يمكن استنتاج تعدد
الأشخاص المكونين لهده اللجنة وتباين اختصاصاتهم الأمر الذي يمكن من تحديد تعويض
عادل من خلال دراسة هدا الموضوع من كافة الجوانب كل يدرسه من زاوية اختصاصه وكذلك
من خلال خروج أعضاء اللجنة إلى عين المكان لمعاينة العقار المراد نزع ملكيته
والوقوف على حقيقته مستعينين في دلك بكل المعطيات التي يتم جمعها من مصادر مختلفة
خاصة ما يتعلق منها بالأثمان[6].
مما يسوغ معه القول أن هدا التعويض يشكل أهم
ضمانة لمنزوعي الملكية وكدلك تكريسا لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة على
اعتبار أنه مقابل لجبر الضرر اللاحق بمنزوعي الملكية، إلا أن هدا التعويض الدي
يحدد من قبل اللجنة الإدارية للتقويم لا يكون ملزما إلا إدا كان محل اتفاق بين
نازع الملكية ومنزوعي الملكية.
وبالتالي يمكن لهؤلاء الطعن فيه أمام السلطة
القضائية التي لا يمكنها الحكم بأقل من التعويض المحدد من قبل اللجنة.
ب-تحقق شرط المنفعة العامة
كما أكد على دلك الفصل الأول ما قانون 7.81
فإنه لا يمكن نزع الملكية سواء لعقارات أو لحقوق عينية إلا إدا أعلنت المنفعة
العامة دلك مما يؤدي بنا إلى الجزم بأن المشرع وضع هدا الشرط كضمانة لحماية حق الملكية الفردية من الاعتداء على اعتبار أن
حق نزع الملكية إجراء استثنائي لدلك أحاطه المشرع بإجراءات عدة...إلا أن مفهوم
المنفعة العامة كما رأينا دلك في العرض السابق هو مفهوم مطاط ومتغير بحسب التطورات
الاجتماعية والاقتصادية والأهم من دلك تطوير دور الدولة من دور الدولة الحارسة إلى
دولة تدخلية.
ثانيا: الضمانات المرتبطة بإشهار مقررات نزع الملكية والبحث الإداري
أقر المشرع مجموعة من الإجراءات المسطرية تتعلق
بإصدار كل من مقرر إعلان المنفعة العامة ومقرر التخلي سواء ما تعلق بالبحث الإداري
أو بإجراءات الإشهار.
1-البحث الإداري
لابد من التدكير في البداية أن هدا الإجراء
فرضه المشرع كلما تعلق الأمر بمقرر التخلي دون مقرر إعلان المنفعة العامة ويعتبر
هدا الإجراء أهم إجراء يخضع له مقرر التخلي[7].
وقد هدف المشرع من خلال هدا الإجراء إشراك المواطنين في هده العملية وإطلاعهم على
كافة الإجراءات المتخدة بهدا الشأن والسماح لهم بإبداء ملاحظاتهم حول المشروع وكدا
إبداء وسائل دفاعهم بهدا الخصوص.
ويشكل إجراء البحث الإداري ضمانة هامة لمنزوعي
الملكية والدي يجد سنده التشريعي في إطار قانون 7.81 في الفصل 10 منه الدي نص على
ما يلي: يجي إجراء بحث إداري قبل اتخاد مقرر التخلي".
وبالرجوع إلى الفصلين 11 و 12 من قانون 7.81
تستشف الأهداف التي توخى المشرع تحقيقها من خلال سنه لإجراء البحث الإداري ألا وهي
التعريف بدوي الحقوق سواء المستأجرون والمكترين الذي يلزم المعني بالأمر التعريف
بهم، ودلك تحت طائلة بقائهم مدينين لهؤلاء الأشخاص بالتعويض[8]. أو سواء الأشخاص الآخرين الدين
يعرفون بأنفسهم وإلا سقط حقهم طبقا للفقرة الثانية من الفصل 11.
ويتجلى الهدف الثاني المتوخى من الإجراء البحث
الإداري في تقديم الملاحظات حيث أنه يشكل فرصة من خلالها يدلي منزوعي الملكية أو
غيرهم بملاحظاتهم حول المشروع.
الملاحظ أن المشرع لم يحدد موضوع هده
الملاحظات، إلا أن البعض أعطى أمثلة عنها (تسجيل عقار لغير مالكه الحقيقي، عدم
شمول مشروع المساحة الحقيقية المنزوعة ملكيتها، ارتكاب أخطاء في سندات الملكية
المتعلقة بالعقارات المعنية بنزع الملكية) من بين الضمانات أيضا المخولة لمنزوعي
الملكية خلال مرحلة البحث الإداري ما نص عليه الفصل 23 من قانون 7.81، حيث سمح
المشرع لمنزوعي الملكية بمطالبة نازع الملكية باقتناء الجزء المتبقي من العقار متى
اتضح له أن الجزء لا يستجيب للغرض الذي كان مخصصا له قبل نزع الملكية.
2-
إجراءات إشهار المقررين
تعتبر إجراءات الإشهار التي أحاطها المشرع
بمقررات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ضمانة أساسية لمنزوعي الملكية، ودلك
لما لهده المقررات من تأثير على حقوق الأفراد ومصالحهم وبدلك ألزم المشرع مبدئيا[9]
السلطة النازعة باتباع جملة من الإجراءات والوسائل التي تمكن من إعلام المعنيين
بالأمر سواء ما يتعلق بالنشر أو بالتعليق ويتضح دلك جليا من خلال الفصل 8 حيث أن
هدا الأخير يقضي بضرورة نشر مقرر إعلان المنفعة العامة بالجريدة الرسمية، وكدا نشره
بإحدى الجرائد المؤدون لها بنشر الإعلانات القانونية مع الإشارة إلى الجريدة التي
وقع نشره بها.
بالإضافة إلى تعليق نصه الكامل بمكاتب الجماعة
التي تقع بدائرة نفوذها المنطقة المقرر نزع ملكيتها، حيث إن عدم الإدلاء بما يقيد
تعليق النص الكامل لمقرر إعلان المنفعة العامة بمكاتب الجماعة التي تقع بها
العقارات المراد نزع ملكيتها يجعل طلب نقل الملكية غير مقبول على حالته.
غير أنه على الرغم من الأهمية التي يتسم بهما
هدين الإجراءين، فإن النتيجة المتوخاة منهما لا تتحقق في غالب الأحوال دلك أن
الإطلاع على الجريدة الرسمية غير ميسر للجميع ونفس الأمر بالنسبة للإيداع
بالجماعة، دلك أن فعالية هدا التعليق تقتصر على القاطنين بدائرة الجماعة المعنية
دون غيرهم، ولتجاوز هده الثغرات فقد سمح المشرع للسلطة النازعة للملكية باستعمال
كافة وسائل الإشهار التي من شأنها تحقيق إعلام واسع للمعنيين بالأمر، منها
المناداة في الأسواق والأماكن العمومية.
وإذا كانت هده الإجراءات تخص مقرر إعلان
المنفعة العامة كما جاء في الفصل الثامن، فإن الفصل 13 أحال على هدا الفصل بخصوص
إجراءات إشهار مقرر التخلي، وبالتالي فهي نفس الإجراءات المشار إليها أعلاه.
ومما يجدر التأكيد عليه، ومن أجل الزيادة في
ضمانات منزوعي الملكية فإن هده الإجراءات المشار إليها تعتبر جوهرية يمكن للمعنيين
بالأمر التمسك بخرقها أمام قاضي نزع الملكية أو قاضي الأمور المستعجلة عندما يطلب
منه الإذن لنازع الملكية في الحيازة وفقا لأحكام الفصل 24 نم قانون 7.81.
المطلب الثاني: المرحلة الإدارية مجال للتفاوض
بعد إتمام كافة الإجراءات المشار إليها سابقا، تلجأ السلطة النازعة إلى
التفاوض مع منزوعي الملكية بغية الاتفاق على اقتناء العقارات أو الحقوق العينية
بالمراضاة، دلك أن هدا الإجراء لا يلزم السلطة النازعة بل أصبح يخضع لسلطتها
التقديرية بموجب القانون 7.81 وبالتالي فإذا وافقوا منزوعي الملكية أن يتم الاقتناء
بالمراضاة فإنه بدلك يوضع حد للمرحلة الإدارية (الفقرة الأولى) أما إدا لم يتم
الاتفاق فإنه يتم التمهيد لدخول المرحلة القضائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إمكانية الاتفاق بالمراضاة
قد منح المشرع للسلطة النازعة صلاحية واسعة في اختيار اللجوء للاقتناء
بالمراضاة وإذا ما اختارت دلك فلابد من سلوك إجراءات معينة (أولا) وبالتالي فهدا
الإجراء يضع حد للإجراءات الإدارية (ثانيا).
أولا: شكليات الاتفاق بالمراضاة
إن هدا الإجراء الذي تمتاز به المرحلة الإدارية لمسطرة نزع الملكية تختلف
شكلياته بين ما إدا كان المنزوع ملكيته مقيما في مكان موقع العقار محل نزع الملكية
وبين ما إدا كان يقيم خارج هدا المكان.[10]
وهو ما يتضح من خلال الإطلاع على مقتضيات الفصل 42 من قانون نزع الملكية
إدني الحالة التي يكون فيها المعني بالأمر قاطنا بدائرة أو مكان تواجد العقار،
يحضر بعد استدعائه من طرف نازع الملكية إلى مقر السلطة الإدارية المحلية ودلك بغية
إجراء مفاوضات بخصوص إجراء التفويت بالاتفاق والتراضي.
وإذا تم الاتفاق المذكور وحب أن يتم دلك وفق ما نص عليه الفصل 42 من
القانون 7.81 أي طبقا لمقرر التخلي، دلك أنه يدرج في محضر أمام السلطة الإدارية
المحلية وبالتالي يعتبر قرارا إداريا صادر عن سلطة إدارية.
بعدها يحرر هدا الاتفاق في عدة نسخ، بحيث يتم تسليم واحدة للمعني بالأمر،
وترسل واحدة للخزينة العامة والنسخة الثالثة يتم إرسالها إلى إدارة التسجيل في حين
أن السلطة النازعة تحتفظ بنسخة.
وفي الأخير ترسل النسخة الأصلية من المحضر أي محضر الاتفاق إلى المحافظ على
الأملاك العقارية ودلك بهدف تسجيل العقار باسم الإدارة النازعة.
أما في الحالة الثانية وهي الحالة التي يتواجد فيها المنزوع ملكيته خارج
مكان تواجد العقار موضوع نزع الملكية، فإن الاتفاق يبرم بواسطة عقد عرفي أو رسمي
محرر من طرف عدل أو موثق ودلك عملا بقواعد القانون الخاص.
وفي هدا السياق لابد من الإشارة إلى ملاحظة هامة بخصوص الاتفاق المبرم إذ
يعتبر عقدا رسميا في حق الأميين ويعفي غير الأميين من تصحيح الإمضاء أمام السلطات
المحلية.[11] وبالتالي يبلغ إلى المعني بالأمر شفويا وبعدها
تسجيل موافقته بعد حصولها.
يترتب على الاتفاق بالمراضاة مجموعة من الآثار ودلك راجع بالضرورة إلى
طبيعة هدا الاتفاق، دلك أنه يعد عقدا رسميا وبالتالي فله من الآثار الخاصة ودلك
ضمن الدائرة التي يتم فيها هدا الاتفاق في حدود مسطرة نزع الملكية.
من هنا يمكن القول على أن هدا الاتفاق إدا ما نصب على نقل ملكية العقار محل
نزع الملكية بمعنى أخر إدا ما تم الاتفاق بين نازع الملكية والمنزوع ملكيته على أن
يتم نقل الملكية بشكل نهائي أي أن المعني بالأمر قبل بمقدار التعويض الذي حددته اللجنة
الإدارية للتقويم فهو يرتب كافة الآثار التي تنتج عن الحكم الصادر عن قاضي الموضوع
بنزع الملكية.
والمنصوص عليها في الفصل 37 من قانون 7.81 وتنتج هده الآثار ابتداء من
تاريخ تسجيل الاتفاق لدى المحافظة على الأملاك العقارية وهو ما يستفاد من نص الفصل
42.
ويترتب عن دلك أيضا سحب الدعوى عند الاقتضاء من المحكمة في أي مرحلة من
مراحله سواء الابتدائية أو الاستئنافية أو محكمة النقض.
مما يسوغ معه القول أن المشرع جعل الاتفاق بالمراضاة في مرتبة الحكم القاضي
بنقل الملكية.
وبدلك يترتب عن توقيع هدا الاتفاق تخليص العقار من كافة الحقوق والتحملات
التي يكون مثقلا بها، سواء كان عقار محفظا أو في طور التحفيظ أو غير محفظ غير أنه
في المقابل تكون السلطة النازعة للملكية ملزمة بإيداع مبلغ التعويض أو دفعه والدي
تم تحديده قبل هدا الإجراء من قبل اللجنة الإدارية للتقويم.
وبالتالي فإن أهم أثر يترتب على هدا الاتفاق أي الاتفاق بالمراضاة عن نقل
الملكية وهو وضع حد لمسطرة نزع الملكية.
أما بالنسبة لحالة الاتفاق عن نقل الحيازة فقط، فإن هدا الاتفاق ترتب عنه
نفس الآثار المرتبة عن الأمر القاضي بنقل الحيازة.
وبالتالي فإنه يختزل الإجراءات المتبعة أمام القضاء الاستعجالي لدلك فإن نازع
الملكية يبقى ملزما بتقديم مقال دعوى أمام قاضي الموضوع للحكم بنقل الملكية بشكل
نهائي، غير أن مقابل تخلي المالك عن حيازة العقار موضوع نزع الملكية تعويض
احتياطي.
الفقرة الثانية: إجراءات المرحلة الإدارية تمهيد للمرحلة القضائية
إن الإجراءات الإدارية والتي سبق الحديث عنها قد تكون كافية خلال مسطرة نزع
الملكية، ودلك بالخصوص في حالة تم الاتفاق بالمراضاة بنقل ملكية العقار بصفة
نهائية مقابل التعويض المحدد من قبل اللجنة الإدارية للتقويم.
ففي هده الحالة تكون الإجراءات أو المسطرة الإدارية بمثابة وضع حد لمسطرة
نزع الملكية، وبالتالي فهي تختزل المرحلة القضائية لهذه المسطرة.
أما في حالة ما إذا لم يتم الاتفاق على نقل الملكية بالمراضاة أو تم
الاقتصار على الاتفاق بنقل الحيازة فقط، فإن الإجراءات الإدارية تشكل تمهيد
للمرحلة القضائية وفق إجراءات أخرى جديدة.
حاول المشرع خلال المرحلة الإدارية لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة
تحقيق نوع من التوازن بين السلطات والصلاحيات الكبيرة الممنوحة للإدارة في هده
المرحلة وبين الحقوق الخاصة بالأفراد الدين ستنزع ملكيتهم. الأمر الذي جعل الدور الذي
تلعبه الإدارة في هدا الصدد يتسم بالازدواجية ودلك لكونه محصور بين الهدفين
المتناقضين كما جاء دكر هما أعلاه.
وعلى هدا الأساس أحاط المشرع امتيازاتها تلك بجملة من الإجراءات حتى تتمتع
قراراتها بالمشروعية في مواجهة منزوعي الملكية إلا أنه وعلى الرغم من هده
الالتفاتة من المشرع المغربي فالملاحظ أنه رغم كل الضمانات التي خولها مشرعنا
للملاك، فيبقى للسلطة النازعة خلال هده المرحلة سلطات واسعة تجعلها في غالب
الأحيان تطغى على حقوق الأفراد ولعل مسألة التعويض تشكل أهم مظهر لهده السلطة حيث
أن اللجنة الإدارية للتقويم هي التي تتولى تحديد بكل حرية ودون رقابة من أية جهة،
وإن كان غير نهائي إلا أنه يصبح ملزما متى تم الاتفاق بالمراضاة على نقل الملكية
دون اللجوء إلى القضاء.
فضلا على هدا فالضمانات الشكلية لم تراع عند صياغتها بعض خصوصيات المجتمع
سواء الاقتصادية منها أو الاجتماعية خاصة وأن أغلب الملاك تطغى في صفوفهم الأمية
وعدم العلم أحيانا بوجود إجراءات نزع الملكية.
من هدا المنطلق تتضح ضرورة القيام بالمزيد من الإصلاحات التي تنبني على
أساس تقوية مركز الأفراد منزوعي الملكية في هده المسطرة ودلك عبر تسريع المسطرة
وتبسيط إجراءاتها خاصة من خلال إقرار وسائل إشهار فعالة ويبقى الأهم في هدا كله
ضمان تعويض عادل.
ü
د . العربي محمد مياد ، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة
على ضوء التشريع وأحكام الدستور ، الطبعة الأولى 2014 .
ü
د . محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي ، الجزء
الثاني، ط 2011. محمد الكشبور نزع الملكية
لأجل المنفعة العامة قراءة في النصوص وفي موافق القضاء، ط 2007.
ü
مصطفى أوقاسي : نزع الملكية من اجل المنفعة العامة بين
سلطة الإدارة ورقابة القضاء ، رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون العام ، كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، مراكش 2007 / 2008.
ü
نورة عربي : نزع الملكية الخاصة
من أجل المنفعة العامة بين التشريع ورقابة القضاء ، بحث لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة ، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، سنة 2008/ 2009 .
ü
د.عبد المجيد قباب، نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
في القانون المغربي، مقال منشور في مجلة المرافعة، عدد 20 السنة 2010.
ü
سعاد الزروالي ، الآثار الناجمة عن نزع الملكية في إطار
القانون 7.81 ، مجلة الحقوق المغربية عدد 7 سنة 2009 .
المطلب الأول: المرحلة الإدارية امتياز لنازع الملكية وضمانة لمنزوعي
الملكية
الفقرة الأولى: المرحلة الإدارية امتياز
للسلطة النازعة للملكية
أولا: مقرر إعلان المنفعة العامة ومقرر
التخلي
ثانيا: إمكانية عدول السلطة النازعة عن
قرار المنفعة وتغيير موضوعه
الفقرة الثانية: إجراءات المرحلة الإدارية
ضمانات لمنزوعي الملكية
أولا: الضمانات المتعلقة بالتعويض وتحقيق
شرط المنفعة العامة
المطلب الثاني: المرحلة الإدارية مجال للتفاوض
الفقرة الأولى: إمكانية الاتفاق بالمراضاة
أولا: شكليات الاتفاق بالمراضاة
الفقرة الثانية: إجراءات المرحلة الإدارية
تمهيد للمرحلة القضائية
[1] - الفصل 35 من الدستور الحالي 2011.
[2] - د. محمد الاعرج ، القانون الإداري المغربي ، الجزء الثاني، ط
2011، ص 72.
[3] - مصطفى أوقاسي : نزع الملكية من اجل المنفعة العامة بين سلطة
الإدارة ورقابة القضاء ، رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون العام ، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، مراكش 2007 2008 ص 10.
[4] -. ( إذا تراجع نازع الملكية للأي سبب من الأسباب خلال أي مرحلة من
مراحل المسطرة الإدارية أو القضائية قبل الحكم لنقل الملكية عن نزع ملكية عقار كلا
أو بعضا وكان العقار المذكور واقعا في المنطقة المطلوب نزع ملكيتها أو معينا في
مقرر التخلي ترتب على هذا التراجع بشرط مراعات أحكام الفصل 23 إستسدار نازع
الملكية لمقرر معدل للمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة أو لمقرر التخلي ) .
[5] - د محمد الكشبور نزع الملكية لأجل المنفعة العامة قراءة في النصوص
وفي موافق القضاء، ط 2007 ص 121.
[6] - محمد كشبور ، مرجع سابق ،ص 128 .
[7] - مصطفى أوقاسي ، م ،س، ص 20 .
[8] - د .عبد المجيد قباب ، نزع الملكية من أجل المنفعة العامة في
القانون المغربي ، مقال منشور في مجلة المرافعة ، عدد 20 السنة 2010 ، ص 211 .
[9] - قلنا مبدئيا على اعتبار أن الفصل 14 من قانون 7.81 نص على أنه:
"تكون الإجراءات المقررة في الفصل 8 و 9 و 10 اختيارية إدا كان المقرر القاضي
بإعلان المنفعة العامة يتعلق بعمليات أو بأشغال تهم الدفاع الوطني".
[10] - مصطفى أو قاسي، مرجع سابق، ص 73.
[11] - مصطفى أو قاسي، مرجع سابق، ص 73.