رفع الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي
يعد موضوع التنفيذ، من المواضيع التي تتسم بالصبغة القانونية والقضائية معا، وتعيشه مختلف المحاكم بالمملكة عند نھاية المراحل الطويلة للنزاعات أمام القضاء، من خلاله يحصل الدائن على حقه، ووضع حد لتعنت وعناد مدينه.
ولعل الحكمة القديمة، التي مؤداھا أن القضية المدنية تربح مرتين: تتجلى الأولى انطلاقا عند الحصول على الحكم الحاسم لأصل الحق، وتتجلى الثانية عندما يتم تنفيذ الحكم بنجاح، جعلت موضوع التنفيذ يحتل مكانة متميزة في النظم القانونية، على اعتبار ينقل
الحق الثابت بمقتضى السند التنفيذي، من مجال التصور إلى مجال التحقيق العملي، فھو يشكل الاتصال بين القاعدة والواقع، لأنه لا ينفع التكلم عن حق لا نفاذ له.
يلاحظ أن تنفيذ المدين لإلتزامه يكون اختياريا، بدون تدخل من السلطة العامة، أي امتثالا إلى عنصر المديونية، لكن قد يحدث أن يرفض المدين التنفيذ الاختياري، وھذا طبيعي بالنظر إلى غلبة الطابع الإنساني على سلوكه وتصرفاته، وھو ما يفرض التنفيذ عليه قسرا، في ھذا الصدد ألزم المشرع المغربي اللجوء إلى القضاء، بالإجراءات التي رسمھا القانون، والتي تقوم في جوھرھا على مبدأ المواجھة، للحصول على سند قضائي يؤكد ثبوت الحق المدعى به، فلا يقتصر دور القضاء في الدولة الحديثة على مجرد إصدار حكم يؤكد حق الدائن، بل يمتد إلى تنفيذه، مستھدفا تغيير الواقع العملي وجعله متالئما مع ھذا الحكم أو أي سند تنفيذي آخر يتبلور فيه حق الدائن، ومنح ھذا الحكم الصادر بشأنه قوة التنفيذ.
يعد الحجز التنفيذي على العقار، وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري على المدين، تمكن الدائن سواء كان عاديا أو مستفيدا من ضمان عيني، من وضع عقارات مملوكة لمدينه أو لغيره بين يدي القضاء، مع تخويله حق التتبع والأولوية في استيفاء حقه من ثمار بيعھا بالمزاد العلني.
وقد نظم المشرع المغربي القواعد المتعلقة بالتنفيذ الجبري لأحكام، وكذا قواعد وإجراءات حجز المنقولات والعقارات، في البابين الثالث والرابع من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية، والمعنون بطرق التنفيذ، حيث وضح بكيفية دقيقة الإجراءات التي يتعين اتباعھا في كل مرحلة من مراحل التنفيذ.
يعتبر رفع الحجز التنفيذي الواقع على العقار آلية إجرائية أقرھا المشرع وأرستھا الممارسة القضائية، تعطي للقاضي مكنة إصدار أمر أو حكم برفع الحجز كليا أو جزئيا، إذا ثبت له من الظروف والمالبسات أن موجبات الحجز قد زالت أو كانت غير مبررة أساسا لإيقاعه، أو كلما ظھرت وقائع جديدة تشكل ضررا للمنفذ عليه.
وتنبع أھمية دراسة موضوع رفع الحجز التنفيذي على العقار، من الھدف المتوخى من الإجراء نفسه من جھة، وقلة الاھتمام التشريعي به من جھة ثانية.
ولمحاولة تناول موضوع ھذا البحث وسبر أغواره، آثرت طرح
الإشكالية التالية:
ما مدى فعالية رفع الحجز التنفيذي العقاري في تكريس الحماية المخولة للمدين المنفذ عليه ؟
فمعالجة الموضوع ستتم في ضوء ھذه المناھج وغيرھا، مما
تقتضيه الضرورة، وذلك وفقا للخطة المنھجية التالية: